تحول استراتيجي في الحرب.. أوكرانيا تكشف عن أكبر عمليتها ضد روسيا

شهدت روسيا الاتحادية خلال هذا الأسبوع تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق على أراضيها، حيث تعرضت أربع قواعد جوية روسية لهجمات متزامنة بطائرات مسيرة متقدمة، مما أسفر عن خسائر فادحة وتداعيات استراتيجية محتملة.

وفي هذا الصدد، نفذت أوكرانيا عملية عسكرية نوعية وغير مسبوقة داخل العمق الروسي، أُطلق عليها اسم "شبكة العنكبوت" (Spiderweb) وذلك الأحد في 1 يونيو 2025.
تفيد التقارير الواردة بأن الهجمات أسفرت عن تدمير وإلحاق أضرار بعشرات الطائرات الحربية الروسية وهي رابضة في مطاراتها.
استهدفت هذه العملية خمس قواعد جوية روسية استراتيجية تقع على بعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأوكرانية، وأسفرت عن تدمير أو إتلاف أكثر من 40 طائرة عسكرية، بما في ذلك قاذفات نووية من طراز Tu-95 وTu-22، وطائرات الإنذار المبكر A-50.
الأكثر خطورة هو أن من بين الطائرات المتضررة كانت هناك قاذفات وطائرات حربية نووية استراتيجية، مما يرفع من مستوى التوتر ويعمق من خطورة الموقف.

تفاصيل العملية
تعد الجهة المنفذة هي جهاز الأمن الأوكراني (SBU) بالتنسيق مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وقد بلغ مدة التخطيط لهذه العملية نحو 18 شهرًا من التحضير السري الدقيق بحسب ما أعلنته الإدارة الأوكرانية.
وتمت طريقة التنفيذ من خلال تهريب طائرات مسيّرة صغيرة من نوع FPV إلى داخل روسيا، حيث أُخفيت داخل شاحنات ومنازل متنقلة، عند لحظة التنفيذ، أُطلقت هذه الطائرات عن بُعد من مواقع قريبة من القواعد الجوية المستهدفة .
وتُشير المعلومات المتوفرة إلى أن الطائرات المسيرة التي نفذت الهجوم لم يتم اكتشافها إلا بعد دخولها الأراضي الروسية بوسائل مبتكرة.

ويُعتقد أن هذه الطائرات كانت مخبأة داخل شاحنات نقل عادية دخلت روسيا دون إثارة الشبهات، حيث تم الكشف عن أجهزة إلكترونية سرية داخل هذه الشاحنات.
وفجأة، ومن خلال آليات أوتوماتيكية، انفتحت أجزاء خفية داخل هذه الشاحنات لتطلق مجموعات من الطائرات المسيرة شديدة التطور.
تتميز هذه الطائرات المسيرة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وربطها المباشر بالأقمار الصناعية، مما يمكنها من تحديد أهدافها وتدميرها بشكل ذاتي ودون تدخل بشري مباشر.
وقد توجهت هذه المسيرات على الفور إلى القواعد الجوية المستهدفة، ومن أبرزها قاعدتا "دياغيليفو" و"أولينيا"، المعروفة باحتوائها على قاذفات نووية وغواصات استراتيجية.
وقد نفذت المسيرات ضرباتها بدقة عالية، مما أدى إلى اشتعال النيران في الطائرات الروسية في غضون ثوانٍ.

حجم الخسائر والتداعيات المحتملة
الخسائر المادية جراء هذه الهجمات تقدر بمليارات الدولارات، نظرًا لقيمة الطائرات الحربية التي تم تدميرها.
ومع ذلك، فإن الأثر الأكبر يكمن في الخسائر العسكرية والاستراتيجية؛ حيث تم تدمير أصول جوية حيوية داخل العمق الروسي، مما يشكل إحراجًا بالغًا للقدرات الدفاعية الروسية ويكشف عن نقاط ضعف محتملة في أمنها القومي.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، وتثير تساؤلات جدية حول فعالية الأنظمة الدفاعية الروسية.
وقد أدت هذه الأحداث إلى ردود فعل فورية على أعلى المستويات في روسيا.
وتفيد التقارير بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد عقد اجتماعات طارئة مع القيادات العسكرية، ويُتوقع أن يكون هناك رد فعل روسي قوي ومحتمل، بما في ذلك إمكانية استخدام أسلحة ذات قدرة تدميرية أكبر.
الأهداف المستهدفة هي قواعد جوية في مناطق إيركوتسك، مورمانسك، ريازان، إيفانوفو، وأمور.
الخسائر الروسية
وفقًا لأوكرانيا، تم تدمير أو إتلاف 41 طائرة عسكرية، أي ما يعادل 34% من أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية، بتكلفة تقديرية تصل إلى 7 مليارات دولار أمريكي .

الأبعاد الاستراتيجية
الاختراق العميق: تُعد هذه العملية أعمق ضربة تنفذها أوكرانيا داخل الأراضي الروسية منذ بدء الحرب، مما يُظهر تطورًا كبيرًا في قدراتها الاستخباراتية واللوجستية.
التكتيك الجديد: استخدام طائرات مسيّرة مخفية داخل شاحنات يُمثل تحولًا في أساليب الحرب، حيث يُمكن تنفيذ ضربات دقيقة دون الحاجة إلى إطلاقها من الأراضي الأوكرانية.
الرد الروسي: وصفت وزارة الدفاع الروسية الهجمات بأنها "إرهابية"، وأكدت وقوع أضرار في الطائرات دون تسجيل خسائر بشرية. كما أطلقت روسيا هجومًا مضادًا باستخدام طائرات مسيّرة استهدف مناطق في شرق أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا .
التوقيت والسياق السياسي
محادثات السلام، جاءت العملية قبل أيام من محادثات السلام المقررة في إسطنبول، حيث تسعى أوكرانيا إلى التفاوض على وقف إطلاق نار شامل، وتبادل الأسرى، وإعادة الأطفال المختطفين، دون تقديم تنازلات تتعلق بالسيادة أو الاعتراف بالمناطق التي ضمتها روسيا .
الضغط الدولي، وتُشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على الجانبين لإنهاء الحرب، مما يضيف بُعدًا دوليًا إلى العملية وتداعياتها.
ردود الفعل والتداعيات
الداخل الروسي: أثارت العملية صدمة في الأوساط الروسية، حيث وصفها بعض المعلقين بأنها "بيرل هاربر الروسية"، ودعوا إلى ردود فعل قوية، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية .
الداخل الأوكراني: احتفى الرئيس زيلينسكي بالعملية، واعتبرها إنجازًا تاريخيًا يُظهر قدرة أوكرانيا على الردع والهجوم في العمق الروسي.
تمثل عملية "شبكة العنكبوت" تحولًا نوعيًا في الصراع بين أوكرانيا وروسيا، حيث أظهرت أوكرانيا قدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة ومعقدة داخل الأراضي الروسية، مما يُعيد رسم ملامح الحرب ويزيد من الضغوط على موسكو في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات.