هل يتأثر المشهد في الشرق الأوسط عقب انسحاب حاملة الطائرات ترومان؟

منذ أواخر عام 2024 وحتى أوائل عام 2025، لعبت حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس هاري إس. ترومان" (USS Harry S. Truman) دورًا محوريًا في العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر، ضمن إطار عملية "حارس الازدهار" (Operation Prosperity Guardian)، التي تهدف إلى حماية الملاحة البحرية من تهديدات الحوثيين في اليمن.

وقد أثار انسحاب الحاملة من المنطقة في فبراير 2025 تساؤلات حول تأثير ذلك على التوازنات الأمنية في الشرق الأوسط .
الانتشار والمهام العملياتية
دخلت "هاري ترومان" منطقة عمليات الأسطول الخامس الأمريكي في 14 ديسمبر 2024، برفقة مجموعة ضاربة شملت الطراد "يو إس إس جيتيسبيرغ" (USS Gettysburg) والمدمرتين "يو إس إس ستاوت" (USS Stout) و"يو إس إس جيسون دونهام" (USS Jason Dunham)، بالإضافة إلى جناح الطيران الجوي الأول (Carrier Air Wing 1) المكون من تسع أسراب جوية. تمركزت المجموعة في البحر الأحمر لمواجهة التهديدات الحوثية للملاحة الدولية.

و منذ منتصف مارس 2025، شاركت الحاملة في عمليات جوية مكثفة ضد مواقع الحوثيين في اليمن، ضمن حملة "رايدرز روف" (Operation Rough Rider)، بهدف تقليص قدرات الحوثيين على استهداف السفن. واجهت الحاملة تحديات كبيرة .
تحديات واجهت حاملة الطائرات هاري ترومان
هجمات حوثية: تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ، مما أدى إلى فقدان طائرة F/A-18E Super Hornet أثناء مناورة لتجنب نيران الحوثيين، وإصابة أحد البحارة .
حوادث بحرية: في فبراير 2025، اصطدمت الحاملة بسفينة تجارية قرب مصر، مما استدعى توقفًا لإجراء إصلاحات .

وقد واجهت "هاري ترومان" عدة تحديات خلال انتشارها، أبرزها:
حادثة إطلاق نار صديقة: في ديسمبر 2024، أُسقطت طائرة F/A-18 Super Hornet تابعة للحاملة عن طريق الخطأ من قبل الطراد "يو إس إس جيتيسبيرغ"، مما أدى إلى نجاة الطيارين دون إصابات.
اصطدام بسفينة تجارية: في فبراير 2025، اصطدمت الحاملة بالسفينة التجارية "بيشيكتاش-إم" (Besiktas-M) قرب ميناء بورسعيد المصري، مما ألحق أضرارًا سطحية بالحاملة دون وقوع إصابات.
خسارة طائرة أثناء المناورة: في أبريل 2025، فقدت الحاملة طائرة F/A-18E أثناء محاولة تجنب هجوم صاروخي حوثي، حيث سقطت الطائرة في البحر وأُصيب أحد البحارة.
وخلال فترة انتشارها، نفذت "هاري ترومان" أكثر من 5,500 طلعة جوية، استهدفت من خلالها مواقع حوثية في اليمن، بما في ذلك مراكز قيادة ومنصات إطلاق صواريخ ومخازن أسلحة. كما شاركت في ضربات ضد أهداف لتنظيم "داعش" في شمال شرق الصومال، بالتنسيق مع القيادة الأمريكية في أفريقيا.

الانسحاب والتداعيات
وقد غادرت "هاري ترومان" البحر الأحمر متجهة إلى قاعدة "سودا باي" في جزيرة كريت اليونانية لإجراء صيانة دورية. جاء هذا الانسحاب بعد 50 يومًا من العمليات المكثفة، تزامنًا مع هدنة مؤقتة بين الحوثيين والتحالف بقيادة الولايات المتحدة.
أثار انسحاب الحاملة مخاوف من فراغ أمني في البحر الأحمر، خاصة مع استمرار التهديدات الحوثية للملاحة الدولية. ورغم بقاء بعض المدمرات الأمريكية في المنطقة، إلا أن غياب حاملة طائرات قلل من القدرة على الردع السريع والفعال.
وفي مايو 2025، وبعد وساطة عمانية، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين الولايات المتحدة والحوثيين، أدى إلى سحب الحاملة من البحر الأحمر دون استبدالها .
التأثيرات المحتملة
فراغ أمني: أثار الانسحاب مخاوف من فراغ أمني قد تستغله جماعات مسلحة أخرى، خاصة مع استمرار الحوثيين في استهداف مصالح إسرائيلية .
تراجع النفوذ الأمريكي: اعتبر البعض الانسحاب تراجعًا في النفوذ الأمريكي، مما قد يشجع خصوم الولايات المتحدة في المنطقة .
البعد الاستراتيجي
أهمية التنسيق الدولي: أظهرت العملية الحاجة لتعاون دولي أوسع لضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر.
التحديات اللوجستية: كشفت الحوادث عن تحديات في العمليات البحرية المعقدة، خاصة في مناطق النزاع.
التوازن بين الردع والدبلوماسية: أبرز الانسحاب أهمية الموازنة بين القوة العسكرية والجهود الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار.
مثلت عملية "هاري إس. ترومان" في البحر الأحمر جهدًا أمريكيًا لتعزيز الأمن البحري، لكنها واجهت تحديات كبيرة أدت إلى انسحابها.
هذا الانسحاب يسلط الضوء على تعقيدات التوازن بين الردع العسكري والدبلوماسية في منطقة الشرق الأوسط المتقلبة.