رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

علي أركان يكتب: الأصول التاريخية لمدينة تكريت العراقية

نشر
الأمصار

تكريت: مدينة تقع على الضفة اليمنى لنهر دجلة شمال بغداد بالعراق.
جاء في معجم البلدان: وقيل سميت بتكريت بنت وائل  وهو اسم أمرأة فسمي الربض بأسمها ، ثم قيل قلعة تكريت ، نسبوها الى الربض " – انتهى- ان من المعلوم ان اقدم الادلة الكتابية تشير الى ذكر تكريت في حدود القرن السادس عشر ق.م بصيغة تـَگـريتونو) . وبدأت صيغة بِرتو birtu ، الآرامية ، أي : الحصن أو القلعة ، تحل محل  تـَگـريتونو  ، للدلالة على مدينة تكريت ، منذ عصر الملك الآشوري تگلاتبليزر الثالث، لتسرب الألفاظ الآرامية في اللغة الأكدية الآشورية ، وذلك نتيجة تغلغل العنصر الآرامي من كتبة ومترجمين وقادة وجنرالات عسكريين ومستشارين وموظفين وحرفيين وغيرهم في مفاصل الإمبراطورية الآشورية .

واذا ماعرفنا بأن القلعة التي تمثل اقوى وأهم قسم من مدينة تكريت كانت تقوم على مرتفعين (فقيل لها (تكريتين بصيغة التثنية) وبخصوص هذه الصيغة اختلف الباحثون في تخريجها ،ففي حين يقترح الباحث فاروق الراوي الموازنة بين كلمتي (تـﮕريتان) و(تـﮕريتين) الاكديتين وبين كلمتي (ثغران) و(ثغرين) العربيتين (بإبدال حرف الثاء تاءاً والغين جيماً معطشة مصرية) وهكذا مدينة تكريت هي ثغر- منطقة حدودية- لبلاد آشور عندما تتبع إدارياً لدولة آشور وثغر بلاد بابل عندما تتبع إدارياً لدولة بابل وهي الثغران لوجوده معقلين محصنين بها .

 فيما يذهب الباحث فوزي رشيد مستنداً الى رأي الباحث المتخصص في الدرسات المسمارية (س.هورن) الذي أشار الى ان مركز المنطقة التي سكنتها قبيلة (ايتوءو itu'u) القبلية الآرامية البدوية كان يسمى ايتو itu ويتمثل بمدينة تكريت الحالية وهذه القبلية قاومت الآشوريين وقاتلهم منذ عام 885 ق.م وحتى عام 745 ق.م أي انها استمرت تقاتل الآشوريين وترفض الخضوع لسيادتهم مدة (140)سنة وتاسيساً على هذا الاستنتاج اذا صح افتراض الباحث ( س . هورن ) بأن مركز تجمع قبليه (إيتوءو itu'u) قبل انضمامها الى الدولة الآشورية كان يسمى "itu" فإن الاسم (تـﮕريتو tagritu) مؤلف من" itu'a و tagri " التي هي صيغة اسمية مذكّرة مزيدة التاء من المصدر "geru" وبمعنى "المقاتل" أو "المقاتلة".

وباضافة "itu" اليها تحولت الى صيغة اسمية مؤنثة  وان ماذكر اعلاه ينفي ويقوّض كل القصص المفتعلة التي ذكرت في المصادر الكلاسيكية (اليونانية والرومانية) والمصادر الساسانية التي أخذ عنها الكتّاب والجغرافيون العرب الأوائل والتي ذكرها الرحالة والمستشرقون وقسم من الكتّاب المحدثين الذين نقلوا عنهم وحاولوا إلصاق اسم مدينة تكريت بأسم احدى بنات القبائل العربية المسيحية اللاّتي تزوجن من احد الملوك او القادة الفرس الذي كان على الديانة الزرادشتية المجوسية .
في حين يذهب پولس بهنام مطران السريان الأرثوذكس على الموصل وبغداد الأسبق ،

"ان اسم مدينة تكريت مُتَأتٍّ من صيغة ܬܓܪܐ تَـغرا  التي تعني في اللغة السريانية :  ( المَتْجَر ) لموقعها الجغرافي الذي جعلها وسطاً تجارياً مرموقاً ، وازدهار تجارتها ازدهاراً عظيماً ، حتى ان تجارها كانوا يجلبون التوابل اليها من الهند ويبيعونه في هذه البلاد"  .