رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد إعلان باشينيان.. هل تعود حرب أذربيجان وأرمينيا مجددًا؟

نشر
الأمصار

تدق طبول  حرب أذربيجان وأرمينيا من جديد ، حيث أكد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، أنّه «من المرجح» اندلاع حرب جديدة مع أذربيجان، معتبرًا أنّ باكو ترتكب «إبادة» في ناغورني قره باغ، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية

كانت الحرب القصيرة في 2020 والتي تسمى  حرب أذربيجان وأرمينيا، بسبب إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه، حلقة من الصراع الذي اشتعل مراراً وتكراراً بينهما على مدى ثلاثة عقود ماضية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. 

فبدعم من تركيا، استعادت القوات الأذرية سيطرتها على 7 مقاطعات متجاورة احتلها الأرمن منذ الصراع الأول في بدايات التسعينيات. 

كما هيمنت أذربيجان على جزء من ناغورنو كاراباخ نفسها، وهي منطقة مأهولة بعدد كبير من الأرمن، وهي جزء من أذربيجان وفق الاعتراف الدولي بذلك. برغم أنَّ الهدنة التي توسط فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوقفت القتال في ذلك الحين، لم تتوصل أذربيجان الغنية بالطاقة وأرمينيا غير الساحلية إلى اتفاق سلام نهائي، واندلعت اشتباكات مميتة على الحدود بينهما مجدداً في سبتمبر الماضي.

ما أصل النزاع؟

في الوقت الحالي  بعد  حرب أذربيجان وأرمينيا تقع أرمينيا وأذربيجان ضمن منطقة اتسمت بحدودها المتقلبة لقرون، مع معاناة الدولتين من التفرقة والوحشية على أيدي الإمبراطوريات الروسية والعثمانية والفارسية الأكبر حجماً بكثير. بدأ المجتمعان في قتال بعضهما مع انهيار هذه الإمبراطوريات في نهاية الحرب العالمية الأولى سعياً لتشكيل دولتين مستقلتين، تدعم روسيا أرمينيا، بينما تؤيد تركيا العثمانية أذربيجان فيما يرقى إلى وصفها بأنَّها حرب بالوكالة. وقَّعت ناغورنو كاراباخ في قلب الصراع منذ البداية، لأنَّ المنطقة الجبلية تحتضن مجتمعاً مختلطاً من الأرمن والأذريين، وكان ينظر إليها من قبل الدولتين على أنَّها محورية في تاريخهما وهوياتهما الوطنية.


 

 

ما الدور الذي لعبه تفكك الاتحاد السوفيتي؟

بدأت أول  حرب أذربيجان وأرمينيا بعدما سيطر الاتحاد السوفيتي على الدولتين حديثتي العهد في 1921، زرع زعيمه جوزيف ستالين بذور الصراع الموجودة اليوم، حيث ضم ناغورنو كاراباخ لأذربيجان، لكن في 1923 قسمها كمنطقة ذاتية الحكم، مع ترسيم حدودها بطريقة تسببت في أن يسكنها الأرمن بنسبة تزيد عن 90%. 

اندلعت أعمال العنف الأولى في النزاع الحالي خلال 1988، بعدما اتضح أنَّ أيام الإمبراطورية السوفيتية أيضاً قد تكون معدودة. 

بدأت الجمهوريتان السوفييتان في الضغط من أجل الاستقلال، الذي يعني في جوهره بالنسبة لهما الحصول على حدود إدارية داخلية. صوتت الجمعية الوطنية في ناغورنو كاراباخ لصالح إنهاء وضعها المستقل والانضمام إلى أرمينيا.

 وقعت مذابح ضد كل من أصحاب الأصول الأذرية في أرمينيا وأصحاب الأعراق الأرمنية في أذربيجان. وإجمالاً، قُتل ما يزيد عن 30 ألف شخص في الحرب بأوائل التسعينيات، فيما لقي أكثر من 6000 شخص مصرعهم بالحرب التي استمرت 44 يوماً خلال 2020، فضلاً عن العشرات في اشتباكات العام الجاري.

 كيف ساهم تاريخ أرمينيا في ذلك؟

برغم أنَّ مجتمعات الأرمن والأذريين في كاراباخ عاشت بسلام معاً، واندمجت بشكل جيد نسبياً حتى 1988، لكنَّ تاريخ أرمينيا بصفة خاصة لعب دوراً كبيراً في تأجيج النزعة القومية. فالإبادة الجماعية في 1915، التي قتل فيها النظام العثماني البائد ما يصل إلى 1.5 مليون أرمني أثناء طردهم من الأناضول، تركت ندوباً عميقة، مما أثر في  حرب أذربيجان وأرمينيا

 

تسبب الخوف من تركيا في شعور أرمينيا بالاعتماد بشكل غير طبيعي على روسيا للحصول على الدعم العسكري بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما أصبح العديد من الأرمن ينظرون إلى الأذريين على أنَّهم أتراك بدائيون، متجاهلين التهديد الذي قد ينتج عن ذلك. لكن واقع الأمر هو أنَّ الأذريين والأتراك مختلفان، فبالرغم من تحدث أهل أذربيجان باللغة التركية، إلا أنَّ معظمهم من المسلمين الشيعة، في حين أنَّ غالبية الأتراك من السُنة.

لماذا تتدخل تركيا، وما أهدافها؟

لقد أغلقت تركيا حدودها ورفضت إقامة علاقات دبلوماسية مع أرمينيا، يرجع ذلك من ناحية إلى نزاع كاراباخ، ومن ناحية أخرى إلى التوتر الأوسع نطاقاً بشأن الإبادة الجماعية في 1915. (لكن منذ حرب عام 2020 بدأ الجانبان في تطبيع العلاقات وإعادة فتح حدودهما جزئياً).

على النقيض من ذلك، تزود أذربيجان تركيا بالغاز الطبيعي والنفط الخام عبر خطوط الأنابيب التي تمر نحو 10 أميال (ما يعادل 16 كيلومتراً) على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا، وحوالي 30 ميلاً من منطقة الصراع الأوسع نطاقاً. نتيجة لذلك؛ انحازت تركيا إلى جانب أذربيجان في نزاع كاراباخ مراراً، مما اعد في  حرب أذربيجان وأرمينيا

اقتصر هذا الدعم حتى وقت قريب على الخطب السياسية، لكنَّ المعونات العسكرية التركية، بما فيها الطائرات المقاتلة "أف-16" والطائرات من دون طيار، أثبتت أنَّها حاسمة في صراع 2020. كما وقَّعت الدولتان اتفاقية دفاع بعدها بعام.