رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

لماذا تلجأ شركات التكنولوجيا إلى معالجة أزمتها بتسريح موظفيها؟

نشر
الأمصار

يزيد من الأزمة.. لماذا تتخلى شركات التكنولوجيا عن موظفيها؟

تستكمل شركات التكنولوجيا موجة تسريح عدد كبير من الموظفين والعمال، والتي قد بدأتها منذ عام 2022.

حيث أجبرت الأزمة الاقتصادية الحادة التي تجتاح العالم بسبب العديد من الأزمات المتتالية إلى قيام شركات التكنولوجيا بتسريح آلاف الموظفين، مما أدى إلى تفاقم الأزمة .

تسريح 150 ألف موظف من شركات التكنولوجيا في 2022

في عام 2022، قامت العديد من شركات التكنولوجيا الشهيرة بتخفيض العمالة لديها، حيث واجهت أغلب الشركات التي ازدهرت خلال الجائحة تحديات كبيرة بسبب خليط من العوامل ما دفعها للاستغناء عن عشرات الآلاف من الموظفين في 2022.

وقصة تسريح العمال في 2022، بدأت حينما قررت الشركات تعين آلاف الموظفين خلال جائحة كورونا كأستجابة للطلب المتزايد على خدماتها وأملا بأن يدوم أسلوب المعيشة الرقمي.

لكن سرعان ما بدأت إعلانات التسريحِ لموظفي هذه الشركات بعد أن هدأت أزمة جائحة كورونا نسبيا، وجاءت أولا موجة التسريح من شركات صغيرة ومتوسطة، ولكن موجة التسريح بعدها طالت عمالقة التكنولوجيا مثل "ميتا" و"أمازون" و"أوبر" و"إير بي أند بي" و"نتفكليس" و"مايكروسوفت"، لدرجة أنه تم تأسيس موقع الكتروني layoffs.fyi يرصد كل الوظائف المفقودة والتي تجاوز عددها 150 ألف وظيفة في عام 2022.

وهناك عامل آخر هو أزمة تكلفة المعيشة، وارتفاع معدلات التضخم، هذا بدوره أدى إلى تراجعِ الإعلانات عبر الإنترنت، والمنصات الرقمية، كما أن بعض التغييرات في قواعد الخصوصية لدى شركات مثل "أبل" ضربت سوق الإعلانات.

وفي مجال تكنولوجيا الخدمات المالية تلقت الشركات أيضا ضربة من ارتفاع أسعارِ الفائدة، كما أن المستثمرين زادوا من ضغوطهم على الشركات لخفض تكاليفها.

كما يرى البعض أن رواتب ومزايا الموظفين في القطاعِ التكنولوجي غير مستدامة، وأعلى من غيرها من القطاعات.

تصاعدت وتيرة عمليات تسريح الموظفين في عام 2023

وخلال عام 2023، تصاعدت وتيرة عمليات تسريح الموظفين في شركات التكنولوجيا على نحو كبير ما تسبب بفقدان عشرات الآلاف من الأشخاص لوظائفهم، في قطاع إعتبر في يوم من الأيام مرادفاً للأمن الوظيفي.

وموجة تسريح العمال التي طالت موظفي شركات التكنولوجيا في 2023 ليست بجديدة، فقد انطلقت في نهاية عام 2022 بسبب الظروف التشغيلية الصعبة التي مرت بها الشركات آنذاك، والتي تسببت بخسارتها تريليونات الدولارات من قيمتها بفعل ارتفاع التضخم ونمو أسعار الفائدة، ما ألقى بثقله على أعمال هذه الشركات، التي أصبحت تعاني من ارتفاع في كلفة الديون، التي تعتمد عليها لتمويل فرصها في النمو.

رغم الأداء الجيد الذي سجلته شركات التكنولوجيا في 2023، إلا أن الأفق القاتم حام حول الموظفين في هذا القطاع، فظلت عمليات التسريح مستمرة في شركات التكنولوجيا حتى الشهر الأول من عام 2024.

وقد شهد عام 2023 موجة تسريح كبيرة للعاملين في قطاع التكنولوجيا، وذكر موقع تتبع عمليات التسريح Layoffs.fyi أن 2023 كان عاماً مضطرباً بشكل عام بالنسبة لصناعة التكنولوجيا، والتي فقدت 260 ألفا و509 وظائف حتى 22 ديسمبر الماضي.

