رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: خطة لمجابهة تحديات الحاضر

نشر
الأمصار

كيف يأخذ السياسي دوره الحضاري المعاصر في إعادة إنسان العالم العربي إلى ذاته ..؟
السلوك السياسي العربي الراهن أعجز من أن يقود الإنسان في طريق العودة إلى الذات، فهو السلوك المتصف بالتخبط الذي أدى إلى تبعية سياسية وتقنية ومعرفية لقوى ترى الخطر في الإبقاء على العقل العربي حيا فاعلا، نتيجة أخطاء قاتلة في السياسات العلمية والتنموية، ترجع بدورها إلى أخطاء في التصورات السائدة لدى النخبة حول جوهر وماهية التنمية نفسها وتحديدا مسألة العلم ونقل التكنولوجيا.
الكيانات السياسية في مأزق إذن، السلوك السياسي المرتبك يقود إلى المأزق، ما السبيل للخروج؟
منظومة العلوم والتقانة التي تتميز عن سائر منظومات الكيانات السياسية الأخرى باعتبارها الأساس الذي يستند عليه في تحديد مشاكل النمو والتطور، إيجادها واستثمارها دون مبادئ انتقال يعزز ما هو تربوي فكري انفتاحي، يبقى الكيان السياسي في مأزقه.
الشعار الحضاري المعاصر، المتداول بلسان علمي يدرك معطيات المرحلة الراهنة وأسس التفاعل معها.
المسارات المرتسمة في طرق التحولات العالمية جعلت المأزق الذي تتخبط به الكيانات السياسية العربية يأخذ طريق العزلة بعدا جديدا مضافا في غياب إمكانيات التفاعل مع الانقلاب الحضاري العالمي وتدوين الحضور في قائمة المجتمعات الإنسانية.
تتعزز العزلة فتضحى مظهرا من مظاهر الكيانات السياسية، لو أدركنا أن التخلف التقني قد حدد أصلا مكانتها المتراجعة في سلم التحول الحضاري الراهن، وجردها من إمكانيات التأثير بالسياسة الدولية.
ويبقى السياسي هو المدان الأول في ظاهرة الانحباس العلمي إذ لم يلزم ذاته بالبحث فنيا عن العوائق والعقبات التي تحول دون إيجاد منظومة معرفية تقنية تدمج الإنسان بحركة التحولات المتسارعة.
ربما يدرك السياسي الذي أوجد لذاته سلوكا يتناسب مع مبادئ الالتزام بالخطوط الحمراء أدرك الخطر في خوض غمار ابتكار التكنولوجيا لكنه لم يع إمكانات استثمار ما يمكن استثماره واستغلاله بما يرتبط مع الحاجات الذاتية وينسجم مع رغبة التغيير الفعلي للكيانات السياسية وإرادتها في الخروج من مأزقها.
الانتقال إلى مراحل التطبيق يدعو إلى تحديد مسارات الانطلاق، من أين نبدأ؟؟ ذلك هو السؤال.
إعداد الإنسان كقاعدة للتقنية، أم القيام بطفرة تقنية هائلة "ضمن الحد المسموح به عالميا" تعد لها النخبة العالمة فتقربنا من الركب الحضاري الذي يسير بأقصى سرعته!
الطفرة التقنية التي لا تبدأ بالإنسان باعتباره قاعدة الانطلاق في البناء الحضاري المنشود ستزيد من الفجوة بين الإنسان الذي اكتسب مزايا الطفرة وبين الإنسان الآخر المنتج الأول لتقنية امتلكتها البشرية.
والدليل على أهمية البدء بالإنسان، نكتشفه عبر رد الفعل الأمريكي حين أعلن الاتحاد السوفياتي "سابقا" لأول مرة عن سبقه لريادة الفضاء، حيث عادت أمريكا إلى فحص التربية والمناهج الدراسية من الابتدائية إلى الجامعة.
وأوكلت الإدارة مهمة الرد على ما أسمته التخلف التقني إلى علماء التربية وعلم النفس وقادتها من معلمين ومدرسين وأساتذة جامعة.
ولم يكن الرد الأمريكي الشامل والعملي حينها مقتصرا على تقويم المعامل ومحاججة عقول العلماء، بل العودة إلى أسس تربية الإنسان.
بوابة الخروج من المأزق، المكان الذي تضع فيه القدم الأولى في رحلة الخطوات المتواصلة لنبدو أقوى نسبيا في مشهد التفاعل الإنساني ونحن نتلمس أدوات نهضة تقنية متوازنة ترتقي بمستوى قدراتنا في مجابهة التحدي المعاصر تحدي الحاضر والوجود كله.
ولكن هذا هو الأسلوب الأمثل في دخول حلبة الصراع الدولي، والكيان السياسي محاصر بمأزقه، والسلوك السياسي العربي مشدود إلى الوراء؟!