رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

العلاقات الإسرائيلية السودانية.. بدأت بـ”لاءات الثلاثة” ووصلت للتطبيع

نشر
الأمصار

استضاف السودان، مؤتمر “اللاءات” الثلاثة الشهير المناهض للتطبيع مع إسرائيل عام 1967، عندما أقسمت جامعة الدول العربية، في اجتماعها في العاصمة الخرطوم، بأنه لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات معها.

وخاض السودان حربا ضد إسرائيل عامي 1948 و 1967 ووفر ملاذا لجماعات مسلحة فلسطينية،

ومع الإطاحة بالرئيس السوداني، عمر البشير، العام الماضي، وقدوم مجلس عسكري مدني انتقالي، تغيرت السياسات الأيديولوجية في السودان.

وقد دعم جنرالات السودان، المسيطرون الحقيقيون على السلطة، إقامة علاقات مع إسرائيل كوسيلة للمساعدة في رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، وفتح الباب أمام مساعدات اقتصادية يقولون إن السودان في أمس الحاجة إليه.

فترة حكم عمر البشير

حدث انقلاب عسكري في الخرطوم وأتى بالجنرال عمر البشير إلى السلطة في عام 1989.

ووجد أسامة بن لادن، ملاذا له في السودان من عام 1990 إلى عام 1996، الأمر الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة وصنفت السودان على أنها دولة رعاية للإرهاب.

وأقام السودان علاقات قوية مع إيران، حيث سمح السودان باستخدام أراضيه كمنشأة تخزين للأسلحة التي يهربها فيلق القدس الإيراني إلى حماس فى غزة.

ووفقًا للتقارير الأجنبية، منذ عام 2009 فصاعدا، رد الموساد وسلاح الجو الإسرائيلي بسلسلة من الضربات الجوية ضد قوارب وشاحنات تحمل أسلحة إيرانية ومستودعات أسلحة على الأراضي السودانية.

وفي العقد الماضي، انقلبت العلاقات بين السودان وإسرائيل، وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية الجنرال البشير، مجرم حرب، لدوره في ارتكاب أعمال إبادة جماعية في إقليم دارفور وجنوب السودان.

ورغب اللاجئون السودانيون الفارون من الفظائع في العثور على مأوى في إسرائيل، وتم التعامل معهم كطالبي لجوء فقط، ولم يتم الاعتراف بأي منهم كلاجئ،

فيما أعلن جنوب السودان استقلاله، وبدأ على الفور في شراء الأسلحة من إسرائيل، وفي مفارقة تاريخية أخرى، شرع أيضا في حرب أهلية وارتكب فظائع مشينة.

وبدأ البشير فى إيجاد لغة حوار مع إسرائيل حيث كان يأمل أن يتمكن نتنياهو والموساد من الاستفادة من النفوذ السياسي للإيباك والمنظمات اليهودية الأمريكية لتطهيره من جرائمه، وتحسين سمعته، مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ووفقا لتقارير أجنبية، فى السنوات الأخيرة من حكم البشير، التقى رئيس الموساد يوسى كوهين، مع نظيره السوداني الجنرال صلاح قوش، لإجراء مناقشات أولية حول شكل من أشكال العلاقات التجارية والدبلوماسية بين البلدين.
لكن الاضطرابات الداخلية فى السودان، وموجة المعارضة المكبوتة لحكمه وقفت في طريقه، علم الموساد أن أيام البشير في السلطة معدودة، وبالفعل تم عزله عام 2019.

بداية جديدة
مع رحيل البشير، أصبحت الظروف مواتية لنهضة العلاقات بين تل أبيب والخرطوم، ومع تطبيع العلاقات بين دول خليجية وإسرائيل،

وفي 23 أكتوبر 2020 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موافقة السودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مؤكدًا رفع السودان من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب، الأمر الذي من شأنه أن يفتح شهية المستثمرين الدوليين للدخول برؤوس أموالهم إلى البلاد.

التطبيع بين السودان وإسرائيل آتى بعد أسابيع من إعلان البيت الأبيض، عن اتفاقات سلام بين الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وإسرائيل، تُمهد وتسمحُ لهذه البلدان بتطبيع العلاقات والمضي في تبادل السفراء، وتدشين الرحلات الجوية المباشرة والتعاون في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية.

خلفيات قرار التطبيع
كانت بوادر وإشارات التطبيع، بين القيادة السودانية الجديدة قد تزايدت بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وفي مقدمتها لقاء 3 فبراير 2020 بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في العاصمة الأوغندية عنتيبي.

إلا أن رسائل وإشاراتٍ عدة، قد صدرت سابقًا عن قياداتٍ في حزب المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم في السودان 1989- 2019، تؤكد أن السودان لطالما كان ينظُر إلى خيار التطبيع مع إسرائيل باعتباره بوابة للخلاص من أزماته الداخلية والخارجية المُتراكمة، وأهم هذه المواقف ما صرح به وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، لجريدة “آخر لحظة” السودانية في منتصف يناير 2016 بأنّ بلاده يمكن أن تدرس مسألة التطبيع مع إسرائيل.