رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

«ماد ماكس».. سلاح أوكرانيا السري لتعويض نقص الذخيرة

نشر
الأمصار

في ظل نقص الذخيرة التي يعاني منها جيش أوكرانيا، تولى "ماكس بوليوخوفيتش" أو "ماد ماكس"، مهمة البحث عن قذائف المدفعية الروسية.

وتحول ماكس بوليوخوفيتش، نتيجة النقص الحاد في الذخيرة؛ بسبب تأخر تسليم الأسلحة الغربية والصراع المستمر مع روسيا، إلى شخصية محورية ومهمة في توفير القذائف والذخائر الروسية التي لم تنفجر، وإعادة استخدامها في العمليات العسكرية الأوكرانية، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

ويجوب ماكس بوليوخوفيتش في الصباح المستنقعات، ويمشي لمسافات طويلة عبر حقول الألغام، ويمشط قرى مثل "كاميانكا" بحثًا عن مواقع المدفعية المهجورة التي تركتها القوات الروسية.

بعض القذائف التي يعثر عليها ماكس بوليوخوفيتش يمكن أن تطلقه المدفعية الأوكرانية على الفور؛ بينما البعض الآخر يأخذه إلى مختبره المؤقت، حيث يعيد تشكيل المتفجرات إلى ذخيرة للطائرات دون طيار الهجومية.

ووفقا للصحيفة الأمريكية فإن ماد ماكس قام بتزويد الألوية على الجبهة الشرقية لـ"أوكرانيا"، بما لا يقل عن 14 ألف قذيفة، بالإضافة إلى 4000 من ذخائر الطائرات المسيرة لإسقاطها على القوات والمركبات الروسية.

ورغم مساهمات ماكس بوليوخوفيتش فإنها لا تستطيع تعويض النقص الهائل في القذائف لدى كييف، حيث تطلق قوات الجيش في أوكرانيا الآن نحو 2000 قذيفة يوميا، وهو ما يمثل انخفاضا حادا عن الصيف الماضي، فيما تطلق القوات الروسية نحو 5 أضعاف عدد قذائف أوكرانيا يوميًا.

ويركز "ماد ماكس" بحثه على المناطق التي احتلتها موسكو في وقت مبكر من الحرب، مشيرا إلى أنه انتشل من المستنقعات المحيطة بإيزيوم، في منطقة خاركيف، 2500 قذيفة قابلة للاستخدام، ألقاها الروس في الماء قبل التراجع في سبتمبر 2022، عندما استعادت أوكرانيا المنطقة خلال هجوم خاطف.

وقال ماكس بوليوخوفيتش: "إذا قمت بتحرير منطقة ما فيجب عليك التحقق من المستنقعات"، مشيراً إلى أن هذه كانت استراتيجية شائعة استخدمها الروس لمحاولة منع الأوكرانيين من استخدام ذخائرهم.

وبحسب الصحيفة، يمتد عمل ماكس بوليوخوفيتش إلى ما هو أبعد من البحث عن القذائف؛ فقد أنشأ أيضًا مختبرًا مؤقتًا لإعادة استخدام المتفجرات من الألغام المنزوعة لصنع قنابل للطائرات المسيرة.

غير أن المخاطر المرتبطة بعمله حاضرة دائمًا، ولعل أبرزها فقدان أحد أعضاء فريقه في انفجار لغم، ورغم ذلك يظل "بوليوخوفيتش" ملتزما بمهمته، مدفوعا بشعور عميق بالوطنية والرغبة في الدفاع عن الوطن.

خبراء إزالة الألغام

ومع تفاقم النقص في قذائف المدفعية في الأسابيع الأخيرة، بدأت الألوية الأوكرانية في إرسال خبراء إزالة الألغام إلى بوليوخوفيتش، أملا في العثور على المزيد من الذخيرة.

خلال الأسابيع الأخيرة، قام ماكس بوليوخوفيتش بتعيين مساعد له، وهو رقيب يُدعى "تيخي"، لمساعدته في إدارة المختبر ومرافقته في مهام جمع الألغام.

