رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

مساعدات ووقف التصعيد.. مكاسب متوقعة للقمة المصرية الأردنية الفلسطينية

نشر
الأمصار

تتبنى مصر رؤية واضحة منذ اليوم الأول ضد التجاوزات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وبالأخص في غزة، يأتي ذلك تزامنا مع توجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم إلى مدينة العقبة في المملكة الأردنية الهاشمية لعرض رؤية مصر في القمة الثلاثية.

أهداف القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية

وفي إطار ذلك، تستضيف مدينة العقبة الأردنية، اليوم، قمة ثلاثية، تجمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وتعد هذه القمة الثالثة التي تجمع قادة الدول الثلاث خلال عام واحد، حيث عقدت القمة الأولى في يناير 2023 والثانية في أغسطس 2023، قبل اندلاع الحرب الأخيرة بحوالي شهر، وتركزت القمتين السابقتين على التنسيق والتشاور المشترك لتوحيد الرؤى لمواجهة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية.

ويتفق القادة الثلاثة من خلال هذه القمة، إلى التنسيق والتشاور في تداعيات استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، ومخاطره على الأمن والسلم الإقليمي بما يهدد مصالح كل الأطراف، فلا سلام في الشرق الأوسط دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا للمقررات الدولية، تحظى هذه القمة باهتمام مصري وأردني كبير، وتدعم القاهرة وعمان السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس أبو مازن، ومنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وسط الضغوط الإسرائيلية المتزايدة على رام الله.

ويؤكد الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني على موقف مصر والأردن من أي حديث عن مستقبل قطاع غزة بأنه شأن فلسطيني يقرره الفلسطينيون وحدهم، وأن البلدين يدعمان كل خيارات الشعب الفلسطيني، وأن الدولتين ترفضان أي حلول معلبة لغزة ما بعد انتهاء الحرب لا تراعي حقوق الشعب الفلسطيني وتضحياته ولا تضع في الحسبان حجم الفاتورة التي دفعها ولا يزال الفلسطينيون في سبيل تحقيق حلمهم في دولتهم المستقلة.

ومن المتوقع أن يدعو الزعماء الثلاثة لوقف فوري لإطلاق النار، وضرورة العودة للمسار السياسي لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وفقا للمقررات الدولية ذات الصلة، وتنسيق مواقفهم حيال التطورات الأخيرة في قطاع غزة، والتأكيد على الموقف القائم حالياً برفض أية محاولات لتهجير سكان قطاع غزة والضفة والوقوف ضد تصفية القضية الفلسطينية. 

وقمة العقبة هي تعبير عن حجم المعاناة الإنسانية التي تعيشها غزة الآن، وحجم الضحايا من الشهداء والمصابين، وعملية النزوح الداخلي التي تخطت 90 % من سكان القطاع، واستمرار إسرائيل في تعطيل إدخال ونفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل كامل لكل مناطق القطاع، وأنها لا تزال تتعمد الاستمرار في سياسة التجويع والعقاب الجماعي، وهو ما يخالف قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2720 بشأن زيادة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإنشاء آلية أممية لمراقبة ومتابعة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

الجهود المصرية لمساندة الشعب الفلسطيني

وقد تبنت الدولة المصرية جوانب عديدة في مناقشاتها على هامش المشاركة في القمة الثلاثية «المصرية - الأردنية - الفلسطينية»، التي تهدف إلى التشاور بين الزعماء الدول الثلاثة بشأن التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، ودفع وتكثيف الجهود الرامية لوقف التصعيد وإنقاذ أهالي غزة من المأساة الإنسانية.

وحرصت مصر منذ اندلاع العدوان على غزة على فتح معبر رفح دائما حيث أن مصر لم تغلقه من جانبها اطلاقا لتسهيل حركة دخول المساعدات الإنسانية واستقبال الجرحى والمصابين والأجانب من مزدوجي الجنسية، لكن إسرائيل هي من تضع العراقيل لعدم نفاذ المساعدات بشكل كامل إلى غزة، وأن تل أبيب هى من تعرقل خروج مزدوجي الجنسية من الفلسطينيين.

وتعد حجم المساعدات التي قدمتها مصر هي الأكبر على الاطلاق فقد تخطت 13 ألف طن وأنه يمثل 80 % من المساعدات، وأن القاهرة مستمرة في هذا الدور، لدعم 2 مليون ونصف فلسطيني داخل قطاع غزة وتخفيف معاناتهم.

ولا يتوقف الدور المصري على الدعم المادي بإدخال المساعدات واستقبال الجرحى والمصابين والمساعدة السياسية والدبلوماسية والوقوف ضد مخططات تصفية القضية، لكنها امتدت أيضا بإنشاء الهلال الأحمر المصري مخيم إغاثي على مساحة 100 فدان في منطقة خانيونس جنوبي قطاع غزة يتسع لعمل 1050 خيمة بإعاشة كاملة. 

