رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

روسيا وأوكرانيا.. تبعات مقلقة من أزمة الغذاء في جنوب أفريقيا

نشر
الأمصار

وجهت الحرب الروسية على أوكرانيا ضربة قوية للاقتصاد العالمي وتركته يترنّح بين الأزمات واحدة تلو الأخرى، وتعتبر دول جنوب أفريقيا أكثر متضرر من هذه الضربة الاقتصادية.

معاناة جنوب أفريقيا.. بسبب حرب أوكرانيا

وقد سرعت هذه الحرب من وتيرة أزمة نقص الغذاء وموجات التضخم العالمية والتي كانت قد نجمت بالأساس عن عدد من العوامل المتضافرة، منها الآثار الاقتصادية التي خلّفها وباء كورونا؛ ومشاكل تتعلق بسلاسل الإمداد، والبطالة، والنقل؛ وأزمة تغير المناخ وتأثيرها على الإنتاج؛ والاضطرابات قصيرة الأجل الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة منذ بداية الصيف، وارتفاع تكلفة الطاقة؛ وتفشي الصراعات حول العالم.

وتتجاوز الأزمة القمح والزيوت. تعد روسيا، إلى جانب حليفتها بيلاروسيا، مصدرًا رئيسيًا للأسمدة اللازمة لزراعة مجموعة واسعة من المحاصيل. يتسبب سعر الغاز الطبيعي في تفاقم المشكلة. يحتاج منتجو الأسمدة خارج روسيا وبيلاروسيا إلى الغاز لصنع منتجات قائمة على النيتروجين مثل اليوريا، والتي تُستخدم عند زراعة المحاصيل لزيادة إنتاجها.

وتعدّ الدول ذات الدخول المتوسطة، مثل البرازيل، الأرجنتين وتونس وباكستان والفلبين، والتي تعتمد بشكل كبير على الواردات لتأمين احتياجاتها من الغذاء والطاقة، هي من بين دول عديدة متوسطة أو منخفضة الدخول فريسة سهلة لغُول انعدام الأمن الغذائي.

وتعد إفريقيا أكثر القارات تضررا جراء هذه الحرب؛ نظرا لأن روسيا وأوكرانيا أكثر الدول تصديرا للحبوب إلى إفريقيا.

أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تداعيات كثيرة تمثلت في توقف كل من الصادرات الروسية بفعل الحصار الغربي، والصادرات الأوكرانية بفعل الحصار الروسي، وعدم قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب من موانئها.

وتعتبر جنوب أفريقيا هي واحدة من البلدان الأكثر تضررا من الصراع الروسي الأوكراني. ورغم أنّ جنوب أفريقيا نفسها لم تشارك في الصراع، فقد أغلق طرق الإمدادات الغذائية لأسباب تتعلق بالصراع.

ويمكن رسم صورة بالأرقام توضح حجم تأثر إفريقيا بهذا الأمر:

-تزود أوكرانيا وروسيا أفريقيا بأكثر من 40 بالمئة؜ من احتياجاتها من القمح.
-الحرب أدت إلى نقص بواقع 30 مليون طن من الغذاء في إفريقيا.
-زادت الأسعار بنسبة 40 بالمئة؜ بأسعار الغذاء في القارة.
-هذا النقص الشديد في إمدادات الغذاء إلى دول القارة، إلى جانب انخفاض المساحة المحصولية بنسبة 25 بالمئة، وانخفاض حجم الإنتاج بنسبة 37 بالمئة فاقم أزمة الغذاء في عدة دول، ووضع بعضها على حافة المجاعة.
-نقصت القدرة التصديرية عن العام السابق على الحرب، وارتفعت تكاليف سداد قيمة المواد الغذائية نتيجة لارتفاع أسعار الحبوب والأرز والقمح.

في خصم الأزمة اتفق الجانبان روسيا وأوكرانيا على السماح للسفن المحملة بالحبوب من الانطلاق للدول التي في حاجة إلى الحبوب الغذائية.

وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" من أن القارة قد تواجه خطر المجاعة بسبب الاعتماد الرئيسي على الحبوب الروسية والأوكرانية.

ونبهت قادة الدول لضرورة البحث عن مصادر بديلة للحبوب، وتطبيق مجموعة واسعة من الإجراءات لمواجهة تحديات الأمن الغذائي وزيادة قدرتها على الصمود في مواجهة الصدمات العالمية.

وفقا للبيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء لجنوب أفريقيا، سجل مؤشر أسعار المستهلك في البلاد في يونيو نسبة 9.8٪، والذي تجاوز نسبة الـ9 في المائة للشهر الرابع على التوالي.

كما باتت أسعار المواد الغذائية الأكثر تقلبا، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 11 في المائة.

وفي مواجهة المخاوف بشأن تعطل سلسلة الإمدادات الغذائية لجنوب أفريقيا، قال مسؤولون حكوميون إنّ المجتمع الدولي يجب أن يحمي المعاملات الغذائية عبر الحدود لضمان عمل سلسلة الإمدادات بشكل جيد.

بالإضافة إلى ذلك، أثرت الأحوال الجوية المتطرفة الأخيرة أيضا على الإمدادات الغذائية في جنوب إفريقيا. وأشارت غرفة التجارة الزراعية في جنوب أفريقيا مؤخرا إلى أنّ الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو سيهدد إنتاج الغذاء في البلاد.