رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

التغيرات المناخية.. الطريق إلى الهلاك

نشر
الأمصار

مع انطلاق الثورة الصناعية في أوروبا انطلقت معه كافة مفاهيم التطور والتقدم الذي أصبح بشكل متزايد حتى أصبح على الشكل الذى يبدو عليه الآن، ومع ذلك أصبح التطور التكنولوجي مع تماشيه مع مصطلحات الحرية والانفتاح الاقتصادي والذهني أصبح يرافقه العوامل المؤثرة أكثر لكونه لكونه صفة يمتاز به القرن الواحد والعشرون.

 

 

ومع ازدياد المصانع والبناء والتعمير أصبح يجاوره مشكلة أساسية باتت من أهم المشاكل المحورية التي نواجها الآن بل يحمل في سياقه معالم حياة البشرية ووجود الإنسان على الأرض.

 

وتمثلت تلك المشكلة في ظاهرة الاحتباس الحراري الذي أصبح وسيلة من وسائل الدمار والهلاك بشكل غير ملموس ولكنه ينتج من فعل الإنسان مع سعيه دائماً لتحقيق المكاسب والحصول على الثروات دون الانتباه إلى مدى خطورة ممارسته هذا على مدار العقود.

 

ولقد أثبتت التقارير الدولية الرسمية أن تغير المناخ الناتج من ظاهرة الاحتباس الحراري في الآونة الأخيرة ولاسيماً الزيادات المسجلة في ارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر إضافة إلى ارتفاع مستوى سطح البحر مما قد أثر بشكل ملفت في الكثير من النظم الفيزيائية والإحيائية مما ترتب عليه حالات من الفيضانات والجفاف وذوبان الجليد ما يؤدى بالتدريج إلى ارتفاع مستوى البحر خصوصاً مستوى البحر المتوسط.

 

 

وأثارت هذا التقارير منذ صدوره عام 2007 جدلاً واسعاً في أوروبا خاصة بأن هذا الأمر لم يكن متداولاً بالشكل الملحوظ الذى نلاحظه الآن في حياتنا اليومية, فمن خلال المصانع وما ينتجه من مخلفات تسبب في إنشاء طبقة سميكة في مجال الغلاف الجوي الذى أصبح مسئولاً بشكل رسمي في التغيرات المناخية التي نشاهدها الآن، فحرق الفحم بكميات هائلة واقتلاع الأشجار للبناء والتعمير مما أدى هذا إلى تقلص دور النباتات في استنشاق غاز ثاني الكربون مما تزايدت نسبة غاز ثاني الأكسيد الكربون ومن ثم إلى تآكل طبقة الأوزون الذى يعد من أهم طبقات الغلاف الجوي.

 

في الآونة الأخيرة أجريت العديد من الدراسات خاصة بعد أن تفهمت الدول وعلى وجه الخصوص الدول الساحلية على مدى خطورة تراكم تلك الأفعال وخطورة هذا الأمر، لذلك أجرت معهد جغرافيا المحيطات بإسبانيا دراسات أشارت إلى أن الاحتباس الحراري.

 

قد يؤدى في نهاية الأمر إلى ارتفاع مستوى البحر المتوسط بمقدار نصف متر خلال الخمسين عام المقبل وما يؤدى بذلك إلى حدوث كوارث سوف يؤدى إلى هلاك الإنسان في نهاية الأمر فيما يتمثل بحدوث الفيضانات وما يتخلفه من تدمير للدول والتسبب في العديد من الخسائر.

 

وفى ذات السياق أوضحت الدراسات التي أجريت في المانيا بأن التغير المناخي قد يتسبب في وفاة نحو 20 ألف شخص حتى عام 2100 خاصة كبار السن بالإضافة إلى توقع الأطباء أن المرضى سترتفع معدلاتهم من 25 ألف إلى 150 ألف خلال العقود القليلة القادمة وهذا بفضل ما يسببه ارتفاع درجات الحرارة.

