رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

خسائر بـ260 مليون دولار.. حريق طرابلس يفضح حجم الفساد غرب ليبيا

نشر
الأمصار

كشف حريق الكريمية بالعاصمة طرابلس ليبيا، عن حجم الفساد الضارب بقوة في مفاصل الدولة ومؤسساتها خاصة في المنطقة الغربية، وشكل الحريق إحراجا كبيرا للسلطات خاصة وأن المعطيات الأولية تفيد بأنه كان متعمدا.

ودعا رئيسا الحكومتين المتنافستين في ليبيا إلى التعجيل بالتحقيق في أسباب الحريق الذي انطلقت شرارته الأولى مساء الأحد الماضي من مخازن شركة الأعمال الكهربائية.

ووجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، تعليمات لوزير الداخلية بإخلاء المنازل الواقعة قرب المخازن المشتعلة، كما وجه رئيسي هيئة السلامة الوطنية ومجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط بتوفير سيارات الإسعاف وتقديم تقرير بآخر المستجدات كل ساعة.

وطالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء بتشكيل لجان للتحقيق حول أسباب الحريق وتقديم تقرير مفصل لرئاسة الوزراء.

كما كلف رئيس حكومة الوحدة وزير الحكم المحلي بدرالدين التومي، بحصر الأضرار التي طالت بعض المنازل نتيجة الحريق، وطلب تقدير التعويضات المناسبة، وذلك بالتنسيق مع المجلس البلدي السواني، وإحالة التقرير لاعتماده وبدء الإجراءات اللازمة، وذلك في غضون أسبوع من تاريخه.

ظاهرة الفساد التي تعرفها ليبيا طالت كل القطاعات

بدوره، طالب رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في ليبيا أسامة حماد، النائب العام بفتح تحقيق موسع لمعرفة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحريق، ونادى بضرورة الاستعانة بالخبراء القضائيين للوقوف على الحقيقة، مؤكدا تسخير كافة إمكانيات حكومته للسيطرة على الوضع.

وأصدر وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة في ليبيا عماد الطرابلسي، تعليماته إلى مختلف الأجهزة الأمنية بإخلاء المنازل الواقعة بالقرب من مخازن الشركة العامة للكهرباء في منطقة الكريمية لمسافة كيلومتر، وقال إن التعليمات تأتي تحسبا لأيّ طارئ للمحافظة على أمن وسلامة السكان المحليين.

وبحسب تقديرات أولية، بلغ حجم الخسائر المادية الناتجة عن الحريق مليارا و250 مليون دينار ليبي (أي حوالي 260 مليون دولار أميركي)، بينما قالت مصادر مطلعة، إنه تم القبض عل عدد من الموظفين من بينهم مسؤول مخازن شركة الأعمال الكهربائية مع تعميم أمر ضبط وإحضار بحق مدير الشركة المختفي منذ اندلاع الحريق.

وأضافت المصادر، أن مكتب النائب العام في ليبيا فتح تحقيقا جنائيا موسعا في الواقعة لفداحة الخسائر ووجود مؤشرات على شبهة عمل مدبر وتلقيه طلب تحقيق من الشركة العامة للكهرباء.

وكان رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء محمد المشاي طالب النائب العام بفتح تحقيق في الحريق الذي كاد يتسبب في كارثة كبرى بسبب اندلاعه بالقرب من مخازن خاصة بأنابيب الغاز.

اعتقال موظفين من بينهم مسؤول مخازن شركة الأعمال الكهربائية

وحثت الشركة في خطاب وجّهته إلى النائب العام على اتخاذ جميع الإجراءات لمكافحة الحريق من الجهات المختصة بالشركة وكذلك من قبل هيئة السلامة الوطنية، وطالبت النائب العام بتكليف من يلزم للتحقيق مع كل من له علاقة بالحريق، وتحديد الأسباب التي أدت إلى اندلاعه وما إذا كان قد اندلع بشكل متعمد أم لا وتحديد المسؤولية عن ذلك.

كما أصدرت الشركة العامة للكهرباء بيانا قالت فيه، إن شركة الأعمال الكهربائية لا تتبعها إداريا وماليا وتعتبر أحد الشركات الموردة للمواد والمعدات الداخلة في تطوير الشبكة العامة، ولكنها لفتت بالمقابل إلى أن المواد والمعدات المخزنة بمخازن شركة الأعمال الكهربائية تم توريدها لصالحها وفق عقود تعود للعام 2010 ولم يتم استلامها من قبلها، مؤكدة أنها تعمل على إجراء تحقيق شامل بملابسات الحريق وستتم إحالة التقارير للجهات ذات العلاقة.

ووفق تقرير عاجل صادر عن رئيس لجنة الجرد التابعة للشركة الليبية للكهرباء القابضة أبو عجيلة علي الدوكالي، إلى رئيس الشركة، فإن اللجنة باشرت أعمالها في جرد أصول الشركة في السادس من مارس الجاري، بعد صدور قرار تكليفها من الشركة في 28 فبراير الماضي، لافتا إلى أنها كانت بصدد إتمام أعمال الجرد "إلا أنها فوجئت باندلاع الحريق في المخازن".

وبين التقرير أن اللجنة انتهت من أعمالها في مصنع الأعمدة الخرسانية بالكريمية، ثم شرعت في جرد مصنع المشغولات الكهربائية، قبل أن يتم الاتصال بها في التاسعة من مساء الأحد لإبلاغها باندلاع الحريق، ما جعل أعضاءها يتجهون إلى المكان لإعداد تقرير عن الواقعة.

ويرى مراقبون، أن ظاهرة الفساد التي تعرفها ليبيا طالت كل القطاعات، ومنها قطاع الكهرباء الذي شهد خلال السنوات الماضية فتح عدد من الملفات وملاحقة مسؤولين كبار تورطوا في نهب المال العام والاستيلاء على الممتلكات الخاصة بالقطاع، مشيرين الى أن الحريق الذي اندلع في منطقة الكريمية، كشف عن حجم الفساد المنتشر تحت حراسة الميليشيات وفي ظل حالة فلتان أمني وتأزم سياسي واجتماعي.