الاتحاد الأوروبي يخطط لحظر واردات الغاز الروسي نهائيا

بعد تأجيلها مرات عدة، يكشف الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، عن خطته لمحاولة الاستغناء عن الطاقة الروسية، وهو ما يشكل تحديا حقيقيا نظرا لأن أوروبا ما زالت تعتمد على استيراد الغاز الطبيعي المسال من روسيا.
وعلى هامش جلسة لأعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورج، سيقدم المفوض الأوروبي دان يورغنسن هذه الخطة المرتقبة بعد الظهر، بعد مناقشات استمرت عدة أشهر.
أفادت مسودة وثيقة اطلعت عليها رويترز ومن المقرر نشرها، اليوم الثلاثاء، بأن المفوضية الأوروبية ستقترح الشهر المقبل حظر إبرام صفقات غاز جديدة مع روسيا بحلول نهاية العام إلى جانب حظر الواردات بموجب العقود القائمة مع موسكو بحلول نهاية عام 2027.
كان التكتل قد حدد هدفا غير ملزم بإنهاء واردات الوقود الأحفوري من روسيا بحلول 2027 بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا خلال 2022.
وجاء في مسودة "خارطة الطريق"، التي تحدد خطط المفوضية للتخلص التدريجي من الاعتماد على الطاقة الروسية، أنه سيتم في يونيو تقديم مقترح قانوني لحظر واردات الغاز والغاز الطبيعي المسال الروسية المتبقية بموجب العقود الحالية بحلول نهاية 2027.
وأضافت المسودة، التي لا تزال قابلة للتعديل قبل نشرها، أن المفوضية ستقترح أيضا في يونيو حظر أي واردات بموجب صفقات جديدة لاستيراد الغاز الروسي والعقود الفورية بحلول نهاية 2025.
وجاء في المسودة "إذا تم تنفيذ ذلك بما يتماشى مع تطورات السوق العالمية والموردين الموثوق بهم، فمن المتوقع أن يكون للتخلص التدريجي من واردات الغاز الروسي تأثير محدود على أسعار الطاقة في أوروبا وتأمين الإمدادات".
ورفض متحدث باسم المفوضية الأوروبية التعليق بشأن المسودة.
وتحتاج المقترحات القانونية إلى موافقة البرلمان الأوروبي وأغلبية قوية من دول الاتحاد الأوربي.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شحنات الفحم والنفط الروسي المنقول بحرا، لكنه لم يفرض عقوبات على الغاز بسبب معارضة سلوفاكيا والمجر اللتين تتلقيان إمدادات روسية عبر خطوط أنابيب وتقولان إن التحول إلى موردين آخرين سيرفع أسعار الطاقة. وتتطلب العقوبات موافقة بالإجماع من جميع دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.
ولا يزال حوالي 19% من الغاز في أوروبا يأتي من روسيا، عبر خط أنابيب ترك ستريم وشحنات الغاز الطبيعي المسال.
ويقل هذا بكثير عن 40% كانت روسيا توردها إلى أوروبا قبل عام 2022. ولكن لا يزال لدى المشترين الأوروبيين عقود "استلام أو دفع" مع شركة جازبروم والتي تلزم من يرفضون استلام شحنات الغاز بسداد ثمن معظم الكميات المتعاقد عليها.
وتقيّم المفوضية الخيارات القانونية للسماح للشركات الأوروبية بفسخ عقود الغاز الروسية الحالية دون مواجهة شروط جزائية مالية.
ولم تحدد المسودة تفاصيل الإجراءات التي تعتزم بروكسل استخدامها لتحقيق ذلك. وقال محامون إنه سيكون من الصعب اللجوء إلى "القوة القاهرة" للانسحاب من هذه الصفقات، وإن المشترين قد يواجهون شروطا جزائية أو تحكيما في حال فعلوا ذلك.
وتظهر بيانات شركة ريستاد إنرجي أن المشتريات "الفورية" غير المتعاقد عليها شكلت نحو 31% من الغاز الطبيعي المسال الروسي الذي اشترته أوروبا العام الماضي.
ومع محاولتها لقطع علاقات الطاقة المستمرة منذ عقود مع روسيا، أشارت المفوضية الأوروبية إلى استعدادها لشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وهي الخطوة التي طالب بها الرئيس دونالد ترامب أوروبا كوسيلة لتقليص فائضها التجاري مع واشنطن.
وتشعر المفوضية الأوروبية بالقلق أيضا بشأن أسعار الطاقة، وتقول إن أي تدابير لتقييد واردات الطاقة الروسية يجب أن تلحق بموسكو ضررا أكبر من الاتحاد الأوروبي، ويتعين أن تأخذ في الاعتبار التأثير على تكاليف الوقود.
وتضغط الولايات المتحدة على روسيا من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، والذي إذا تم التوصل إليه قد يفتح المجال أمام واردات الطاقة الروسية ويخفف العقوبات.
وكانت المفوضية الأوروبية تخطط في الأساس لنشر خارطة الطريق الخاصة بها في شهر مارس، لكنها أرجأت ذلك لأسباب منها الضبابية المتعلقة بهذه التطورات.

فرنسا.. بوابة الدخول
وفي أروقة المفوضية، يتم الاعتراف بحساسية المناقشات بشأن موضوع الغاز الروسي، على خلفية المخاوف من ارتفاع جديد في أسعار الطاقة. ولا تخفي بعض الدول الأعضاء، مثل المجر، قربها من موسكو.
وتعتمد بعض البلدان الأوروبية على الغاز الطبيعي المسال الروسي أكثر من غيرها.
على سبيل المثال، تأتي فرنسا في المقدمة بفضل محطاتها الخمس لإعادة تحويل الغاز، بما في ذلك المحطة الموجودة في دونكيرك. وبحسب مركز أبحاث IEEFA، زادت وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي بنسبة 81% بين عامي 2023 و2024 ودفعت 2,68 مليار يورو لروسيا.
ولم يتضح بعد إذا كانت الخطة الأوروبية المقترحة تتضمن فرض حظر على الغاز المسال الروسي على المدى الطويل أو القريب.
ويقول سيمون تاليابيترا، المتخصص في القضايا الأوروبية في مركز بروغل للأبحاث، إن "هذا الخيار قد يكون من الصعب جدا تنفيذه"، لأنه يتطلب إجماع الدول السبع والعشرين.
ويضيف إنه نظرا لهذه الصعوبة، نعتقد أن فرض زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على جميع واردات الغاز الروسي (عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال) "قد تكون الخيار الأكثر قابلية للتطبيق بالنسبة للاتحاد الأوروبي".
من جانبه، يقول عضو البرلمان الأوروبي إيفان فيروغشتراتي الذي يتابع قضايا الطاقة، إن المفوضية الأوروبية بإمكانها اقتراح قانون لحظر واردات الغاز الروسي بالكامل بحلول عام 2027.
وإلى جانب الغاز المسال، سلطت المفوضية الأوروبية الضوء باستمرار على كل الجهود التي تم بذلها من أجل تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وهو ما أكدته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في نهاية أبريل في لندن عندما قالت إنه في غضون بضع سنوات، "انتقلنا من 45 % من وارداتنا من الغاز (خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال) من روسيا إلى 18 %، وانتقلنا من برميل نفط واحد من كل خمسة براميل إلى برميل واحد من كل خمسين برميلا".
وأضافت فون دير لايين التي تقول إنها لم تعد ترغب في "الاعتماد على قوة معادية في توفير إمداداتنا من الطاقة.. لكننا جميعا نعلم أن لدينا عمل كثير نقوم به".