ومن أكثر المواقف وضوحا على قوة الشعب المصري وثبات موقفة في دعم الشعب الفلسطيني، أن القاهرة لن تسمح بانتهاك أمنها القومي وسيادتها على كامل ترابها، وستظل متمسكة بموقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين، وستعمل على مواجهة أي خطوات وإجراءات من شأنها تصفية القضية.

كما تدعو مصر من خلال اتصالاتها ومن خلال جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة، حيث حذر الرئيس السيسي في عدة مناسب من أن التصعيد الجاري في غزة ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن والسلم الإقليمي، وستمتد تداعياته السلبية على كل الأطراف بلا استثناء، وتستمر مصر في جهودها بالتنسيق والتعاون مع أشقائها العرب الرامية لخفض التصعيد ومنع تفاقم الأزمة والوصول في النهاية لوقف كامل لإطلاق النار.  

وتعد القضية الفلسطينية قضية أمن قومي مصري، ومصر لم ولن تسمح الدولة المصرية بتصفيتها تحت أي ظرف، وذلك في إطار دور مصر التاريخي في دعم الأشقاء الفلسطينيين المستمر في سعيهم لإقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي أغسطس الماضي، عقدت القمة الثلاثية الأردنية المصرية الفلسطينية الثانية- الأولى كانت في يناير 2023- جمعت بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالعاصمة المصرية القاهرة، بيان ختامي، تالياً نصه:‎"في إطار الحرص على توثيق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين، وانطلاقاً من الإرادة المشتركة لتكثيف مستوى التنسيق المستمر بين الدول الشقيقة الثلاثة إزاء المستجدات والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، وسعياً لتحقيق جميع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وآماله وطموحاته، استضاف فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وفخامة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، في قمة ثلاثية عقدت في القاهرة يوم 2 أيلول/ سبتمبر 2021، وصدر في نهاية القمة البيان التالي:

‎1- أكد فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وجلالة الملك عبدالله الثاني مركزية القضية الفلسطينية القضية العربية الأولى، وعلى مواقف مصر والأردن الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق وحقوقه العادلة والمشروعة، وفي مقدمتها حقه في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
‎2- تناولت القمة الاتصالات والتحركات الأخيرة التي قامت بها البلدان الثلاثة على المستويين الإقليمي والدولي، لاسيما تلك المستهدفة إيجاد أفق سياسي حقيقي لإعادة الجهود الفاعلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين، سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام الشامل والعادل، وأكد القادة أن هذا السلام العادل والشامل والدائم يشكل خياراً استراتيجياً وضرورة للأمن والسلم الإقليميين والدوليين يجب أن تتكاتف جميع الجهود لتحقيقه.
‎3- وجه القادة المسؤولين في الدول الثلاثة للعمل معا من أجل بلورة تصور لتفعيل الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات، والعمل مع الأشقاء والشركاء لإحياء عملية السلام، وفقاً للمرجعيات المعتمدة.
‎4- أكد القادة رفضهم للإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين وتهدد فرص تحقيق السلام في المنطقة بما فيها بناء المستوطنات وتوسعتها في الضفة الغربية المحتلة وبما فيها القدس الشرقية ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، وشددوا في هذا السياق على ضرورة احترام حق أهالي الشيخ جراح في بيوتهم.
‎5- أكد القادة ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية ورفض جميع الممارسات التي تستهدف المساس بهذا الوضع، كما أكدوا أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس ودورها في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
‎6- ناقش القادة مستجدات الموقف السياسي والميداني في الأراضي الفلسطينية عقب التصعيد الأخير في شهر أيار/ مايو 2021 وأكدوا ضرورة وقف الممارسات التي أدت لهذا التصعيد في القدس الشرقية أو في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وشددوا على ضرورة العمل على الحفاظ على التهدئة بصورة شاملة.
‎7- رحب القادة بالجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية لتثبيت التهدئة وإعادة الإعمار في قطاع غزة، ودعوا المجتمع الدولي لبذل جهوده لتخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع، من خلال المشاركة في جهود الإعمار وحث إسرائيل على التجاوب مع الاحتياجات الأساسية والإنسانية لأهل القطاع، اتساقا مع مسؤولياتها وفقا للقانون الدولي.
‎8- أكد القادة أهمية الاستمرار في العمل على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتشاوروا حول الأفكار المطروحة في هذا السياق، وأكدوا أهمية تجاوب جميع الأطراف الفلسطينية مع الجهود التي تبذلها مصر وإعلاء المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.
‎9- أكد القادة أهمية استمرار المجتمع الدولي في دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وضرورة توفير الدعم المالي الذي تحتاجه للحفاظ على قدرتها في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين وفق تكليفها الأممي.
‎10- اتفق القادة على عقد القمة القادمة في المملكة الأردنية الهاشمية في وقت يحدد لاحقاً."