علاقات وطيدة بين مصر واليونان تمتد جذورها لقرون من التبادل الحضاري والتجاري

إلى ما قبل الميلاد بنحو 300 عام.. نشأت أقدم العلاقات الوطيدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط بين مصر واليونان، والتي تمتد جذورها إلى قرون من التبادل الحضاري والثقافي.

حيث تعود العلاقات بين البلدين إلى زمن بعيد كنتيجة لتعايشهما داخل نفس المنطقة الجغرافية الاستراتيجية، وتجربتهما التاريخية المشتركة.
ونظرًا أيضًا لوجود مجتمع يوناني كبير في مصر لسنوات عديدة، ويتمتع البلدان بتعاون وثيق على مستوى متعدد الأطراف فى سياق المنظمات الدولية وفى إطار الشراكة الأور ومتوسطية، وعلى المستوى الثنائي ووفقًا لاتفاقية تم توقيعها في عام 1998.
وعلى كافة الأصعدة والمجالات، تجمع مصر واليونان علاقات ثنائية متبادلة، حيث شهدت العلاقات بينهم نقلة نوعية على مختلف الأصعدة السياسية، الاقتصادية والثقافية وأصبحت نموذجًا يحتذى به في التعاون الثنائي لمصلحة الشعبين، وتعزيز الاستفادة من الثروات الطبيعية في شرق المتوسط وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة وتحظى علاقات مصر واليونان، بخصوصية كبيرة، لا لأنها تضرب بجذورها في أعماق الحضارة الإنسانية فحسب، بل كونها تمثل - على مدار عقود - نموذجًا للترابط والتعايش بين الثقافات والأديان والتعاون الاستراتيجي في منطقة شرق المتوسط.
وعند النظر على العلاقات بين البلدين في عدة مجالات:
العلاقات السياسية
تتميز العلاقات بين البلدين بالتنسيق المستمر والتفاهم المشترك حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وذلك منذ تولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم فى مصر عام 2014، لتتوالى الزيارات الرئاسية والدبلوماسية بين البلدين، سواء بشكل ثنائى أو فى إطار القمم الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، التى تستضيفها الدول الثلاث بالتناوب.
وفي القمة العاشرة لهذه الآلية، التي عُقدت في القاهرة، أكد الرئيس السيسي أن التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث يُعد «خطوة استراتيجية حيوية»، مشيرًا إلى أهمية مشروعات الربط الكهربائي وتصدير الغاز الطبيعي، فضلاً عن التعاون في مجالات السياحة، والتعليم، والبحث العلمي.
كما يتشارك البلدان رؤى متقاربة بشأن قضايا الشرق الأوسط، والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية، حيث أكد الرئيس السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، ضرورة التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، وتقديم الدعم الإنساني اللازم، وأهمية دعم المسار السياسي فى ليبيا وإجراء الانتخابات، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
العلاقات الاقتصادية والتجارية
وفي المجال الاقتصادي، شهدت العلاقات بين البلدين نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 4 مليارات دولار، بواقع 3 مليارات دولار صادرات مصر إلى اليونان، ومليار دولار واردات مصر من اليونان، وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 85% خلال الفترة من 2014 وحتى 2021
وتحتل اليونان المركز الـ11 بين دول الاتحاد الأوروبي في الاستثمار المباشر في مصر، باستثمارات تبلغ 255 مليون دولار موزعة على 215 مشروعًا تشمل مجالات التمويل والصناعة والخدمات والإنشاءات والسياحة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
-مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان
من المقرر أن ينقل مشروع “GREGY Green Energy Interconnector” عبر كابل بحرى يربط مصر بالبر الرئيسى لليونان، 3 ميجاوات من الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة المصرية. وسيتم استهلاك جزء منه من قبل الأسر والصناعة اليونانية، وسيتم تحويل جزء آخر إلى الدول الأوروبية المجاورة. إنه مشروع ذو أهمية حيوية شجعته الحكومة اليونانية منذ البداية وعملت على إدراجه فى قوائم PCI/PMI الخاصة بالاتحاد الأوروبي؛ وهو المشروع الذى يحظى بالدعم الكامل من الحكومة المصرية والمفوضية الأوروبية أيضا.
-وفى أحدث التطورات الإيجابية تم إدراج المشروع فى قائمة PMI، وهو الأمر الذى نأمل أن يتم الانتهاء منه فى وقت لاحق من هذا العام. علاوة على ذلك ونظرا لأن الكابل سينقل الطاقة النظيفة فإن هذا المشروع مهم للغاية أيضا من الناحية البيئية.
-في أغسطس 2020، وقّع البلدان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة البحر المتوسط، وتمكين البلدين من الاستفادة من الثروات الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما.
-كما يشارك البلدان في منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يهدف إلى تطوير التعاون في مجال الغاز الطبيعي واستغلال الموارد بشكل أمثل.
العلاقات الثقافية
تربط بين الشعبين المصري واليوناني علاقات ثقافية وتاريخية عميقة، تعود إلى وجود جالية يونانية كبيرة في مصر منذ القرن التاسع عشر. ويستمر التعاون الثقافي من خلال تبادل الفعاليات والمعارض والبرامج التعليمية، مما يعزز من التفاهم والتقارب بين الشعبين، بالإضافة إلى ذلك هناك تعاون وتبادل سياحي ضخم بين البلدين، حيث تزخر مصر واليونان بمصادر سياحية غنية ومذهلة. والتعاون في هذا المجال، سواء من خلال الترويج المشترك للمقاصد السياحية، أو تعزيز السياحة الثقافية والبيئية، سيعود بالفائدة الكبيرة على شعوب البلدين.
جلسة مباحثات موسعة بين الرئيس السيسي ونظيره اليوناني
واليوم.. وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي بسلامة الله إلى العاصمة اليونانية أثينا في زيارة رسمية إلى جمهورية اليونان.

