مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

القمة العربية في بغداد.. ملفات ملتهبة وتوقيت حرج

نشر
الأمصار

في لحظة دقيقة من عمر المنطقة العربية، تتجه أنظار العواصم العربية نحو بغداد، التي تستعد لاستضافة القمة العربية الـ34 منتصف مايو المقبل، وسط أجواء سياسية مشحونة، وملفات شائكة تحتاج إلى قرارات موحّدة، أو على الأقل تفاهمات جزئية تعيد بعض التوازن للعلاقات البينية المتوترة.

يأتي انعقاد القمة في وقت يشهد تصاعد التوترات في غزة، وتجدد الاشتباكات في السودان، واستمرار الانقسام الليبي، فضلًا عن المسار السوري غير المستقر بعد التغيير في رأس النظام، وتباين الرؤى حول إعادة دمج سوريا في الصف العربي. 

كما تلقي بظلالها التطورات المتسارعة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مع تصاعد عمليات الحوثيين وتداعيات الحرب في أوكرانيا، والتي أثرت بدورها على سلاسل الإمداد والاقتصاد العربي.

ويمثل هذا الحدث فرصة ذهبية للعراق، الذي يسعى لتكريس صورته كدولة مستقرة وقادرة على لمّ شمل العرب، بعد سنوات من العنف والتدخلات الخارجية. 

كما ترى بغداد أن القمة قد تعزز مكانتها في ملف الوساطات الإقليمية، وخصوصًا في ظل تنسيقها النشط مع كل من السعودية وإيران، والتقارب الحذر مع تركيا وسوريا.

وتحمل أجندة القمة ملفات استراتيجية بالغة الحساسية، من أبرزها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وملف إعادة إعمار غزة، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وتعزيز الشراكة الاقتصادية العربية، بما يشمل إنشاء صناديق دعم مشترك. 

كما ستناقش القمة التهديدات الأمنية الناجمة عن الجماعات المسلحة، وعلى رأسها تنظيم داعش، الذي لا يزال يشكل خطرًا عبر الحدود بين العراق وسوريا.

في هذا السياق، تتزامن القمة مع زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى ثلاث دول خليجية رئيسية، ما يضع انعقادها بعدها مباشرة في إطار بالغ الحساسية، ويُكسب مواقف الزعماء العرب أهمية مضاعفة، خصوصًا في ظل التحولات المحتملة في علاقات واشنطن بالمنطقة.

بغداد تُعلن الجاهزية: التحضيرات اللوجيستية مكتملة

أكدت بغداد جاهزيتها التامة لاستضافة القمة العربية، حيث صرحت مصادر دبلوماسية عراقية لـ«الشرق الأوسط» أن التحضيرات اللوجيستية قد اكتملت، ولم يتم حتى الآن الإبلاغ عن أي تغيير في الموعد المحدد مسبقًا لعقد القمة.

وبحسب هذه المصادر، فإن جميع الاستعدادات التقنية والأمنية والتنظيمية قد تم الانتهاء منها، فيما تشهد العاصمة العراقية ترتيبات واسعة النطاق لتأمين الوفود المشاركة وتوفير مناخ ملائم للحوار.

زيارة وفد الجامعة العربية: تفقد الاستعدادات على الأرض

وصل وفد رفيع من الأمانة العامة للجامعة العربية، برئاسة السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد، إلى بغداد، يوم الثلاثاء، في زيارة تفقدية لمتابعة التحضيرات النهائية للقمة.

وقال مصدر حكومي عراقي للصحيفة الرسمية إن زيارة الوفد تهدف إلى "الاطلاع على التفاصيل اللوجيستية والنهائية" لعقد القمتين التنموية والعادية، المقررتين في الفترة من 12 إلى 17 مايو المقبل.

جدول الاجتماعات: من كبار المسؤولين إلى القادة

من المقرر أن تنطلق الاجتماعات التمهيدية للقمة بمشاركة كبار المسؤولين، يليهم المندوبون الدائمون، ثم وزراء التجارة، وبعدهم وزراء الخارجية العرب. وتُختتم القمة في 17 مايو بحضور القادة والزعماء.

هذا التدرج في الاجتماعات يعكس الأهمية التي توليها بغداد لترتيب النقاشات بشكل منظم، وصولًا إلى بلورة تفاهمات تُعرض على الزعماء لاعتمادها رسميًا.

موقف الجامعة العربية: الموعد ثابت

في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، شدد السفير حسام زكي على أن "الجامعة تواصل عملها مع الجانب العراقي لاستكمال الاستعدادات"، مؤكدًا أن "موعد القمة لم يتغير"، ما ينفي الشائعات حول تأجيل محتمل بسبب تطورات إقليمية.

تقاطع زمني مع زيارة ترمب للخليج

تأتي القمة بعد يوم واحد فقط من ختام زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية وقطر والإمارات بين 13 و16 مايو.

 ويُتوقع أن تُلقي هذه الزيارة بظلالها على مواقف بعض الدول العربية من الملفات الأمنية والسياسية المطروحة في القمة، خاصة تلك المتعلقة بإيران، والأزمة السورية، والعلاقات مع واشنطن.

أهداف العراق من القمة: تنسيق أمني واقتصادي

قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في مقابلة تلفزيونية مع قناة «الشرق»، إن بلاده تسعى إلى تحقيق "الحدّ الأدنى من التنسيق العربي لمواجهة التحديات الكبرى".

وأشار إلى أهمية تعزيز العمل الاقتصادي المشترك، كاشفًا عن وجود "أفكار لتأسيس صناديق مالية لمساعدة الشعوب العربية، وعلى رأسها السلطة الفلسطينية"، في ظل الأوضاع المتدهورة في الأراضي المحتلة وقطاع غزة.

الملف السوري وداعش: الأمن قبل السياسة

وحول العلاقة مع سوريا، أشار فؤاد حسين إلى أن موقعها الجغرافي وأوضاعها الأمنية لا يمكن تجاهلها، خاصة في ظل النشاط المتجدد لتنظيم داعش.

 وأضاف أن "التنظيم ما زال يسيطر على أسلحة، وأفكاره لا تزال نشطة، وتحركاته مريبة، ما يجعل من الضروري التنسيق الأمني الإقليمي، خاصة على الحدود العراقية-السورية".