الهجمات الإسرائيلية في سوريا.. تفاصيل الأيام الأخيرة من قلب دمشق

تستمر الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية تحت ذريعة حماية الطائفة الدرزية في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها، لا سيما في المناطق الجنوبية من سوريا.
لكن مع تعقد الأوضاع الميدانية والتصريحات المختلفة التي تصدر من الأطراف المعنية، تبدأ الأسئلة في التزايد: هل هي حقًا عملية إنسانية لحماية أبناء الطائفة الدرزية، أم أن هناك أهدافًا استراتيجية بعيدة المدى تسعى إسرائيل لتحقيقها؟ في هذا السياق، يتكشف الواقع المعقد لهذه الهجمات التي قد تفتح الباب أمام تصعيد أكبر في المنطقة.
حماية الطائفة الدرزية: البعد الإنساني والسياسي

تعد الطائفة الدرزية في سوريا جزءًا من المجتمع السوري، لكنهم يواجهون وضعًا معقدًا في ظل الحرب الدائرة. بينما هناك دروز في مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري، هناك آخرون يعيشون في مناطق متنازع عليها، حيث يتعرضون لهجمات من جماعات مسلحة، بما في ذلك جماعات متطرفة.
وفي هذا السياق، تسعى إسرائيل للحديث عن دورها في حماية الطائفة الدرزية، معتبرة أن الطائفة في جنوب سوريا تحت تهديد متزايد، خاصة في ظل التوسع المستمر للمجموعات المسلحة المرتبطة بإيران وحزب الله.
ومع ذلك، يتساءل البعض: هل فعلاً إسرائيل تركز على حماية الطائفة الدرزية فقط؟ أم أن هناك أهدافًا أوسع تسعى لتحقيقها، مثل تعزيز مكانتها العسكرية في المنطقة ووقف تقدم النفوذ الإيراني؟
الأهداف الإستراتيجية لإسرائيل
من الملاحظ أن الهجمات الإسرائيلية على سوريا، والتي بدأت منذ اندلاع الحرب في 2011، لم تقتصر فقط على حماية الطائفة الدرزية، بل كانت جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.
وفي السنوات الأخيرة، تمكنت إيران وحلفاؤها، بما في ذلك حزب الله، من تعزيز وجودهم العسكري في سوريا، مما دفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات استباقية لضمان عدم تحويل سوريا إلى نقطة انطلاق للعمليات العسكرية ضدها.
ومن خلال استهداف مواقع إيرانية وحزب الله، تسعى إسرائيل إلى تجنب بناء قوى معادية في المناطق القريبة من حدودها، خصوصًا في الجنوب السوري.
ولا تقتصر هذه الهجمات على تدمير الأسلحة والصواريخ، بل تشمل أيضًا استهداف المنشآت العسكرية ومراكز التدريب الإيرانية.
حالة التوتر بين سوريا وإسرائيل
الهجمات الإسرائيلية على دمشق وغيرها من المناطق السورية تؤدي إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل والنظام السوري، الذي يعتبر الهجمات تعديًا على سيادته.
وقد صرح مسؤولون سوريون أن هذه الضربات لن تؤدي إلى تقليص قدراتهم العسكرية بل ستزيد من التحدي أمامهم.
وقد استمر النظام السوري في العمل على تعزيز تحالفاته مع إيران وروسيا، ويعتبر أي تدخل خارجي في شؤونه تهديدًا مباشرًا.
وفي هذا الصدد، يرى بعض المحللين أن الهجمات الإسرائيلية تهدف أيضًا إلى تحدي جهود إيران الرامية إلى تثبيت وجودها العسكري في سوريا، الذي قد يتحول إلى تهديد استراتيجي لإسرائيل في المستقبل.
الطائفة الدرزية: بين الدعم والخوف من التدخل الإسرائيلي
في إسرائيل، تلعب الطائفة الدرزية دورًا مميزًا، حيث يشارك العديد من أفرادها في الجيش الإسرائيلي وفي بعض المؤسسات الحكومية.
وهذه العلاقة الفريدة قد تساهم في التوترات بين إسرائيل وأبناء الطائفة الدرزية في سوريا، حيث يرى بعضهم في التدخل الإسرائيلي فرصة لحمايتهم، بينما يعارض آخرون هذا التدخل خوفًا من التداعيات على وحدة سوريا.
تاريخيًا، كانت العلاقات بين إسرائيل والطائفة الدرزية حساسة. في حين أن البعض يرى أن دعم إسرائيل ضروري لحمايتهم من تهديدات الجماعات المسلحة، يرفض آخرون هذه التدخلات ويرون فيها تهديدًا لاستقلالهم الوطني والوحدة السورية.
لذلك، تبقى مواقف أبناء الطائفة الدرزية في سوريا بين التأييد والمعارضة لهذا التدخل، مما يجعل الأمر معقدًا أكثر بالنسبة لإسرائيل.
الدور الإنساني مقابل السياسة العسكرية
بالإضافة إلى الهجمات العسكرية، تقدم إسرائيل مساعدات إنسانية للمناطق التي يقطنها الدروز في سوريا، بما في ذلك إرسال فرق طبية لعلاج الجرحى وتقديم المساعدات الغذائية والطبية.
ومع ذلك، يثير توقيت هذه المساعدات شكوكًا حول نوايا إسرائيل: هل هي فعلاً خطوة إنسانية أم أنها تهدف إلى تعزيز نفوذها داخل المجتمعات الدرزية في سوريا؟
ومن جهة أخرى، يصرح بعض المسؤولين الإسرائيليين أن هذه المساعدات هي جزء من الجهود الرامية إلى تحسين العلاقات مع الطائفة الدرزية في المنطقة وتعزيز مكانتها داخل سوريا.
لكن في النهاية، تبقى هذه المساعدات محل نقاش، حيث يعتقد البعض أن إسرائيل تسعى إلى استخدام هذا الملف كأداة للضغط السياسي.
التأثير على العلاقات الإقليمية
من المهم الإشارة إلى أن الهجمات الإسرائيلية في سوريا لا تؤثر فقط على العلاقة مع النظام السوري والطائفة الدرزية، بل تساهم أيضًا في تصعيد التوترات مع القوى الإقليمية الأخرى مثل إيران وروسيا.
فإيران تعتبر الوجود الإسرائيلي في سوريا تهديدًا مباشرًا لمصالحها، بينما ترى روسيا أن تدخلات إسرائيل قد تعرقل جهودها لتحقيق استقرار طويل الأمد في سوريا.
وبناءً على ذلك، قد تسهم هذه الهجمات في فتح جبهات جديدة من الصراع في المنطقة، خاصة إذا استمرت في استهداف مواقع حساسة داخل الأراضي السورية.
الهجمات الإسرائيلية على سوريا، التي يُزعم أنها تهدف إلى حماية الطائفة الدرزية، تبدو أكثر من مجرد عمليات عسكرية موسمية، إذ تحمل في طياتها أهدافًا استراتيجية تتعلق بتقليص النفوذ الإيراني وحزب الله في المنطقة.
ومن خلال هذه الهجمات، تسعى إسرائيل إلى تعزيز أمنها القومي من خلال استهداف بنية القوى العسكرية المعادية بالقرب من حدودها.
ورغم ذلك، تبقى مسألة التدخل الإسرائيلي في سوريا موضوعًا مثيرًا للجدل، مع اختلاف المواقف بين الطائفة الدرزية في سوريا وسائر الأطراف المعنية في الصراع السوري.