رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

من الرياض لنواكشوط.. عواصم عربية تبحث السلام بين الجيش السوداني والدعم السريع

نشر
الأمصار

تجري محاولات حثيثة لحل أزمة المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع، عبر الكثير من القادة العرب سواء في السعودية أو موريتانيا، لوقف نهائي لإطلاق النار بين الطرفين.

أجرى وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان اتصالا بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، من أجل وقف إطلاق النار بين  الجيش السوداني والدعم السريع.

وجرى خلال الاتصالين الهاتفيين بحث مستجدات الأوضاع في السودان، حيث أكد وزير الخارجية السعودي أهمية التزام جميع الأطراف السودانية من الجيش السوداني والدعم السريع أجل استعادة مجريات العمل الإنساني، وحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، وسلامة الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الأساسية، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية “واس” اليوم الثلاثاء.

 كما جدد الأمير فيصل بن فرحان، “دعوة المملكة بالتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري، واللجوء إلى حلٍ سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار للسودان وشعبه الشقيق”.

وفي خضم تصاعد الأزمة في السودان بين الجيش السوداني والدعم السريع، وتفاقم الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل الإفريقي، تداعت وفود إفريقية وعربية إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، في لقاء عنوانه البارز البحث عن السلام في المنطقة.


 

رفع “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم” لواء البحث عن حلول تنطلق من أفكار تبتعد عن خلافات السياسة، وتحاول الوصول لمقترحات عملية توقف نزيف الدماء السودانية وتحفظ حياة الإنسان في دول الساحل.

ويأتي لقاء نواكشوط ضمن جهود “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم” لنشر السلام والأمن ومواجهة التطرف والعنف، والتي بدأها منذ تأسيسه عام 2020 بمبادرة مشتركة بين مجلس أبوظبي للسلم والحكومة الموريتانية.

وينعقد هذا اللقاء تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وأشرف على افتتاحه الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود، نظرا لوجود الرئيس خارج البلاد.

ونوه ولد بلال مسعود، بالتعاون بين موريتانيا والإمارات في محاربة الغلو والتطرف، ودعم الاستقرار والتنمية، والذي يعتبر “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم” أحد ثماره.

نداء لوقف النزيف

رئيس منتدى أبوظبي للسلم، الشيخ عبدالله بن بيه، قال إن مهمة اللقاء هي المساهمة في إطفاء الحريق في السودان بين الجيش السوداني والدعم السريع، دون تحيز لطرف أو تحديد من أشعل الشرارة الأولى، لأن مهمة رجل الإطفاء هي إخماد النيران لا محاسبة من أضرمها.

وأوضح الشيخ بن بيه في كلمته التأطيرية، أن هذا الملتقى يوفر منصة للتباحث والنقاش، وفضاءً للتفكير الإيجابي لحل الأزمات. لكنه “لا يحتكر الحقيقة ولا يقدم حلولا جاهزة”.

وأضاف بن بيه أن المشاركين في اللقاء، يمكن أن يخرجوا بنداء للسلام وحقن الدماء وتغليب المصلحة العامة، “لعل أن يجدوا آذانا صاغية وقلوبا موصية إلى الحق”.

السودان.. دعوات لإسكات صوت المدافع

حجم الألم الناجم عن الحالة السودانية المأساوية، تجلى بشكل واضح على ملامح الحاضرين من السودان، وبعضهم خرج من البلد قبل اندلاع النزاع المسلح، ولم يتمكن من العودة بعد.

من هؤلاء “المنفيين قسرا” بسبب الصراع، الكاتب والمفكر والناشط السياسي الدكتور عبد الكريم جبريل القوني، الذي أجبرته الحرب الأهلية على البقاء حيث كان يوم اندلاعها، في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، ومنها قدم للمشاركة في لقاء نواكشوط التشاوري.

وقال القوني لسكاي نيوز عربية، إنه يتمنى أن تخرج من الملتقى مجموعة مصغرة، تذهب إلى مدينة جدة، للجلوس مع المتحاورين من طرفي الصراع. معربا عن ثقته بأنه تلك اللقاءات إذا حدثت، سيكون لها تأثير كبير في تفكير المتحاورين. لأنهم لم يقتنعوا بعد أن الحوار هو السبيل لإحلال السلام، ويصرون على الحسم العسكري.

