رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

حكواتي رمضان بالأردن.. طقوس متوارثة وعادات شعبية يعاد إحياءها

نشر
الأمصار

تبدأ مراسم الاحتفال بشهر رمضان المبارك في الأردن مع إعلان ثبوت رؤية الهلال خاصة مع حكواتي رمضان بالأردن، حيث يتم البدء في تعليق الزينة في البيوت، والشوارع، والمحلات التجارية، لإضفاء أجواء البهجة والسرور في نفوس الجميع، وإشاعة قيم المحبة وروح التكافل والتضامن والمبادرة بين كافة أفراد المجتمع، خلال هذا الشهر الفضيل الذي يتسم بروحانيته وعباداته وطقوسه الخاصة.

وتشكل الزينة الخاصة برمضان من بين المظاهر الإحتفالية التي تميز هذا الشهر المبارك هو حكواتي رمضان بالأردن، حيث تقبل الأسر، تعبيرا منها عن فرحتها وسعادتها بمقدم شهر الصيام، على اقتناء “الفوانيس” للأطفال، والقناديل المختلفة الألوان والأشكال، إضافة إلى ما يعرف بـ “هلال رمضان” الذي هو عبارة عن شريط كهربائي على شكل هلال تتوسطه نجمة تزين بها الشوارع ومداخل وشرفات المنازل، التي تتحول طيلة ليالي رمضان إلى ما يشبه لوحة بانورامية جميلة متعددة الألوان وزاهية الأطياف.

 

السحور في رمضان 

وإلى جانب حكواتي رمضان بالأردن كما في بلدان عربية وإسلامية أخرى تغيرت وجبات “السحور” بفعل تغير أسلوب ونمط الحياة، حيث كانت من قبل تحوي بضع حبات من التمر، والطماطم (البندورة)، و”الرشوف” أو العدس، إضافة إلى حلوى “اللزاقيات” و”المطابق”، وهي أكلات شعبية بسيطة وغير مكلفة.

أما اليوم تزخر المائدة الرمضانية في المملكة بالعديد من الوجبات المتنوعة بأسمائها وأشكالها، حيث تشتمل إضافة إلى التمر والماء اللذين يسبقان صلاة المغرب، على “الشوربة” التي تتكون عادة من الخضر الطازجة و”الشعرية أو الشعيرية”، وكذا أنواع من “السلطة”، وطبق رئيسي غالبا ما يحتوي على الأرز مع اللحم أو الدجاج، إضافة إلى بعض “المقبلات” مثل “فتة الحمص” باللحم المفروم و”المخللات”، ثم (المسخن) وهو خبز بلدي مع البصل المقلي وزيت الزيتون ولحم الدجاج المحمر مع السماق.

ومن أبرز وأشهر الأطباق التي تؤثث المائدة الرمضانية في هذا الأردن ، نجد “المنسف” الذي يعتبر سيد المائدة، وهو عبارة عن وجبة شعبية يتم إعدادها بالأرز واللحم “البلدي” واللبن المجفف ورقاق الخبز، إلى جانب “القطايف” الحلوى الرئيسية التي تتواجد بدورها وبشكل يومي على المائدة الرمضانية، وبعض المشروبات مثل “قمر الدين” و”العرق سوس” و”التمر الهندي”.

 

موائد الرحمن 

تكثر موائد الرحمن والخيم الرمضانية التي أضحت تقليدا سنويا في الأردن على غرار عدد من البلدان الأخرى العربية والإسلامية، ذلك أنه إلى جانب الموائد التي تنظمها وزارة الأوقاف وعدد من الجمعيات الخيرية.

 تنظم مبادرات تطوعية وتلقائية من الأفراد والعائلات التي تتسارع إلى فعل الخير طيلة هذا الشهر (توزيع مواد غذائية وعينية على الفئات المعوزة والمحتاجة)، إيمانا منها بقيم التضامن وواجب التآزر والتكافل الإنساني. كما تحرص الأسر بهذه المناسبة العظيمة على إخراج زكاة الأموال أو دفعها للمؤسسات الخيرية التي تتولى بدورها توزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل.

الجلسات الرمضانية

بعد أداء صلاتي العشاء والتراويح، يفضل الكثير من ساكنة الأردن قضاء أوقاتهم خارج البيت خاصة في خيام يتم نصبها في الأحياء الشعبية وتخصص للجلسات الرمضانية الليلية، وتبادل أطراف الحديث، وتناول الطعام والمشروبات، هذه الجلسات التي قد تستمر في كثير من الأحيان حتى وقت متأخر من الليل وقبل الفجر.

وما يميز شهر رمضان لهذه السنة هو حضور الجانب الثقافي بشكل مختلف ومتنوع من خلال برنامج لأمسيات رمضانية تتضمن الغناء والأمداح والإنشاد الصوفي لفرق فنية محلية وعربية وإسلامية تؤثث طوال الشهر فضاء المدرج الروماني الصغير (الأوديون) بوسط عمان، إلى جانب أمسيات أخرى فنية في مواقع أخرى مختلفة بالمملكة.

 

الحكواتي 

يعتبر حكواتي رمضان بالأردن  من العادات الشعبية التقليدية في الأردن، وهو شخص امتهن سرد القصص، في المنازل والمحال والمقاهي والطرقات.

ويعد حكواتي رمضان بالأردن لا يكتفي بسرد أحداث القصة بتفاعل دائم مع جمهوره، بل يدفعه الحماس لأن يجسد دور الشخصية التي يحكي عنها بالحركة والصوت.

ويعتبر حكواتي رمضان بالأردن من أقدم المهن التي كان لها أهمية كبيرة في بلاد الشام، فقد كان “الحكواتي” بمثابة المصدر الأول لجميع الأخبار التي تدور في البلاد فقد كان يتجول بين المدن والقرى ليجمع أهم القصص والروايات والطرائف.

وبعض الحكواتيين في العاصمة عمّان يعملون على إعادة إحياء هذا التقليد الرمضاني عبر ما يُعرف "بليالي السيرة" التي تم توثيقها من خلال باحثين مختصين على مدار 13 عاما.

ولإحياء هذه العادة الشعبية التقليدية في شهر رمضان المبارك، قامت مكتبة درب المعرفة في مؤسسة عبد الحميد شومان، العام الماضي بإعادة تفعيل دور “الحكواتي” في نقل الموروث الشعبي العربي من خلال برنامج “حكواتي رمضان” عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفيديوهات المصورة، وذلك لإيمان المؤسسة بأهمية القصة ودورها في تنشئة جيل محب للمعرفة.