عقب توافق شبه كامل .. هل ينجح" ويتكوف" في إنهاء حرب غزة؟

وسط التصعيد المستمر وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال في قطاع غزة، وتزايد الضغوط الإقليمية والدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم ومعاناة المدنيين، عاد الأمل مجددًا مع تزايد احتمالات التوصل إلى تحقيق اختراق بين حركة "حماس" وإسرائيل، وذلك بعد طرح مقترح جديد للتهدئة من قِبل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وقد بلغت المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة منعطفًا جديدًا في سبيل بلورة اتفاق لإطلاق سراح بعض المحتجزين مقابل وقف مؤقت للقتال لمدة شهرين، رغم تضارب التصريحات من المفاوضين الأمريكيين والفلسطينيين حركة حماس وحكومة نتنياهو، بالتزامن مع تعثر وفشل محتمل لخطة الاحتلال لتوزيع المساعدات الإنسانية بدعم أمريكي، وتصاعد الغضب الدولي من سلوك حكومة اليمين المتطرف في تجويع الفلسطينيين، واستخدام الغذاء كسلاح لفرض تهجير الغزيين.
وجاء هذا المقترح بعد أسابيع من مفاوضات مكثفة قادها ويتكوف بين الطرفين، شملت لقاءات مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين في واشنطن، واجتماعات غير مباشرة مع قيادات حركة "حماس" في الدوحة، جرت عبر رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح.

موافقة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على المقترح الجديد
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية موافقة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على المقترح الجديد الذي قدمه المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس"، وسط تحركات دبلوماسية متسارعة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية، إن نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة بموافقة حكومته على "مخطط ويتكوف"، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن إسرائيل "لن تنسحب من غزة قبل استعادة جميع الأسرى".
"مخطط ويتكوف"
ويتضمن المقترح وقفًا لإطلاق النار لمدة 60 يومًا في قطاع غزة، يتم خلاله الإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثمانًا على مرحلتين.
وفي المقابل، تطلق إسرائيل سراح 1,236 معتقلًا فلسطينيا، وتسلم جثامين 180 شهيدًا فلسطينيًا، بينما يلتزم الطرفان، وفق الوثيقة، بالدخول في مفاوضات حول هدنة دائمة.
ويفرض المقترح إعادة انتشار قوات الاحتلال في شمال غزة وممر نتساريم منذ اليوم الأول للاتفاق، على أن تمتد هذه العملية إلى جنوب القطاع في اليوم السابع، مع خرائط يتم التفاوض حولها لاحقًا.
ولم يحدد المقترح إلى أين ستنسحب القوات الإسرائيلية، في وقت تقول فيه الأمم المتحدة إن أكثر من 80% من قطاع غزة يُعتبر "منطقة عسكرية إسرائيلية".