وقد تمكن "بوليوخوفيتش" برفقة تلميذه من العثور على طائرات استطلاع روسية دون طيار تم إسقاطها، والتي كان القادة الأوكرانيون يبحثون عنها، حتى يتمكنوا من تحليلها وإيجاد طريقة للتشويش عليها.

نقص الذخيرة

وتعاني أوكرانيا منذ أشهر من نقص الذخيرة، لا سيما في ظل عرقلة المساعدات الأمريكية بسبب معارضة المعسكر الجمهوري المؤيد للرئيس السابق دونالد ترامب في الكونغرس، الذي يحول دون إقرار حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار لكييف طلبها الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وقال مسؤولون أوكرانيون رفيعو المستوى لـ"بوليتيكو"، إنهم "لم يعد بإمكانهم الدفاع عن الخطوط الأمامية بعد الآن"، كما يرى مسؤول أنه "لا شيء يمكن أن يساعد أوكرانيا حالياً".

وأشار المسؤولون الأوكران، إلى أن "الغرب لا يملك التكنولوجيا اللازمة لمساعدة أوكرانيا، كما أنه لم يرسل أسلحة بالسرعة الكافية"، ولفت ضابط أوكراني كبير، إنه "على الرغم من سعادتنا بالمقاتلات (الأمريكية) القادمة من طراز F-16، إلا أنها كانت ستكون أكثر فائدة قبل عام".

وأوضحت "بوليتيكو" أنه كان من المتوقع أن تصل المقاتلات الأمريكية إلى أوكرانيا نهاية العام الماضي، لكنه لن تدخل الأجواء الأوكرانية إلا في أواخر الربيع المقبل، وذلك بمجرد انتهاء تدريب الطيارين.

وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية رغبتها في تسليم أوكرانيا طائرات F-16 بأسرع وقت، لكنها أشارت إلى أن بطء العملية يرجع لسبب وجيه.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، شارلي ديتز، إن "تسليم أوكرانيا طائرات F-16 بشكل عاجل سيكون أمراً مثالياً"، لكنه شدد على ضرورة "تنفيذ ذلك بشكل صحيح، مشيرا إلى أن العدد الكبير من الجنود الروس "يشكل أيضًا تهديدًا هائلًا".

وأشار ديتز إلى أن "الولايات المتحدة قدمت مساعدات بقيمة 74.6 مليار دولار لأوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير 2022".

صواريخ بعيدة المدى

ووفقاً للمجلة، تدرس وزارة الدفاع الأمريكية إرسال صواريخ بالستية قديمة بعيدة المدى من طراز ATACMS، والتي سبق أن تم إرسالها سراً في سبتمبر الماضي.

وتطالب أوكرانيا منذ فترة طويلة، بالحصول على صواريخ ATACMS بعيدة المدى وشديدة الدقة، والتي طورتها شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية للصناعات العسكرية.

أنظمة باتريوت

كما يرى المسؤولون الأوكرانيون أن "هناك شيئاً واحداً يمكن أن يحدث فارقاً الآن، وهي أنظمة الدفاع الصاروخي (باتريوت)"، مؤكدين أن الهدف هو "الحماية من الضربات الجوية الروسية الأخيرة"، بحسب المجلة.

وتطرقت وثيقة داخلية للحكومة الأوكرانية أُرسلت، الخميس، إلى نقاط حوار سيثيرها المسؤولون الأوكرانيون، إذ نصت على أن "أوكرانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تدافع عن نفسها يومياً ضد الهجمات الصاروخية الباليستية، لذلك، يجب استخدام أنظمة (باتريوت) في أوكرانيا خلال هذه الأيام، وألا يتم تخزينها في الحظائر".

ووصفت الوثيقة عملية نقل أنظمة "باتريوت" إلى أوكرانيا بأنها "مسألة إرادة سياسية".

وصمم نظام "باتريوت" لاعتراض التهديدات مثل الطائرات والصواريخ الباليستية، لكن يمكنه أيضاً إسقاط طائرات مُسيرة دأبت روسيا على إطلاقها لضرب البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا.