رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

العميد الركن يعرب صخر يكتب: شتاء ساخن

نشر
العميد ركن يعرب صخر
العميد ركن يعرب صخر

في قراءتي لتوالي الأحداث في غزة ومرور ٢٥ يوم على الملحمة وارتفاع وتصاعد وتيرة القتل والدمار، وبعد أن تراجعت حماس من الهجوم إلى الدفاع، وبات مرجل النار محصور في بقعة غزة، وسط محاولات الاقتحامات الإسرائيلية لبعض الجيوب هنا وهناك، يقابلها التصدي البطولي للغزاويين… باتت الإستراتيجية الإسرائيلية قائمة على إنهاك الخصم.
وإذ نسجل للفلسطيني هذا الإنجاز العسكري التاريخي ونسجله بأحرف من ذهب، لم يسبق إليه أحد؛ لكن حسبان الخطوة الثانية هو المقياس في ديمومة النجاح؛ حيث دائما" بالعمل العسكري أضع خطة الخطوة الثانية وما يليها قبل البدء بتنفيذ ما خططته للخطوة الأولى المرتكزة على عناصر السرية والمبادأة والمباغتة. وعندما أتيقن من عناصرها أشرع بالعمل؛ أو أؤجلها حتى تنضج ظروفها. هذا ما أخطات فيه حماس برهانها على شبك النيران ووحدة الساحات التي تركتها وحيدة.
وهذا الإنجاز يجر معه للإنجاز الأبرز الذي حققته ‎#حماس أنها بما أنزلته من أذى" بإسرائيل في يومين، لم يسبقها عليه أحد في سنوات وعقود؛ فقزمت بذلك كل الممانعين وسخفت جميع المقاومين؛ وبذات الوقت كشفت وجوههم وأزالت أقنعتهم وزيف بطولاتهم؛ والأهم أنها فضحت جبنهم وبطلان حججهم بتوفير زمان ومكان الوغى، ولم يستجيبوا… ولسوف يسجل للمانعين مخلفي الوعد للفلسطينيين بأحرف من عار تفريطهم بالفرصة الذهبية التي وفرتها لهم حماس في عنصر المباغتة والزمان والمكان المناسبين اللذان لطالما صرعونا بهما، ومبدأ المبادأة في القتال الذي يرفع معنويات المهاجم ويثبط عزيمة المدافع… كله ضاع اليوم من بين أيديهم.. ولسوف يندمون، ولات ساعة مندم..

إذ أن إسرائيل، وبعد أن أمنت عدم انخراط باقي الساحات، وتفرغها لغزة، تنتظر استكمال أمريكا الجهوزية العسكرية في الشرق الأوسط برا" بحرا" جوا" (٢ حاملات طائرات مع مدمراتهما وبوارجهما وكامل أطقمها بالالاف + ١٢ الف جندي شرقي الفرات + ٤ آلاف مارينز + ٣ آلاف قوات نخبة + بارجة بريطانية + حامل طوافات فرنسية..) وانتبهوا ان هذه القوات ليست دفاعية بل ردعية هجومية.. إذا تنتظر إسرائيل استكمال هذا الإستعداد الأميركي، ولا اقول أنه بأمره إسرائيل بل أن إسرائيل سوف تصعد بعنف في جبهات أخرى كي تستدرج الأميركي للانخراط.. وهنا بما ان غزة من الناحية العسكرية باتت تحت السيطرة تقريبا"، أرى أن إسرائيل هي التي سوف تستدرج حزبللا الذي يتجنب الدخول انسجاما" مع الإرادة الإيرانية، وسوف تصعد في الجولان وجواره لاستدراج هذه القوى...
أرى أن إسرائيل لن تضيع هذه الفرصة وسوف تبذل كل كيدها لتوسعة الجبهات كي تتجنب ازماتها الداخلية واستتباعات عملية الطوفان خصوصا" إذا علمنا أن المتحكم بصنع القرار الآن في إسرائيل هو اليمين المتطرف الذي ينسج السياسة ويخلطها بالعسكر على أسس دينية توراتية... والله اعلم.

انكسار هيبة القوة

فإسرائيل نتيجة نكستها وانكسار هيبة القوة عندها، لا أراها سوف ترضخ للمخرجات التسووية وعودة الأمور لما قبل غزة على مسرح صغير، بل تريد خلط الأوراق على المسرح الجيوسياسي الشرق اوسطي الكبير وتأمين أمنها للخمسين سنة القادمة على الأقل…

الإسرائيلي سيتشبث بهذه القوة العسكرية الأميركية الهجومية الحاضرة ليستفيد منها بأقصى حد، وسيعتمد كل أساليب الكيد والخداع لجر هذه القوى واستخدامها لصالحه على جبهات أخرى. .. لذلك فالنزاع سوف يطول. إذ إذا ما توقفت الحرب الآن، تكون إسرائيل خاسرة على المستوى العسكري الردعي المتفوق مهما ستربح في السياسة. وكما قلت: بهدف استعادة ميزة التفوق وترسيخ أمن إسرائيل للخمسين سنة القادمة على الأقل؛ وهذا هو بالأساس مبدأ ثابت وعقيدة راسخة عند الغرب وعلى رأسه أميركا.

لذلك وبذلك وعلى كل ذلك؛ استعدوا لشتاء ساخن.