رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

المغرب.. عمليات نصب "مبدعة" على شاشات تداول العملات

نشر
الأمصار

يقع العشرات من المغرب يوميا ضحايا لعمليات نصب افتراضية من خلال الإيهام بالحصول على أموال مباشرة عن طريق تتبع رصيدهم في ما صار يعرف بشاشات تداول العملة.

وسرد مواطنون من مختلف الأعمار كيف تم التأثير عليهم من قبل أشخاص، قد يكونوا من المعارف المقربين، من أجل الانضمام لفيلق الضحايا.

وقالت شابة من الرباط في المغرب، أنها اعتقدت في بداية الأمر أنها ستحصل على أموال كبيرة بعد استثمار 5000 ألاف درهم في إحدى منصات تداول العملات، قبل أن يتبخر مبلغ الاستثمار نهائيا بعد 5 أسابيع من بداية هذه المغامرة.

وبسط شاب من الدار البيضاء في المغرب، المراحل التي وجد نفسه من خلالها مدمنا على الشاشات الافتراضية لتداول العملة، حيث قال إنه انبهر بالشكل الاحترافي والإخراج المغرق في الجدية باستعمال الكرافيزم والخطوط والمنحنيات، وظن أنه بالفعل قد حجز مكانا في عالم لم يكن يراه سوى على شاشة التلفزيون.

وأدهى من ذلك، يضيف الشاب، حرص المختبئين وراء الشاشة على تمكينه إسوة بكل ملتحق جديد، من أرباح صغيرة يعتقد معها أنه على الطريق الصحيح، وهى أرباح لا تتجاوز الـ100 درهم في المجموع، لتشجيعه فيما بعد على استثمار مبالغ تضاعف هذا الربح مرات عديدة.

أساليب نصب مختلفة

أسلوب الاستقطاب يتكرر في كل مرة، يطلب من آخر الملتحقين تنزيل تطبيق بأسماء متغيرة كلها تقريبا تأخذ عناوينها من أسماء العملات الرقمية أو منصات التداول العالمي في أكبر البورصات الدولية.

الغريب في الأمر، قال عز الدين "أن الأرباح تشرع في الظهور أمامك مباشرة بعد تنزيل التطبيق حيث تتوقع أن ما تراه أمامك هو نقل مباشر من إحدى منصات تداول العملات"، عز الدين وضع استثمارا في نفس التطبيق في حدود 7 ألاف درهم، وعندما لاحظ، بعد أيام قليلة من عرض أرباح صغيرة جدا انضافت إلى قيمة استثماره الرئيسي، أنها ماله آخذ في التناقص، لم يعد يتلق أي اتصال بالرد إلى أن فاجئه صديقه بالتأكيد أن المنصة ستغلق عرضها بعد أيام.

نادية موظفة بالقطاع الخاص في المغرب، كانت من أشد المدافعين عن فكرة العملات الرقمية منذ بدايتها، وحتى عندما كان يحتدم النقاش حول جدواها مع انتشار موضوع البيتكوين بين المغاربة، ظلت تعتبر أن المستقبل للعملات الرقمية، لكن التجربة ستعلمها أشياء أخرى، "ما كنت عارفة والو على هاد التطبيقات وقلت نجرب. في الأول بقاو تيعطيوني شي أرقام زعما راني كنربح وطلبو مني نحولها للأورو. لي دخل لي شك هو كانو كيطلبو تحويل مبالغ بسيطة للأورو من قبيل 50 و 100 درهم".

بعد الاتصال بمجموعة من أصدقاءها المتخصصين في التعامل بالعملة، توصلت نادية، إلى أن الأمر كله لا يعدو كونه عمليات نصب "مبدعة"، وهو ما دفعها لتضييق الخناق على الأشخاص (منهم مقربون) كانوا وراء دخولها للتجربة، فطلبوا منها سحب ما تبقى من استثمار كانت قد أودعته في المنصة وهو مبلغ في حدود 5 آلاف درهم.

خبير يحذر

وقال خبير النظم المعلوماتية والبرمجة في المغرب الحسن برتاقي، إن "الحذر من العملات الافتراضية يأتي من كون أن لا وجود لها في الواقع وتحمل الكثير من المخاطر"، مضيفا أن الاستثمار في العملات الرقمية، يشكل خطرا على المتعاملين بها، لكونها نقودا افتراضية غير واقعية وهي عبارة عن أرقام ورموز عبر الإنترنت تم تطويرها بطرق معقدة لا يمكن معرفة مصدرها.

وقال المتخصص: أن التعامل مع هذا النوع من العملات غير مضمون، وهو تعامل مع أناس مجهولين ولا وساطة بين المتعاملين لا بنوك للتحويل ولا بنوك مركزية، بالإضافة إلى انعدام الرقابة على المعاملة، الأمر الذي جعل العديد من الأسواق الإجرامية تتعامل مع هذا النوع من العملات مثل الإرهاب والمخدرات وهو ما يدفع الدولة إلى منع استخدام مثل هذه العملات الرقمية، لأن المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم مع البنوك المغربية، والسلطات المغربية لا تسمح بالاستثمار الخارجي بهذه العملات الرقمية".

وحول الاستثمار في تطبيق تداول العملات المشفرة أو الرقمية قال الحسن برتاقي: "الأمر هنا أسوء بكثير هذه الشاشات لا توجد أية ضمانات على أن محتوياتها موجودة بالفعل كما أن ترافق دائما بمجموعة فيديوهات تظهر انخراط شباب غالبا من أمريكا في نفس استثمار التطبيق، مع صوت يشرح تلك الأسهم والمنحنيات الظاهرة على الشاشة، في أكثر من 90% من الحالات المسألة مجرد عملية نصب كبيرة".