 

الأمر لا يتوقف على تغير في درجات الحرارة سواء بالارتفاع أو الانخفاض لكن خطورة الأمر يتمثل في تسبب ارتفاع درجات الحرارة في الأنحاء الشمالية ما يؤدى بالنهاية إلى ذوبان جليد القطب الشمالي ومن ثم دوره في ارتفاع منسوب البحر والتسبب في الفيضانات العارمة ما قد يؤدى إلى غرق العديد من المناطق والدول ومن ثم اختفائها للنهاية.

 

 

ملامح هذا الأمر شهدناه خلال الأيام الماضية من تسبب الفيضانات إلى إلحاق العديد من الكوارث والخسائر في المانيا، الأمر الذي كان بمثابة الدهشة بالنسبة لنا خصوصاً حدوثه دون أي عامل إنذار أو توجيه مما تسبب في نهاية الأمر إلى قتل أكثر من 100 شخص وكانت تعتبر من اسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدتها البلاد حتى وقتنا هذا.

 

 

لم يتوقف الأمر على المانيا فقط بل هذا ما شهدته الهند واليابان مما أوقع الكثير من الوفيات والضحايا، حيث تسبب في قتل أكثر من 160 شخص بالهند بالإضافة إلى تدمير المناطق التي بلغت قيمتها بالملايين والمليارات كما حدث في اليابان حيث تسببت الفيضانات التي حدثت في عام 2019 إلى حدوث خسائر تبلغ قيمتها نحو 2.15 تريليون ين يابانى.

 

لن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ارتفاع منسوب البحر المتوسط نتيجة لذوبان جليد القطب الشمالي سيؤدى إلى حدوث فيضانات عارمة ما قد يؤدى إلى غرق جميع المدن الساحلية وعلى وجه الخصوص مدينة الإسكندرية ما قد يؤدى إلى اختفائها.

 

مع تزايد الأبحاث التي أجريت ومعرفة مدى خطورة الأمر وجهت الدولة كافة الجهود في وسائل الإعلام باعتباره الوسيلة الأكثر تأثيراَ في الرأي العام للفت أنظاره إلى مدى خطورة الأمر وضرورة التوجه نحو الطريق السليم لمحاولة التفادي عن تلك المشكلة.

 

عملت الدولة على إبرام اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية وإصدار قانون البيئة رقم 4 لعام 1994 والمشاركة في كافة المؤتمرات الدولية لتغيرات المناخية لتجنب فرص أي التزامات دولية على الدول النامية ومنها مصر.

 

بالإضافة إلى تصديق على برتوكول كيوتو وتشكيل اللجنة الدولية الآلية للبيئة النظيفة عام 2005 وتشمل على المكتب المصري والمجلس المصري لآلية البيئة النظيفة.

 

كما سعت الدولة إلى استبدال السُبل التقليدية في استخدام الطاقة واستبدالها بالطاقة المتجددة النظيفة مثل استخدام طاقة الرياح والطاقة المائية والحيوية والطاقة الشمسية في توليد الطاقة ومحاولة تطبيقها في الوسائل التكنولوجيا الحديثة مثل السيارات والمصانع.

 

الأمر ليس بالهين وإنما هو في غاية الخطورة، لابد أن نكون على قدر الفهم والقدرة على استيعاب مدى المشكلة قبل أن يفوت الآوان، المناخ من الأمور التي لن نستطيع التحكم به حتى مع وجود تلك التكنولوجيا الحديثة ولكننا يمكننا الحد من غضبه وكوارثه وهذا ما قمنا به خلال فترة انتشار الوباء كوفيد 19 ما أدى إلى فرض العزل المجبر على جميع انحاء العالم ما أدى بالنهاية إلى تنفس الطبيعة وتقلص التآكل بطبقة الأوزون ومن ثم تعتبر بدأت تعود الأوضاع أفضل مما كان سبق.

 

يمكننا إنقاذ حياتنا بالوعي والقدرة على فهم الأمور بالشكل الصحيح، الوعي يصنع المعجزات ويفادينا من الكثير من الكوارث خاصة فيما يتعلق بغضب الطبيعة، فتفادى غضبه ستنقذ حياتك وحياة غيرك والمحاولة في الوقوف ضده سيؤدى إلى الهلاك المميت