ويُلزم المقترح "حماس" بتقديم معلومات عن حالة بقية الأسرى الإسرائيليين بحوزتها بحلول اليوم العاشر من بدء تنفيذ الاتفاق. وسيكون كل من الولايات المتحدة وقطر ومصر أطرافًا ضامنة لهذا الاتفاق.
كانت تقارير أفادت بأن حماس وإسرائيل توصلتا إلى توافق مبدئي بشأن هدنة تستمر لمدة 60 يومًا في غزة، متوقعةً إعلان الرئيس ترامب خلال الساعات المقبلة تفاصيل الهدنة.
من جانبه، كشف مصدر قيادي في حركة حماس أن ما بثته بعض وسائل الإعلام بشأن موقف الحركة من المقترح الأخير غير صحيح، مشيرا إلى أن الحركة ما زالت تدرس المقترح بمسؤولية وطنية، مشددة على أنها تجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية حول تفاصيله، بما يضمن تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وصولًا إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
إحراز بعض التقدم في المفاوضات بشأن غزة
وبالرغم تأكيد الوسيط المصري والرئيس الأمريكي إحراز بعض التقدم في المفاوضات بشأن غزة، أثار إعلان حركة حماس موافقتها على مقترح (معدَّل) لمبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف حالة من التضارب حول مسار المفاوضات، وما قد تُفضي إليه، قبل أن تعيد وسائل الإعلام الإسرائيلية طرح صيغة شبيهة للمقترح الذي وافقت عليه الحركة، وهو ما يمكن استعراضه على النحو التالي:
ورغم الحديث عن تقدم بالمفاوضات، قدَّمت الإدارة الأمريكية وحركة حماس تصريحات متضاربة بشأن موافقة الحركة على مقترح للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عبر قناة المفاوضات المباشرة بواسطة رجل الأعمال الأمريكي الفلسطيني بشارة بحبح، يقضي بالإفراج عن 10 محتجزين أحياء على دفعتين مقابل 60 يومًا من الهدنة، وتتضمن تعهدًا أمريكيًا بوقف الحرب نهائيًا وبإعلان الرئيس دونالد ترامب صيغة الاتفاق أو تتويجه بمصافحة بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وكبير مفاوضي حماس خليل الحية.
وفي حين أعلنت الحركة عبر قناة الأقصى في 26 مايو 2025 موافقتها على المقترح، وأنها بانتظار الموقف الإسرائيلي، نقل موقع "أكسيوس" في نفس اليوم عن ويتكوف شعوره بالإحباط من حركة حماس معتبرًا سلوك الحركة بـ"غير المقبول"، مضيفًا أن الحركة لم تتلق مقترحًا جديدًا مختلفًا عن المقترح الذي توافق عليه إسرائيل ويشمل الإفراج عن 10 محتجزين أحياء و19 جثة مقابل هدنة تتراوح بين 45 و60 يومًا.
وفي 29 مايو، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مصدر إسرائيلي صيغة إطار تفاوضي جديد لويتكوف يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا وإطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء و18 جثة على دفعتين وانسحاب جيش الاحتلال من المناطق التي احتلها بعد استئناف القتال منتصف مارس 2025، إلى جانب تولي الأمم المتحدة توزيع المساعدات الإنسانية.
منذ أيام الحرب الأولى، تلعب التسريبات الإعلامية دورًا رئيسيًا في إدارة المفاوضات من الجانب الإسرائيلي على وجه التحديد، وهو موقف بات ينسحب على الجانب الأمريكي كذلك، إذ تناولت وسائل الإعلام العبرية صيغة مختلفة من مقترح ويتكوف المعدل في بنود تتعلق بأعداد المحتجزين المفرج عنهم وآلية إدخال المساعدات وإنهاء الحرب؛ ففي حين يشير المقترح المنشور باللغة العربية إلى انخراط الطرفين في المفاوضات بحسن نية حتى التوصل لاتفاق نهائي و"حل دائم للصراع"، توعد نتنياهو في لقاء متلفز مع عائلات المحتجزين في 29 مايو 2025 بمواصلة القتال حتى القضاء على حركة حماس.
ويبدو أن زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية ورئيس وفد التفاوض الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن في 27 مايو 2025، كانت العامل الأساسي في إخراج المقترح بصيغته الجديدة بتعديلات إسرائيلية، وهو ما أفرز المقترح الجديد الذي وافقت عليه إسرائيل مباشرة وأعقبها تصريحات من حركة حماس تشدد على الخطوط العريضة المتمثلة في تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني وإرساء وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، كما أشار مسؤول بحماس في تصريحات لوكالة "رويترز" في 30 مايو 2025 أنّ الحركة تلقت ردًا إسرائيليًا على المقترح يرسِّخ لاحتلال القطاع ولا يلبي المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني.

ووسط تصعيد لم يتوقف وحرب إبادة جماعية لم يشهدها العالم من قبل، هل يستطيع ويتكوف إيقاف نزيف الدماء في قطاع غزة .