رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: السيادة ملف مفقود في انفجار مرفأ بيروت

نشر
الأمصار

الحقيقة التي تغير الخارطة السياسية، يخفيها المتضرر من كشفها، طالما كان المتحكم بآليات إخفائها، هذا هو الواقع الذي يغلف جريمة انفجار مرفأ بيروت قبل عام، والمقيدة حد اللحظة ضد مجهول يملك مفاصل السلطة الحاكمة.

 

جريمة مجهول مرتكبها أمام القضاء، معلوم لدى الشعب اللبناني، مازال يرتكب الجريمة تلو الجريمة، ويتحرك بغطاء حكومة مكلفة بتصريف الأعمال، أوصل البلاد إلى إعلان إفلاسها، والإلقاء بها في آتون الفقر.

 

عام ليس كفيلا بنسيان الجريمة، والكف عن ملاحقة مرتكبها المستقوي بقوته الغاشمة، والمنتعشة في حضن دخيل خارجي، يعتاش على فوضى البلاد، ويبني وجود المستدام فوق أنقاضها.

 

اللبنانيون رفعوا شعار “لن ننسى”، شعار يضع الفئة الحاكمة في قفص الاتهام، ويحملها مسؤولية انفجار مرفأ بيروت الواقع تحت هيمنة حزب الله المتحكم بمفاصل الدولة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولا أحد له القدرة على تجاوز حصانته الحاكمة.

 

آليات القضاء الحديثة، أي قضاء قادر على الوصول للحقيقة، لولا العوائق الحكومية والتشريعية، التي يتحصن بها مرتكبو الجريمة، هذا ما يعترض القضاء اللبناني الذي حدد عوائقه بالحصانات والأذونات السياسية التي تمنع استدعاء نواب ووزراء وعسكريين كانوا يعلمون بتوافر ارتكاب جريمة تفجير مرفأ بيروت، فالتزموا الصمت وهم في صدارة المسؤولية التي تضعهم في قفص الاتهام.

 

2750 طنا من نترات الأمونيوم، دمر انفجارها نصف بيروت، ووصلت أصداءه قبرص، وحصد أرواح 214 مواطنا، وأسقطت اصاباته أكثر من 6000 بجروح بليغة، وأبقى التساؤلات بدون أجوبة، من جاء بهذه الكمية، من تستر على وجودها، ومن وضعها في مكان غير آمن، ومن كان وراء استثمارها في تصنيع سلاح تدميري، وكيف فجرت في توقيت مفاجئ..؟؟

 

أسئلة كثيرة مازالت مبهمة، لم تجد الاجابة بعد، لم يتكفل أحد مسؤول بوضع الإجابة لها، في مقدمتها السلطة الحاكمة في لبنان، ومؤسسات المجتمع الدولي نفسها لم تهتم بتفاصيل الجريمة، ولم تبذل جهدا في الكشف عن دوافعها وتشخيص هوية مرتكبيها، متخلية عن دورها الرسمي في الأمن العالمي، وملاحقة مهدديه.

 

جريمة تفجير مرفأ بيروت، جريمة عابرة للحدود، أدرجت أكثر من دولة ومؤسسة أسماءها في ملفات التحقيق الخاصة بها، دعت المحقق العدلي إلى طلب التعاون في التحقيق من عشر دول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا والهند وإسبانيا وإيطاليا، من خلال تزويده بصور الأقمار الصناعية لحظة وقوع الحادث، لكن أحدا منها لم يستجب، سوى فرنسا التي ادعت بأنها “لم يكن لها قمر فوق لبنان يوم وقوع الانفجار”.

 

مازال لبنان يبحث عن سيادته بين أنقاض التدخلات الخارجية، وصمت المجتمع الدولي إزاء القوى المخربة لكل أشكال وجوده تنفيذا لسياسة قوة إقليمية تعزز مناطق نفوذها على حساب أمن شعب فقد شروط الحياة.

 

جريمة مرفأ بيروت، لن تكشف عن خيوط منفذيها، إلا عبر استعادة سيادة لبنان، وتطهير أراضيه من تشكيلات التدخلات الخارجية وعزل واجهاتها الحاكمة، فالسيادة ملف مفقود في محاكم القضاء “الوطني”.