ويمثل هذا العدد ما يقرب من 100 ألف عملية تسريح للعمال أكثر من العام 2022 بأكمله، وفقًا لتقارير الموقع الذي يرصد عمليات التسريح يومياً في الشركات التكنولوجية.

تشمل الشركات الـ 1,175 التي قامت بتسريح الموظفين على مدار العام عمالقة التكنولوجيا مثل Amazon وMeta و Microsoft.

شركات التكنولوجيا تستكمل موجة تسريح العمالة خلال عام 2024

وخلال عام 2024، ووفقاً لأحد التقديرات، هناك أكثر من 7500 حالة تسريح للعمال في قطاع التكنولوجيا منذ بداية العام، وهو ما يمثل تشتيتاً للآمال الوردية، إذ كان الكثيرون يأملون أن تتوقف تلك الموجة بعد التخفيضات الكبيرة في الوظائف في العام 2023.

ومنذ بداية العام، قامت غوغل بتسريح أكثر من ألف موظف في مجالات الأجهزة، ومبيعات الإعلانات، والبحث والتسوق والخرائط والسياسة والهندسة الأساسية، ومساعد غوغل ويوتيوب.

تعد التخفيضات طفيفة مقارنة بشهر يناير الماضي، عندما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، ساندر بيتشاي، عن تسريح 12 ألف عامل، لكن بيتشاي حذر من المزيد من التخفيضات في المستقبل.

وأخبر أحد موظفي شركة Alphabet أنها "تزيل الطبقات لتبسيط التنفيذ وزيادة السرعة في بعض المناطق"، وأن لدينا أهداف طموحة وسنستثمر في أولوياتنا الكبرى هذا العام.. من أجل خلق القدرة على هذا الاستثمار، علينا أن نتخذ خيارات صعبة"، لكنه أضاف أن التخفيضات لن تكون بحجم التخفيضات التي تمت في العام الماضي، ولن تمس كل فريق.

أعلنت أمازون أيضًا عن جولة جديدة من تخفيضات الوظائف التي أثرت على مئات الموظفين من أقسام استوديوهات Prime Video و Amazon MGM، كجزء من التراجع عن الإنفاق الزائد على الترفيه وإعادة التركيز على الأولويات الأساسية مثل لوجستيات التسوق عبر الإنترنت والأولويات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي.

وفي ميتا، تم إلغاء أكثر من 20 ألف وظيفة العام الماضي، يبدو أن إلغاء الإدارات قد تباطأ ولكنه لم يتوقف.

وقد ألغى إنستغرام طبقة من الإدارة في منتصف شهر يناير، مما أدى إلى الاستغناء عن 60 مديرًا للبرامج الفنية. وقالت الشركة العام الماضي إنها ستضيف عمالاً لدعم "المجالات ذات الأولوية".

ويمكن تلخيص أبرز العوامل لعمليات التسريح في التالي:

-ارتفاع معدلات التضخم التي تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والعمالة.
-ارتفاع أسعار الفائدة خلال السنة الماضية، ما صَعَّبَ الحصول على التمويل بالنسبة للشركات.
-الركود الاقتصادي وانخفاض الطلب على الخدمات والمنتجات الإلكترونية.

هل لتسريح الموظفين ضرر أم فائدة لشركات التكنولوجيا؟

-يعد فقدان العمال المهرة سبب رئيسي يؤدي إلى قلة الإنتاجية وانخفاض الجودة، وقد لا يكون لدى الموظفين المتبقين المهارات المطلوبة، خاصة إن كانت الشركات تعمل على نظام العمل المشترك.

-توقف الأبتكار لعدم شعور العالمين بالأمان وإنهم من الممكن أن يتم الأستغناء عنهم في أي وقت.

-زيادة التكاليف نتيجة محاولة تغطية نفقات مكافآت نهاية الخدمة والتعويضات

-انخفاض الروح المعنوية للموظفين المتبقين وزيادة قلقهم حول اختفاء الأمان الوظيفي

-إضعاف القدرة التنافسية للشركات

-تأخير إطلاق المنتجات والخدمات الجديدة

-طبيعة وحجمِ الشركة، فقد يكون التسريح هو خطوة أخرى في طريقِ إنهيار الشركة، خاصة للشركات الأصغر.