مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

إنهاء العقوبات على سوريا واستثمارات موسعة.. أبرز ما تم في زيارة ترامب للسعودية

نشر
الأمصار

في خطاب حافل بالتصريحات السياسية، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض، حزمة مواقف مفصلية، تمثل تحولات واضحة في السياسة الأمريكية تجاه ملفات ساخنة بالشرق الأوسط، بدءًا من رفع العقوبات عن سوريا، ومرورًا بفتح الباب أمام إيران، وصولًا إلى رسائل حادة لحزب الله والحوثي، وتأمين حلفاء واشنطن في المنطقة.

التقرير التالي يرصد أبرز ما جاء في خطاب ترامب وتداعياته السياسية على الساحة الإقليمية والدولية:

 

العقوبات على سوريا.. بوابة العودة؟

في مفاجأة غير متوقعة، أعلن ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشيرًا إلى أن بلاده قررت «منح السوريين فرصة جديدة»، في إشارة إلى التحولات التي قد يشهدها المشهد السوري خلال المرحلة المقبلة.

وقال الرئيس الأمريكي: "سوريا شهدت الكثير من البؤس، وهناك حكومة جديدة نأمل أن تنجح في تحقيق الاستقرار"، دون أن يوضح ما إذا كانت العقوبات سترفع تدريجيًا أو دفعة واحدة.

وتحمل هذه الخطوة دلالات عميقة، حيث قد تمثل بداية إعادة دمج دمشق في المشهد السياسي الدولي، بعد سنوات من العزلة والعقوبات الغربية.

 

الهجوم على حزب الله.. والانتقاد للحوثيين

لم يخفِ ترامب نبرته الحادة تجاه وكلاء إيران، حيث وصف حزب الله بأنه «نهب الدولة اللبنانية وجلب البؤس إلى لبنان»، موجهًا انتقادات لاذعة لطريقة تعامله مع الدولة اللبنانية واستغلاله للمؤسسات الرسمية.

أما الحوثيون، فلم يسلموا أيضًا من الانتقاد، إذ اعتبر ترامب قرار إدارة بايدن السابق برفعهم من قوائم الإرهاب "خاطئًا"، لكنه عاد ليشير إلى وجود تقدم ملموس في الملف اليمني، مؤكدًا أن الحوثيين وافقوا مؤخرًا على وقف استهداف السفن مقابل وقف الهجمات الأمريكية، في ما يبدو أنه تفاهم ضمني نحو تهدئة حذرة.

إيران.. عرض محدود الزمن

 

رغم انتقاداته الشديدة لإيران ووصفه لها بأنها «أكبر قوة مدمّرة في الشرق الأوسط»، فإن ترامب فتح الباب أمام التفاوض معها، قائلاً: "أريد عقد صفقة مع إيران ليصبح العالم أكثر أمنًا"، لكنه شدد على أن هذا العرض لن يستمر إلى الأبد.

وأكد أنه في حال رفضت طهران، فإن واشنطن ستعود إلى سياسة "الضغط الأقصى"، والتي تشمل تصفير صادرات النفط الإيراني.

وقال ترامب: "على إيران أن تختار.. العرض الحالي لن يظل مفتوحًا إلى الأبد"، في رسالة واضحة بأن التفاوض له سقف زمني وخيارات محددة.

 

السلام أولًا.. والدعم الكامل للحلفاء

أكد ترامب تمسكه بسياسة السلام، مشددًا على رفضه للحروب بقوله: "لا أحب الحروب.. وأفخر باتفاقات إبراهيم التاريخية"، معربًا عن أمله في أن تنضم السعودية إليها قريبًا.

وأضاف: "أتمنى أن يكون هذا اليوم قريبًا.. وسأكون مكرمًا بكل من سعى للسلام في الشرق الأوسط"، مشيدًا بدور المملكة في التحولات السياسية والدينية، وقدرتها على صنع الاستقرار بالمنطقة.

وشدد على أن الرؤية الأمريكية للمنطقة تقوم على "الازدهار لا الفوضى، وتصدير التكنولوجيا لا الإرهاب"، داعيًا إلى أن يُعرف الشرق الأوسط بالتجارة لا الحروب.

 

 

قوة لأجل السلام.. لا للقتل والحروب

في رسالة مزدوجة، أكد ترامب أن القوة العسكرية الأمريكية ستُستخدم لإحلال السلام لا لنشر الفوضى، وقال: "نستخدم قوتنا لإحلال السلام.. ونؤمن بالسلام عن طريق القوة".

وأضاف: "لن نتورط في أي حرب، وعلى القتل أن يتوقف"، مشددًا على استعداده الكامل لاستخدام القوة للدفاع عن السعودية، مؤكدًا أن "من يهدد أمريكا أو شركاءها سيواجه بالقوة".

هذه التصريحات تأتي في ظل سعي أمريكي واضح لإعادة تموضع الدور العسكري في الشرق الأوسط بعيدًا عن الانخراط المباشر في النزاعات، مع الإبقاء على الردع العسكري كخيار متاح.

 

لقاء مرتقب مع الرئيس السوري

وفي تطور لافت، كشف مسؤول في البيت الأبيض عن لقاء مرتقب بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقد.

اللقاء، الذي لم تُكشف تفاصيله حتى الآن، قد يحمل في طياته تحولًا جذريًا في مسار العلاقات الأمريكية-السورية، وقد يكون مقدمة لمرحلة جديدة من الحوار والانفتاح السياسي، خاصة في ظل رفع العقوبات.


ترامب يرسم خريطة جديدة للمنطقة

من خلال خطابه، بدا واضحًا أن ترامب يسعى إلى إعادة رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط، عبر فتح قنوات تفاوضية جديدة، وتصفير النزاعات، وتعزيز دور الحلفاء الإقليميين، وعلى رأسهم السعودية.

كما أرسل إشارات إيجابية تجاه التحالفات الإقليمية والاقتصادية، مؤكدًا أن الاستقرار يبدأ من التنمية، وأن واشنطن تسعى إلى أن تكون شريكًا في بناء شرق أوسط مزدهر وسلمي، بعيد عن دوامات الحرب والإرهاب.

خطاب ترامب في الرياض لم يكن مجرد كلمات في منتدى اقتصادي، بل حمل دلالات استراتيجية كبيرة، قد تمهّد لتحول شامل في المقاربة الأمريكية للمنطقة.

بين دعم الحلفاء، والتفاهمات الممكنة مع الخصوم، وبوادر إعادة فتح الأبواب مع دمشق وطهران، تتضح معالم سياسة جديدة عنوانها: "السلام مقابل القوة، والفرص بدل العقوبات".

ويبقى السؤال: هل تترجم هذه الرسائل إلى تحركات حقيقية على الأرض؟ أم أن الأجندة الأمريكية ستتأرجح مجددًا بين الواقعية السياسية والمصالح الاقتصادية؟ الإجابة ستتضح في قادم الأيام، لكن المؤكد أن الشرق الأوسط مقبل على تغيّرات جذرية.