رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد انسحاب أمريكا.. هل تعود أفغانستان إلى ما قبل 20 عاما؟

نشر
الأمصار

تسعى حركة طالبان إلى السيطرة على مزار الشريف، حيث عززت مواقعها في مدن كبرى شمال أفغانستان، فيما تعتزم الولايات المتحدة إجراء محادثات في الدوحة هذا الأسبوع من أجل الضغط على الحركة لوقف هجومها العسكري.

وأعلنت الخارجية الأمريكية في بيان مساء الاثنين، أنه “سيتوجه السفير خليل زاد إلى الدوحة للمساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان”.

وأضافت أنه “سيحض طالبان على وقف هجومها العسكري والتفاوض على اتفاق سياسي، وهو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان”.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قرر سحب القوات الدولية من أفغانستان. وأرجأ خلفه جو بايدن الموعد النهائي للانسحاب لبضعة أشهر، إلا أن القوات الأميركية والأجنبية ستغادر بحلول نهاية الشهر الجاري.

وخلال الأسابيع الأخيرة، أوضحت إدارة بايدن أن واشنطن ستحافظ على “دعمها” الحكومة في كابول، خصوصا فيما يتعلق بالتدريب العسكري، لكن بالنسبة إلى بقية الأمور، على الأفغان أن يقرروا مصيرهم.

وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي الاثنين “هذا بلدهم الذي يجب أن يدافعوا عنه. هذه معركتهم”.

ومزار الشريف مدينة تاريخية ومفترق طرق تجاري، وهي من الدعائم التي استندت إليها الحكومة للسيطرة على شمال البلاد. وسيشكل سقوطها ضربة قاسية جدا للسلطات.

وتعهد محمد عطا نور الحاكم السابق لولاية بلخ والرجل القوي في مزار الشريف والشمال، المقاومة “حتى آخر قطرة دم”. وكتب على تويتر “أفضل أن أموت بكرامة على أن أموت في حالة من اليأس”.

لكن هذه المقاومة تتم لقاء خسائر مدنية فادحة، إذا أفادت اليونيسف الإثنين بمقتل عشرين طفلا على الأقل وإصابة 130 خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في ولاية قندهار وحدها.

ونجحت حركة طالبان المتشددة في بسط سيطرتها، على عاصمتي ولايتين أفغانيتين أخريين، بعد أن استولت على 3 عواصم، خلال معارك ضارية مع القوات الأفغانية الحكومية، وهجوم كاسح شنه المتمردون، لتصبح 6 من عواصم ولايات البلاد بقبضة الحركة المتشددة.

واستولى المتمردون على مدينة قندوز بعد قتال عنيف، ثم على مدينتي ساري بول وتالقان، وأشار المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إلى «عودة الأمن» إلى المدن الثلاث بعد المعارك.

كما أعلنت طالبان، سيطرتها على مدينة أيبك، عاصمة ولاية سمنجان، خلال معارك مع الجيش الأفغانى.

وكان مقاتلو الحركة استولوا على شبرغان معقل زعيم الحرب الشهير عبدالرشيد دوستم، وعلى مدينة زرنج عاصمة ولاية نمروز جنوبًا، على الحدود مع إيران، وحقق مقاتلو طالبان تقدمًا سريعًا، وبعد أن سيطروا على مساحات شاسعة من الريف الأفغانى بدأوا منذ أسابيع استهداف البلدات والمدن الرئيسية، وباغتت سرعة تقدم طلبان قوات الأمن الأفغانية رغم الغارات الجوية الأمريكية.

وأكد مرويس ستانيكزاى، المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية، إرسال تعزيزات، بما فى ذلك أفراد من القوات الخاصة، إلى سارى بول وشبرغان، وأضاف أن «المدن التى تسعى طالبان للاستيلاء عليها ستصبح مقابرهم».

وتتعرض مدينتا قندهار وهرات، ثانى وثالث مدن البلاد، لهجمات المتمردين منذ أيام، على غرار ما يحدث فى مدينة لشكركاه، عاصمة إقليم هلمند، أحد معاقل المتمردين.

الموقف الأمريكي

أعلنت الميجور نيكول فيرارا، المتحدثة باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي، وأكدت أن «القوات الأمريكية شنت عدة غارات دفاعًا عن شركائنا الأفغان»، بينما أدانت السفارة الأمريكية فى أفغانستان «هجمات طالبان على المدن الأفغانية»، وقالت إن تصرفات الحركة «لفرض حكمها بالقوة غير مقبولة». وأجبرت المعارك والقصف مئات الآلاف من الأفغان على الفرار من ديارهم، وتحدثت تقارير عن أعمال فوضى فى بعض المدن التى استولت عليها طالبان، وإشعال النيران فى المبانى والمتاجر،
طالبان
نشأت الحركة الإسلامية الدينية المعروفة باسم “طالبان “في ولاية قندهار الواقعة جنوب شرق أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994م، على يد الملا محمد عمر، وهو أبو طالبان حيث رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994م.

بعد سقوط الجمهورية الديموقراطية الأفغانية المدعومة من قبل الاتحاد السوفييتي في عام 1992م، تردت الأوضاع في أفغانستان وشاع قانون الغاب بين القوى الأفغانية المتناحرة.

وفي يوم ٢٦ سبتمبر ١٩٩٦ ترك الرئيس الأفغانى “برهان الدين رباني”، العاصمة كابول لتقع فى يد طالبان .

وكانت طالبان تتحكم بالسواد الأعظم من أفغانستان باستثناء الجزء الشمالي الشرقي الذي فرضت قوات “التحالف الشمالي” سيطرتها عليه.

لم يعترف العالم بالحركة إلا بعض الدول، ومن ضمن الذين لا يعترفون بحركة طالبان كممثل شرعي منظمة الأمم المتحدة التي كانت لا تزال تعد “رباني” رئيسا لأفغانستان رغم علم المنظمة بقلة حيلة رباني في السيطرة على زمام الأمور.

وفي أكتوبر من العام 2001، قامت الولايات المتحدة مدعومة من قبل بلدان أخرى بغزو أفغانستان لرفض حركة طالبان تسليم أسامة بن لادن وقامت قوات تحالف الشمال بخوض المعارك البرية وتم استبعاد حركة طالبان من دفة الحكم.