رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الجنينة تنزف.. أسرار الاشتباكات القبلية بغرب دارفور

نشر
الأمصار

لا تزال  الإشتباكات القبلية بغرب دارفور مستمرة بين قبيلة المساليت والقبائل العربية، بعد الفوضى التي عمت السودان من جراء إشتباكات الجيش السوداني والدعم السريع.

كيف أندلعت الأحداث

قالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة حقوقية، عن الإشتباكات القبلية بغرب دارفور إن 52 على الأقل قتلوا في هجمات "ميليشيات" مسلحة تسليحا قويا على الأحياء السكنية في مدينة الجنينة، بالإضافة إلى مستشفاها الرئيسي وسوقها الرئيسية والمباني الحكومية، وعدة ملاجئ للنازحين الداخليين.

قام رجال ميليشيات من قبائل عربية بدوية دخلوا مدينة الجنينة، حيث تسبب القتال بين قوات الدعم السريع والجيش في فراغ أمني في الأيام القليلة الماضية، وسط مخاوف من أن تسوء الأوضاع الأمنية أكثر، ومسلحون من قبيلة المساليت تصدوا لهم، وامتدت الاشتباكات عبر المدينة، وتجدد  الإشتباكات القبلية بغرب دارفور مما تسبب في موجة نزوح جديدة.

تقع الجنينة التي تشهد  الإشتباكات القبلية بغرب دارفور في أقصى غرب السودان، وشهدت نزاعات قبلية متكررة في السنوات القليلة الماضية مما أدى إلى طرد سكان من منازلهم مرات كثيرة.

يبدو ان التركيبة السكنية في مدينة الجنينة بأكملها هي محفزٌ اساسيٌ لتنامي ظاهرة العنصرية، حيث ان منطقة “احياء الجبل” التي تشهد  الإشتباكات القبلية بغرب دارفور، يبدو انها تم تخطيطها على اساس قبلي، ففي كل مربع تسكن قبيلة معينة، حيث تتمركز قبيلة المساليت في مربعات “2 ،5 ،7 ،15” اما القبائل العربية فيكثر تواجدها في مربعات “1 ،3 ،4 ،6 ،8” وبهذه التوزيعة السكنية، أصبحت بعض المناطق وكأنها معزولة تماماً عن سيادة حكم السودان، والدخول إليها والخروج منها محكوم بقوانين المسلحين القبليين.

الإجتماع الطارئ

قرر الاجتماع الطارئ الذي عقده حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بالفاشر مع ولاة دارفور ان يقوم الولاة برئاسة حاكم الإقليم بزيارة عاجلة إلى الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور بإستصحاب المتطوعين من الكوادر الطبية والإدارات الأهلية والمنظمات الوطنية والمبادرون للوقوف ميدانيا علي الأوضاع الأمنية والإنسانية، والعمل مع سلطات الولاية لنزع فتيل الازمة واستتباب الأمن وتحقيق السلام بعد الأحداث الدموية التي شهدتها الولاية على مدار الأيام الماضية .

ودعا اجتماع الحاكم مع الولاة اليونتامس إلى إرسال الأدوية والمواد الإيوائية المكدسة ببورتسودان عبر مطاري الفاشر ونيالا على توزيعها على المتضررين ، كما قرر الاجتماع دعوة دول الجوار لفتح حدودها لإسعاف جرحى الأحداث و دخول المنظمات الأممية لتقديم المساعدات الإنسانية، علاوة على الاتفاق على تشكيل غرفة تجارية مشتركة لإقليم دارفور لتتواصل مع الغرفة التجارية الليبية لفتح تجارة الحدود.
كما تضمن قرارات اجتماع حاكم إقليم دارفور مع الولاة ابتعاث وفود رسمية وشعبية إلى دول الجوار (ليبيا ،تشاد وجنوب السودان ) لتمتين العلاقات بينها والإقليم، وتشكيل قوة مشتركة من الحركات المسلحة، الشرطة والنيابة للتعاون مع الأجهزة الرسمية الأخرى مع تحاشي اي نوع من الصدامات .
إضافة إلى تأمين كل الطرق الداخلية والقومية من وإلى الإقليم والطريق القاري، والقضاء على المجرمين والمتفلتين الذين يستغلون ظروف الحرب للدخول في الحرابة والنهب.

