الأشجار تنقذنا.. المساحات الخضراء تطيل عمر المدن

كشفت دراسة حديثة، الخضرة في المدن لا تحسّن المشهد فحسب، بل تُنقذ الأرواح، فزيادة المساحات الخضراء يساهم في خفض معدلات الوفاة المرتبطة بالحرارة وتحسين الصحة العامة.
وتعاني المناطق الحضرية بصورة خاصة من الحرارة المرتفعة، فيما يُعرف بـ"الجزر الحرارية الحضرية"، وهى ظاهرة تعاني فيها المناطق الحضرية من ارتفاع درجات الحرارة مقارنة بالمناطق الريفية المجاورة لها بسبب الأنشطة البشرية في المدن، ويظهر الفرق في درجة الحرارة في الليل بصورة أكبر من الفرق خلال النهار.
وترتبط الحرارة المرتفعة بارتفاع معدلات الوفيات أيضًا؛ فوفقًا لـ"منظمة الصحة العالمية" (WHO)؛ فهناك نحو 489 ألف حالة وفاة مرتبطة بالحرارة سنويًا، 36% منها في أوروبا، و48% في آسيا. وتلك معدلات تُنذر بالخطر؛ فحالات الوفاة بالحرارة تُمثل نحو 0.91% من إجمالي حالات الوفاة العالمية.
جدير بالذكر أنّ المساحات الخضراء تتمتع بكثافة سكانية لا تقل عن 1500 نسمة لكل كيلومتر مربع، ويبلغ إجمالي عدد سكانها ما يزيد عن 50 ألف نسمة.
أهمية المساحات الخضراء
وأشارت العديد من الدراسات السابقة إلى أهمية زراعة الأشجار والنباتات بصورة عامة في المناطق الحضرية لتخفيف وطأة الحرارة المرتفعة، وفي دراسة حديثة، أجرتها مجموعة بحثية دولية، لاحظ الباحثون أنّ زيادة الغطاء النباتي في المناطق الحضرية بنسبة 30%، من شأنه أن يقلل من معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة بأكثر من الثلث، وهذا يعني أنه إذا كان البشر قد اهتموا بالنباتات في المناطق الحضرية خلال العقدين الماضيين؛ كان من الممكن انقاذ ما يصل إلى 1.16 مليون شخص. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "ذا لانسيت بلانتاري هيلث" (The Lancet Planetary Health) في 30 أبريل 2025.
رصد الانخفاض في الوفيات
هدفت الدراسة إلى رصد الانخفاض في الوفيات المرتبطة بالحرارة عالميًا في الفترة ما بين عامي 2000 إلى 2019 في 11534 منطقة حضرية، قيموا الارتباط بين الحرارة والوفيات باستخدام بيانات من 830 موقعًا في 53 دولة.

خفض متوسط درجات الحرارة العالمية
أظهرت الدراسة أنّه لو كانت هناك زيادة في مستويات الغطاء النباتي في المناطق الحضرية بنسبة 10% و20% و30%؛ فهذا كان من شأنه أن يساهم في خفض متوسط درجات الحرارة العالمية خلال موسم الدفء بمقدار 0.08، 0.14، 0.19 درجة مئوية على التوالي. وكان من شأنه أيضًا أن يمنع 0.86، 1.02، 1.16 مليون حالة وفاة على التوالي، وهو يمثل: 27.16%، 32.22%، 36.66% من إجمالي الوفيات المرتبطة بالحرارة بين عامي 2000 إلى 2019.
وقدّر الباحثون الأعداد التي كان من المحتمل انقاذها في حال زيادة نسبة الغطاء النباتي 30% بين عامي 2000 إلى 2019. على سبيل المثال: أوروبا (396955)، أمريكا الشمالية (69306)، أفريقيا (35853)، آسيا (527989)، أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (123085)، أوقيانوسيا (2733)، أستراليا ونيوزيلندا (2759).
وتُعد زراعة النباتات أحد أهم استراتيجيات التخفيف من آثار التغيرات المناخية المعترف بها، لكن عدم الاهتمام بتطبيقها خاصة في المناطق الحضرية من شأنه أن يزيد المخاطر المرتبطة بالحرارة المرتفعة، بما فيها الوفاة.