رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الحرب بالسودان.. هل تنجح قمة مصر في حل الأزمة؟

نشر
قمة دول جوار السودان
قمة دول جوار السودان

اُختتمت أعمال قمة دول جوار السودان في العاصمة المصرية القاهرة، 13 من يوليو/تموز، بالتأكيد على الاحترام الكامل لسيادة السودان وأراضيه ومطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاثة أشهر، والدعوة إلى حوار جامع بعيدا عن التدخلات الخارجية.

وأشار البيان الختامي للقمة إلى التوافق على أهمية إيجاد ممرات آمنة وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وتجنيب المدنيين تبعات الحرب الدائرة. كما شددت الدول المشاركة على أهمية الاحترام الكامل لسيادة السودان و"عدم التدخل في شؤونه واعتبار النزاع الحالي شأنا داخليا".

الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها

كما أكدت الدول المشاركة على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها، محذرين من أن ذلك سيكون له "تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل".

ودعت القمة، التي استمرت ليوم واحد، إلى تأسيس آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار

وشارك في قمة القاهرة رؤساء وزعماء وممثلون رسميون عن كل من مصر وإثيوبيا وجنوب إفريقيا وإريتريا وتشاد وليبيا، فضلا عن وفد سوداني رسمي بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

وأشار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في افتتاح أعمال القمة، إلى خطورة الأزمة، التي نتج عنها إزهاق أرواح المئات من المدنيين ونزوح الملايين، فضلا عن تدمير العديد من المرافق الحيوية في البلاد.

وأكد الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، على أن مبادرة دول الجوار لها آليات واضحة لتحقيق الاستقرار، وأن القمة ترمي إلى أن يكون للشعب السوداني الكلمة الأخيرة ومنع التدخلات الخارجية.

رئيس وزراء إثيوبيا

كما دعا رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، إلى ضرورة احتواء النزاع في السودان بأسرع وقت ممكن، لأن "تداعيات الأزمة كبيرة على المنطقة"، داعيا إلى وقف مستدام لإطلاق النار.

مجلس السيادة الانتقالي السوداني

وتعليقا على نتائج القمة، رحب مجلس السيادة الانتقالي السوداني، في بيان رسمي، بـ "مخرجات قمة دول جوار السودان". كما أشار البيان إلى استعداد القوات المسلحة السودانية "لوقف العمليات العسكرية فورا" إذا التزمت قوات الدعم السريع "بالتوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء والأعيان المدنية والمرافق الحكومية وقطع الطرق وأعمال النهب".

قوات الدعم السريع

وعلى الطرف المقابل، رحبت قوات الدعم السريع أيضا بالبيان الختامي، واصفة القمة المصرية بالدفعة القوية "للجهود المبذولة والمتواصلة من قبل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية".

كما أكدت قوات الدعم السريع "استعدادها التام للعمل مع جميع الفاعلين في الداخل والخارج من أجل التوصل إلى حل جذري للأزمة السودانية عبر استعادة المسار المدني الديمقراطي".

ويبدو أن دول الجوار معنية بإيجاد صيغة لإنهاء الصراع الدائر في السودان لأنها الدول الأكثر تضررا من استمرار النزاع، كما أنها تدفع جزءا من فاتورة الحرب الدائرة من خلال آلاف اللاجئين السودانيين الذين يتدفقون إلى أراضيها. كما أن إطالة أمد الصراع قد تؤدي إلى امتدار رقعته إلى داخل هذه الدول نفسها.

وتضم قمة دول جوار السودان دولا لديها علاقات جيدة بطرفي الصراع، إذ أن القاهرة تبدو أكثر تفهما وقربا من المؤسسة العسكرية السودانية، في حين أن أديس أبابا لديها علاقات جيدة مع قوات الدعم السريع.

لكن السؤال الذي يطرح هو مدى إمكانية توافق القاهرة وإديس أبابا على طريقة لحل الصراع السوداني، ومدى قدرتهما على إجبار طرفي الصراع على قبول حل خارجي.

"ليست المبادرة الوحيدة.. مجموعة إيغاد ومنبر جدة"

وجاءت مبادرة قمة دول جوار السودان بالتزامن مع مبادرات وجهود إقليمية ودولية يقودها الاتحاد الإفريقي، والآلية الرباعية للهيئة الحكومية لتنمية دول شرق إفريقيا "إيغاد"، وكذلك المبادرة السعودية الأميركية "منبر جدة". بيد أن جميع هذه المبادرات والمحاولات لم تنجح -حتى الآن- في إحداث اختراق ووقف دائما لإطلاق النار.

وكانت العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، قد استضافت، في 10 من يوليو/تموز، قمة "إيغاد" لبحث الأزمة السودانية. 

وكان من المقرر أن يشارك في أعمال القمة وفد عن الجيش السوداني وآخر ممثل لقوات الدعم السريع.

وبالرغم من وصول ممثلين عن الجيش السوداني إلى أديس أبابا، إلا أن الوفد السوداني لم يشارك وقاطع اجتماع لجنة "إيغاد"، اعتراضا على استمرار رئاسة كينيا لأعمال اللجنة.

وكانت كينيا قد دعت إلى نشر قوات حفظ سلام في الخرطوم لحماية المدنيين، كما دعا رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى "فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة".

ويرى الجيش السوداني في مطلبي كينيا وإثيوبيا نشر قوات في الخرطوم وفرض حظر جوي تدخلا سافرا في الشأن السوداني، ومحاولة من نيروبي وأديس أبابا لدعم قوات الدعم السريع على الأرض.

و"إيغاد" منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلا من: إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.

منبر جدة

وعلى المستوي الإقليمي والدولي، حاولت السعودية والولايات المتحدة من خلال "منبر جدة" وعبر عدة لقاءات استضافتها مدينة جدة، ضمّت ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إنهاء الصراع المسلح في السودان. وعلى الرغم من أن الجهود السعودية الأمريكية لم تسفر عن وقف دائم لإطلاق النار، غير إنها نجحت في إقناع طرفي الصراع بالموافقة على عدة هدن، ساهمت في إيجاد ممرات أمنية مؤقتة لخروج المدنيين وإيصال المساعدات.

ويعتقد مراقبون أن استضافة القاهرة لقمة دول جوار السودان تمثل مسارا إضافيا، إلى جهود "إيغاد" والمحاولات السعودية الأمريكية لوقف إطلاق النار ودفع طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات.

الأمين العام للأمم المتحدة

ومن جانبه، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أمله في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، محذرا من أن الحرب المستمرة "دفعت السودان إلى حافة حرب أهلية شاملة قد تزعزع استقرار المنطقة بكاملها".

واندلع الصراع المسلح في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل/ نيسان الماضي، وتسبب في مقتل مئات السودانيين ونزوح ولجوء ما لا يقل عن 3 ملايين من العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، باتجاه ولايات أكثر أمنا ودول الجوار.

ويعاني السودان من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية وبنية تحتية متهالكة. وجاء الصراع الأخير ليزيد من معاناة السودانيين ومن تردي أوضاعهم الأمنية والمعيشية.