وقد التقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم بمقر رئاسة الجمهورية في أثينا، بالرئيس اليوناني كونستانتينوس تاسولاس، حيث أقيمت مراسم الإستقبال الرسمية للسيد الرئيس، وذلك في مستهل الزيارة الرسمية التي يقوم بها سيادته إلى اليونان.
وقد شهد اللقاء التأكيد على الزخم الذي تشهده العلاقات بين البلدين، والذي يتجسد في عقد الإجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان خلال الزيارة، إلى جانب التوقيع على الإعلان المشترك بشأن الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وعدد من الإتفاقيات التي تعزز التعاون في مجالات مختلفة، مما يعكس الإرادة المشتركة للإرتقاء بالعلاقات إلى مستويات أكثر عمقًا واتساعًا.
وقد أكد الرئيس السيسي خلال اللقاء على إهتمام مصر بالشراكة المتميزة التي تجمعها باليونان، والتي تمثل ركيزة قوية للتعاون الثنائي والإقليمي، وحرص مصر على تعزيز التعاون المشترك مع اليونان في المجالات الإقتصادية والتجارية والسياحية والثقافية، إلى جانب مجالات الطاقة والنقل والربط الكهربائي، خاصة مع تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان، الذي يُعد نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، ويفتح آفاقًا جديدة لنقل الطاقة الكهربائية النظيفة من مصر إلى أوروبا للمرة الأولى.
وأعرب الرئيس اليوناني من جانبه عن تقدير بلاده الكبير لمصر، مشيراً إلى حرص اليونان على تعزيز العلاقات مع مصر بما يتناسب مع حجم الشراكة القائمة بين البلدين، خاصة مع الدور المحوري الذي تضطلع به مصر في إرساء دعائم الأمن والإستقرار الإقليميين ومعالجة أزمات المنطقة، وهو ما يعكس الأهمية الإستراتيجية لمصر كشريك رئيسي للإتحاد الأوروبي.
كما تناول اللقاء كذلك القضايا الإقليمية ذات الإهتمام المشترك، وفي مقدمتها مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، وسوريا، وليبيا، واليمن، وأمن الملاحة في البحر الأحمر، إلى جانب سبل تجنب التصعيد الإقليمي وتعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تم التأكيد في هذا الصدد على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين مصر واليونان لضمان تحقيق التهدئة وإستعادة الاستقرار في المنطقة.