رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. تحسين الشيخلي يكتب: هل فعلًا معرفتنا قوة ؟

نشر
الأمصار

المعرفة ميزة تنافسية وخصوصاً في مجتمع المعلومات فإما أن تعرف وتتمكن من المنافسة والفوز وإما أن لا تعرف وتتأخر عن منافسيك ممن يحرصون على المعرفة للفوز.
كتب ذات يوم المفكر فرانسيس بيكون بأن ( المعرفة قوة )، لأنها الصيغة الأحدث للمجتمعات، تحت عنوان لافت ومهم ( مجتمع المعرفة )، ولعلنا نحن أحوج المجتمعات لبناء منظومة فاعلة من المعرفة التي تؤسس لدينا قدرات خلاقة للبناء والتطوير، وتعزيز قيم الإنتاج، بدلا من أن نبقى أسرى ومرتهنين لإنتاجيات المجتمعات الأخرى، ونحن ندرك إن مثل هذه الرؤية الإستراتيجية محاطة بكثير من التحديات التي علينا أن نواجهها بتقديم استجابات واعية ودقيقة، وفهم واسع للحالة التي نحن عليها اليوم مجتمعيا، وفيما يتصل بكافة قطاعاتنا الحيوية من اقتصاد وسياسة وفكر وتعليم، وغيره. 
نحن نملك المؤسسات الأكاديمية لكنها غير مفعلة ، لان اغلب إنتاجها المعرفي هو عبارة عن جمع للمعلومات ووضعها على رفوف المكاتب بدون جدوى علمية..
إذا ما الجدوى من هذا الكم الهائل من البحوث الذي تكسوها طبقات الغبار إذا لم يتم استغلالها وعرضها على المؤسسات ذات العلاقة للاستفادة من النتائج الذي توصلت إليها؟ وكذلك الحال ينطبق على الدراسة الأكاديمية مثل الهندسة والصيدلة والإدارة,ماهي الجدوى منها إذا لم تطبق وتفعل قوانينها وعلومها على ارض الميدان العلمي لهذه الاختصاصات ..؟
نذكر هنا في هذا السياق قول ( كريستين إم. لورد Lord. M Kristin ( من معهد بروكينغر، المؤلف لدراسة ( ألفية جديدة من المعرفة - خمس سنوات على تقرير التنمية البشرية العربية - حول بناء مجتمع المعرفة ) والذي نشر عام 2008 (يمكن الاطلاع عليه في نهاية المنشور)والذي اتمنى ان يراجع من حين الى أخر ، قال أنه: على الرغم من تسارع معدلات النمو في الاقتصاديات العربية، إلا أنها معدلات غير كافية لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والوفاء باحتياجات المواطنين أو للاندماج الإيجابي في الاقتصاد الدولي.
واعتبر ( لورد ) أنه بعد مرور 5 سنوات على تقرير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الخاص بالتنمية البشرية في الدول العربية، حول بناء مجتمع المعرفة، وجد بأن القراءة المتأنية العميقة، تكشف عن جدل كبير ونتيجة مهمة توصل إليها التقرير تمثلت في ( عجز الاستثمار العربي في المعرفة )، أو بعبارة أقل قسوة ( صعوبة الاستثمار في المعرفة ) وهو الأمر الذي يهدد أي محاولات جادة للارتقاء بمعدلات التنمية البشرية والنمو الاقتصادي في الدول العربية.
لا يعد هذا تشاؤما أو يأسا بقدر ما هو قراءة دقيقة للواقع، بقصد الوصول لبنية استثمارية في المعرفة عربيا، أما أسباب تلك الحالة فهي قد لا تبدو واضحة أو مباشرة، إذ أن كافة قطاعات المجتمع العربي له علاقة بطرف ما في هذا المآل السلبي لواقع الاستثمار في المعرفة عربيا، ولعل ابرز قطاع هو التعليم والتعليم العالي، والسياسات التعليمية التي يجب ان توجه لشراكة فاعلة بين القطاعين الخاص والعام ضمن منهجية ورؤية محددة وواضحة، تأسيسا على فكرة مهمة مؤداها أن مجتمع واقتصاد المعرفة يقوم بالأساس على الشراكة بين وحدات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الرسمي، كما أن الأمر متعلق أيضا بجودة التعليم ومعايير التميز والاعتمادية،ٕ واعداد مخرجات التعليم العالي وفقا لاحتياجات سوق العمل، كي تستطيع مؤسساتنا العلمية المساهمة الفاعلة في بناء انطلاقة سوية لمجتمع المعرفة والاستثمار فيها.
علينا أن ندرك أن التحديات الرقمية أمامنا كبيرة بالنظر إلى إحصائيات البحث العلمي ومستويات تقدمه البطيء، بالإضافة لإحصائيات النشر العلمي، ومعدلات النمو في توظيف التكنولوجيا توظيفا ايجابيا في كافة مجالات المجتمع لتعزيز كفاءته وقدرته على التعاطي الأمثل مع سياقات التقدم العلمي في العالم.
الحديث هنا في هذا الشأن طويل وشائك وجدلي أيضا، ربما يحتاج لمنشورات متعددة كي ندرسه بعناية ودقة وموضوعية.