وقرر الاجتماع تكليف السلطان صلاح ادم رجال رئيسا للإدارة الأهلية بالإقليم ليقوم فورا بتفعيل دور الإدارة الأهلية المنوط بها بدعم من حكومة الإقليم.
وشدد الاجتماع على أهمية تطبيق مخرجات ومقررات الاجتماع وبصورة ملزمة في جميع ولايات دافور. وعبر مناوي في تصريح صحفي عن أمله في تسهم زيارتهم الي الجنينة في وضع حد لتلك الاحداث حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ، حاثا طرفي اتفاق “جدة ” على إنفاذ كل ما ورد في إعلان المبادئ خاصة ما يلي وقف العنف وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية للمدنيين.
وأضاف مناوي ان اجتماعه مع الولاة قد قرر تشكيل قوة مشتركة من حركات الكفاح المسلح لحماية ممتلكات المواطنين والمرافق الحكومية وتأمين حركة القوافل التجارية من وإلى الولايات بالتنسيق مع الشرطة، بجانب تشكيل لجنة مصغرة من خمسة اعضاء لصياغة ميثاق شرف للتعايش السلمي بدارفور، بجانب العمل علي تفعيل القوة المشتركة بالتنسيق مع الأطراف المتحاربة لتأمين وحماية حركة القوافل التجارية وتفعيل دور الإعلام والثقافة للحد من خطاب الكراهية.

ويذكر انه قد شارك في الاجتماع الطارئ لحاكم إقليم دارفور كل من والي شمال دارفور نمر محمد عبد الرحمن ووالي وسط دارفور سعد آدم بابكر وممثل والي جنوب دارفور أمين الحكومة بشير مرسال بجانب ممثلين عن الإدارة الأهلية عنهم المقدوم صلاح أحمد الفضل والدمنقاوي سيسي فضل سيسي والأمير محمود سوصل عيسى وآخرين.

حصيلة الإشتباكات

 

رجحت لجنة أطباء السودان صحة تقدير صادر عن حاكم ولاية غرب دارفور بارتفاع عدد القتلى في الولاية إلى 500 قتيل في  الإشتباكات القبلية بغرب دارفور منذ اندلاع القتال في السودان بين قوات الدعم السريع والجيش الشهر الماضي.

وقال الدكتور علاء الدين نقد عضو لجنة الأطباء المركزية في السودان اليوم الخميس لوكالة أنباء العالم العربي “اللجنة أحصت 150 قتيلا غرب دارفور، ولكن نظرا لانقطاع الاتصالات مع المصادر الصحية و الأطباء على الأرض وتدمير عدد من المستشفيات في غرب دارفور فإن إحصاء سلطات الولاية والتي قدرت إجمالي عدد القتلى في غرب دارفور منذ اندلاع الحرب عند 500 شخص هو الأقرب للدقة”.

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية قد أعلنت يوم الأحد الماضي مقتل 150 مدنيا وإصابة عشرات آخرين خلال تجدد الاشتباكات بمدينة الجنينة في غرب دارفور والتي اندلعت في 15 أبريل الماضي بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.

ووصف نقد وضع المنشآت الصحية في السودان بالمتدهور قائلا “خرجت 60 مستشفى من الخدمة كليا أو جزئيا”.

وأضاف “تعرضت 17 منها للقصف وأُخليت تماما، بينما تعمل بقية المستشفيات بطاقة جزئية بسبب انقطاع إمدادات الماء والكهرباء عنها وتوقف وصول المستلزمات الطبية إليها”.

وقال عضو لجنة الأطباء المركزية إن” الأطباء والطواقم الطبية ما زالوا يواجهون صعوبات جمة في الوصول إلى المستشفيات بسبب استمرار القتال وعدم الالتزام بوقف إطلاق النار”.

وبخصوص المساعدات الطبية أكد نقد أن “المساعدات الطبية التي تم توزيعها حتى الآن هي مساعدات الصليب الأحمر الدولي فقط والتي وصلت إلى ميناء بورتسودان في 30 أبريل الماضي”.

وقال إن المساعدات الطبية التي أرسلتها منظمة الصحة العالمية والكويت وقطر لم يتم توزيعها على المستشفيات رغم أنها وصلت إلى مخازن وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية في ميناء بورتسودان معللا تباطؤ التوزيع “باستمرار القصف مما يشكل تهديدا لحركة النقل.