رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

سوق العمل في تونس: ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 50%

نشر
تونس
تونس

يلعب التشغيل دورا حاسما في الحد من الفقر والحفاظ على كرامة الإنسان في تونس، ويعتمد خلق فرص العمل المستدامة على تعبئة القطاع الخاص لموارد مهمة ولازمة لدعم جهوده في هذا المجال، ولكن مكافحة البطالة تتطلب منهج عمل شامل للحد منها ومجابهة تداعياتها.

وفي هذا الإطار، يواجه سوق العمل في تونس تحديات كبيرة، خاصة في صفوف الشباب وخريجي التعليم العالي.

منذ عام 2007، ارتفعت معدلات البطالة في تونس بنسبة 50% تقريبًا، مما أثر على قطاعات كبيرة من الشباب سيما من هم دون سن 35 عامًا، ويبلغ معدل البطالة أعلى مستوياته بين ذوي المؤهلات العالية، حيث يصل إلى 28%، منهم حوالي 40% من خريجي الجامعات. 

وتتأثر بظاهرة البطالة بشكل خاص الإناث ذوات المؤهلات العالية، حيث يتجاوز معدل البطالة في صفوفهن 38%، وفي المناطق الداخلية، يتجاوز معدل البطالة 42%، مقارنة بـ23% في الشريط الساحلي، علما أن معدل البطالة يتجاوز إجمالا 15.6% في الربع الثاني من 2023.

وبالإضافة إلى ذلك، يتميز سوق العمل في تونس بانخفاض مشاركة المرأة، اذ تناهز النسبة، في هذا الصدد، بالكاد عن 26%، وتشير المعطيات إلى أن معظم العاطلين عن العمل هم من الباحثين عن عمل لأول مرة والعاملين غير الدائمين، ويمثلون حوالي 56% من المجموع.

كما يواجه خريجو التعليم العالي في تونس بشكل رئيسي شكلين من البطالة: البطالة الناتجة عن اختلال التوازنات الاقتصادية والبطالة المنجرة عن عدم ملائمة المؤهلات لطلبات المشغلين.

تحليل سوق العمل الحالي

ما يقرب من 60% من خريجي التعليم العالي العاطلين عن العمل ظلوا في هذا الوضع لمدة خمس سنوات على الأقل، وأكثر من 926000 شاب تحت سن 30 عامًا يعتبرون حاليًا شبانا لا يعملون ولا هم في التعليم ولا في التكوين.

وعلى الرغم من انخفاض عدد الشباب وتراجع الطلب في سوق الشغل، فإن البطالة لا تزال قائمة.

البدائل المقترحة لخلق فرص العمل

لحل مشكلة البطالة في تونس، من الأهمية بمكان التحرك نحو قطاعات تشغيل جديدة وتنفيذ استراتيجية شاملة لتنظيم سوق الشغل، ويقتضي ذلك العمل على دعم العرض والطلب في مجال التشغيل، مع التدخل بشكل مباشر لتطوير مبادرات خلق فرص العمل.

هذا ولتعزيز خلق فرص العمل في تونس، فأنه من الضروري تعبئة جميع الآليات المتاحة على مستوى العرض، من المهم تشجيع أحداث المؤسسات، وتعزيز التوجيه المهني، ومواصلة دعم برامج سياسات سوق العمل النشطة.

وعلى جانب الطلب، من المهم خلق فرص عمل جديدة وحماية الوظائف القائمة من خلال سياسات داعمة، مع وضع برامج مستهدفة مثل دعم الأجور وخطط تقاسم العمل.

وتتطلب مكافحة البطالة في تونس مقاربة متكاملة تجمع بين التدابير الرامية إلى تحفيز النمو الاقتصادي ودعم ريادة الأعمال وخلق فرص العمل في قطاعات مبتكرة وذات قيمة مضافة عالية، ولن يتم التمكن من مواجهة هذا التحدي وخلق مستقبل أفضل للشباب التونسي إلا بتضافر جهود كل الاطراف المعنية.