ويرى أن هذا المنتدى، مهم لتفتح دول عدة في المنطقة عيونها على أزمة السودان، وتدرك مدى خطورتها.

الأمر نفسه ينطبق على مدير الدعوة في وزارة الشؤون الإسلامية السودانية الدكتور إبراهيم التجاني، الذي بدأت المواجهات خلال مشاركته في ملتقى بالجزائر، وكان يفترض أن ينتهي منه ويعود لبلده، لكن يبدو أن تلك الرحلة تأجلت لأشهر، وربما لا يلوح موعدها في الأفق القريب.

لكن الدكتور التجاني يتطلع إلى المساهمة في “إطفاء نار الحريق في السودان”، وأن يكون لعلماء الدين ببلاده “دور فاعل في حل الأزمة، لاسيما مع الحضور الكبير في لقاء نواكشوط”، بحسب تعبيره في حديث لسكاي نيوز عربية.  

أوضاع تشاد.. انعكاس لأزمة السودان

الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، أطلق نداءً لجمع التمويلات الكافية لدعم سكان منطقة الساحل في ظل الأزمات الأمنية والاقتصادية والكوارث الطبيعية.

وتعد تشاد إحدى أكثر بلدان الساحل وجوار السودان، تأثرا بالصراع المسلح الذي باتت شظاياه تتطاير عبر الحدود.

نبه طه وهو دبلوماسي تشادي، إلى الأزمة التي تواجهها تشاد حاليا بسبب انعكاسات أزمة السودان، والتي تجلت عبر نزوح عشرات الآلاف من اللاجئين، وتزايد المشكلات الأمنية على الحدود بين البلدين.

وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالمقاربات الأمنية، لضمان التعايش السلمي بين الشعوب.

دعم دولي لجهود “إنهاء حرب الإخوة”

تتالت الكلمات في الجلسة الافتتاحية الداعية لضرورة وضع حد للاقتتال في السودان، في أقرب وقت؛ سعيا لتفادي الهزات الارتدادية وانتشار “فيروسات الحرب” في المنطقة.

وأشاد المتحدثون بالدور الذي يلعبه “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم” والذي انعكست أهميته منذ اعتماد قادة الاتحاد الإفريقي في قيمة أديس أبابا فبراير 2020 لوثيقة “نداء نواكشوط” الصادرة عن الدورة الأولى للملتقى السنوي للمؤتمر، بوصفها إحدى الوثائق المرجعية لـ “الرؤية الإفريقية للسلام”.

وزير الأوقاف المصري، الدكتور محمد مختار جمعة، قال إن وقف الحرب بين الإخوة وحمل لواء السلام بات قضية كل المعنيين والمتأثرين بالصراع.

أما سفير الحريات الدينية بالولايات المتحدة الأميركية رشاد حسين، فقال إن بلاده تدعم بشكل قوي وواضح “العمل الجبار” الذي يقوده المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، في سبيل تحقيق السلام.

لغة الدعم لجهود البحث عن حلول لأزمتي السودان ومنطقة الساحل، بدت واضحة في خطابات رؤساء الوفود والجهات الدولية.

وفي هذا السياق حذر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي في كلمته، من “التطرف والغلو”، قائلا إن الاتحاد اعتمد سياسات طويلة المدى لتعزيز الأمن. معربا عن دعمه الكامل لمساعي منظمي لقاء نواكشوط والمشاركين فيه.

الدعم الإقليمي والدولي لمساعي “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم” كانت دافعا قويا ومحفزا خلال الجلسات المسائية المتخصصة في اليوم الأول للقاء التشاوري.

وبدأ المشاركون وضع النقاط على الحروف؛ في إطار تصورات شاملة ودقيقة يعملون عليها لصياغة مقترحات علها تجلب الأمن والسلام للسودان المأزوم، وكذلك لدول الساحل، التي تعيش أصلا معضلات أمنية بدأت تسوء منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الحرب بين أبناء السودان.