نهاية مأساوية.. باكستان تعلن انتهاء محنة القطار المخطوف

أعلنت السلطات الباكستانية، إنتهاء خطف قطار مع ركابه، وذلك بعد أن وصل عشرات الأشخاص الذين تم إنقاذهم من الأسر على يد مسلحين انفصاليين، في جنوب غرب باكستان إلى مدينة كويتا، عقب ساعات من قتل قوات الأمن لجميع المهاجمين وعددهم 33 لإنهاء مواجهة استمرت يومًا كاملًا.
وكان مسلحون تابعون لـ"جيش تحرير بلوشستان" الداعي لانفصال الإقليم عن البلاد، قد أكدوا قتلهم 50 رهينة بعد اختطاف قطار على متنه أكثر من 400 راكب، فيما ذكرت صحيفة "داون"، أنه لم يتم تأكيد عدد القتلى حتى الآن، لكن المسؤولين أعلنوا أن 10 أشخاص، بينهم 8 من أفراد الأمن، لقوا حتفهم في الاشتباكات.

عملية خطف القطار
وأوضح مسؤولو السكك الحديدية أن نحو 750 مسافرًا كانوا قد حجزوا تذاكرهم، لكن القطار غادر من كويتا حيث محطة الانطلاق، وعلى متنه نحو 450 شخصًا.
وبدأت العملية عندما فجر المسلحون خطوط السكك الحديدية، وفتحوا النار على قطار جعفر إكسبريس أثناء سفره من كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان الغني بالمعادن، إلى بيشاور في إقليم خيبر بختون خوا، واحتجزوا عدة رهائن من بين 440 راكبًا كانوا على متنه.
جماعة "جيش تحرير بلوشستان"
وأعلنت جماعة "جيش تحرير بلوشستان"، وهي الأكبر بين عدة جماعات عرقية مسلحة تحارب الحكومة الباكستانية في إقليم بلوشستان، مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 21 رهينة وأربعة من قوات الأمن.
وفي هذا الصدد، قال أرسلان يوسف، أحد الذين وصلوا إلى كويتا برفقة قوات الأمن، إن رجالًا مسلحين بقاذفات صواريخ وبنادق وأسلحة أخرى اقتحموا القطار يوم الثلاثاء وبدأوا في إطلاق النار على الناس. وأضاف يوسف أن المسلحين قسموا الركاب إلى مجموعات على أساس المنطقة التي ينحدرون منها.

وتابع يوسف خلال تصريحات له: "في بعض الأحيان أخذوا جنودًا وأعدموهم"، مشيرًا إلى ركاب من جنود الجيش الباكستاني وأفراد قوات الأمن الأخرى الذين كانوا يسافرون على القطار في عطلة.
وأسطرد يوسف: "في أوقات أخرى، استهدفوا أفرادًا بعينهم. وإذا كان لديهم ضغينة ضد شخص ما، كانوا يطلقون النار عليه على الفور".
وشارك مئات الجنود وعناصر القوات الخاصة وطائرات الهليكوبتر العسكرية في الجهود المبذولة لتحرير الرهائن. وأظهرت لقطات مصورة الرهائن الذين تم إنقاذهم يتلقون الإسعافات الأولية في محطة سكة حديد كويتا.

وأفادت وسائل إعلام بأن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف سيزور المنطقة اليوم الخميس، بعد أن ندد بالهجوم في منشور على منصة إكس يوم الثلاثاء قائلًا: إن "مثل هذه الأعمال الجبانة لن تهز عزم باكستان من أجل السلام".
وتزايدت الهجمات والصراعات في باكستان خلال السنوات الأخيرة، وخاصة بإقليمَي خيبر بختونخوا وبلوشستان على الحدود مع أفغانستان.
ويبرز اسم "جيش تحرير بلوشستان" في الهجمات التي يشهدها إقليم بلوشستان، حيث ينادي التنظيم باستقلال الإقليم عن باكستان وتولي قومية البلوش إدارته.

إدانة للحادث الدموي
وتعد عملية الاختطاف الأولى من نوعها، حيث لم يسبق للمسلحين من قبل أن يحاولوا مهاجمة قطار كامل أو أخذ ركابه رهائن.
وأدان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بشدة الحادث، وأشاد بقوات الأمن على "تحركها الفعال" وإنقاذ الركاب.
وأضاف قائلا إن "الاعتداءات على المواطنين الأبرياء والركاب هي أفعال غير إنسانية وشنيعة. وإن أولئك الذين يعتدون على الركاب يعارضون بلوشستان وتقاليدها".
وقال في بيان صادر عن الرئاسة إن "الأمة البلوشية ترفض أولئك الذين يهاجمون ويأخذون رهائن من الركاب الأبرياء والشيوخ والأطفال. لا يسمح أي دين أو مجتمع بمثل هذه الأعمال الشنيعة".
وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء أن رئيس الوزراء شهباز شريف "أشاد بقوات الأمن لصد الإرهابيين ودفعهم إلى التراجع "مضيفا أنهم سيستكملون العملية قريبا وسيقضون على الإرهابيين الجبناء".
وتابع "إن الإرهابيين الوحشيين الذين نفذوا هذا الهجوم الجبان لا يستحقون أي تنازل. إنهم أعداء تنمية بلوشستان"، مشيرا إلى أن استهداف "المسافرين الأبرياء" في شهر رمضان المبارك "دليل واضح على أن هؤلاء الإرهابيين لا علاقة لهم بدين الإسلام وباكستان وبلوشستان".

إقليم بلوشستان
ويشهد إقليم بلوشستان منذ عقود تمردًا مسلحًا تقوده جماعات انفصالية تطالب بالاستقلال أو بحكم ذاتي أوسع. وتشير تقارير أمنية إلى أن عام 2024 يعد من أكثر الأعوام دموية في المنطقة، حيث تصاعدت الهجمات المسلحة منذ سيطرة "طالبان" على أفغانستان في 2021، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني.
في ظل التوترات المستمرة، تفرض السلطات الباكستانية قيودًا مشددة على الوصول إلى بعض مناطق بلوشستان، خاصة تلك التي تحتضن مشاريع استثمارية صينية ضخمة. وتواجه الحكومة تحديات أمنية متزايدة في مواجهة الحركات الانفصالية، وسط اتهامات متبادلة بين باكستان وأفغانستان بشأن دعم الجماعات المسلحة.
ويواصل الجيش عمليات التمشيط لتعقب المسلحين الذين فروا إلى المناطق الجبلية، وسط تقارير عن استمرار احتجاز عدد غير معروف من الرهائن. ويؤكد مسؤولون أن الجهود جارية لضمان سلامة جميع الركاب وإعادة الاستقرار إلى المنطقة المضطربة.