رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: لقاء سري فضحه كوهين

نشر
عبدالرحمن جعفر الكناني
عبدالرحمن جعفر الكناني

بدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة وكأنه لم يكن يعلم بلقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في روما الأسبوع الماضي قبل إعلان تل أبيب عنه، وهو يتخذ قرار إيقافها عن العمل "احتياطيا" محملا إياها مسؤولية ما حدث لامتصاص غضب الشارع الليبي.

ما كان لوزير خارجية أي بلد ما أن يتصرف منفردا في أمر سيادي دون برنامج معد يجسد نهجا سياسيا معتمدا لا يحيد عنه أحد تحت أي ظرف كان، ولقاء المنقوش – كوهين مبرمج من قبل، وهو الهدف الرئيسي في زيارتها لإيطاليا في إطار التنسيق الأمريكي – الليبي لإرساء قواعد علاقة بين طرابلس وتل أبيب .

كان يمكن أن يبقى ذلك اللقاء في طي السرية، بعدما حجبته وسائل الإعلام الليبية عن الرأي العام، لولا إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي  إيلي كوهين لوسائل الإعلام عن لقاء تاريخي سري في روما الأسبوع الماضي مع نجلاء المنقوش وبحث معها سبل إقامة علاقات ليبية-إسرائيلية، وقال "تحدثت مع وزيرة الخارجية عن الإمكانات الكبيرة للعلاقات بين البلدين"، مضيفاً "نمنح أهمية هائلة للعلاقات مع ليبيا".

ووصف الاجتماع بأنه كان تاريخيا وخطوة لبناء العلاقات.

وما أكده كوهين في بيان رسمي أنه ناقش مع المنقوش العلاقات التاريخية بين البلدين و"إمكانية التعاون بين الدولتين والمساعدات الإسرائيلية في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه"..

حكومة الدبيبة مرسوم في أجندتها التواصل مع إسرائيل منذ عدة سنوات، وشكوك التطبيع تطال كافة الأطراف السياسية في ليبيا، سيّما وأنها تسعى عبر استخدام هذه الورقة للبقاء في السلطة أو الوصول إليها عبر انتخابات تشريعية أو وسائل أخرى.

وظهرت أولى خطوات التطبيع الليبي – الإسرائيلي عبر البوابة الفلسطينية، بقيام وزير العمل الليبي علي العابد بزيارة القدس ومقر السلطة الفلسطينية في رام الله، وكان دخول مسؤولٍ ليبي إلى الأراضي الفلسطينية يقتضي التواصل مع الحكومة الإسرائيلية لتنسيق عملية الدخول، سيّما وأنّ إسرائيل تسيطر على المعابر والمنافذ التي تربط فلسطين بالخارج.

لقاء المنقوش – كوهين بحضور وزير الخارجية الإيطالي كوسيط، كان مخطط له من قبل، وهو نتيجة تحرك واشنطن باتجاه طرابلس، تحرك بلغ ذروته بزيارة وليم بيرنز رئيس المخابرات إلى ليبيا في يناير الماضي، ركز فيها على ضرورة التطبيع مع إسرائيل، ممهدا فتح باب التنسيق الجاد لبلوغ هذا الهدف المرسوم في برنامج الرئيس جو بايدن الداعم للمنظومة السياسية الحاكمة "إسلامية" في غرب ليبيا .

تسريبات من تقارير سرية، لم تنقطع من الظهور إلى العلن، عن لقاءات ليبية – إسرائيلية على أعلى المستويات في بعض العواصم العربية، لم ينفيها أحد أو يؤكدها، لكنها أضحت حدثا معلوما في هذه المرحلة التي تسبق انتخابات رئاسية وتشريعية ستحدد هوية الفئة الحاكمة لليبيا بدعم ورضى دولي وإقليمي لن يستغني عنه أي طرف من الأطراف المتصارعة الطامحة في استلام السلطة، وترى في إرساء العلاقات مع إسرائيل المحرك الأسرع بوقود أمريكي في بلوغ ما تسعى إليه.