رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أزمات جديدة في لبنان.. وانقسام الشارع بين التوقيت الصيفي والشتوي

نشر
الأمصار

في مشهد متكرر أثار قرار للحكومة اللبنانية جدلا واستياء واسعا في الشارع اللبناني حيث استيقظ الشعب اللبناني على توقيتين مختلفين أحدهما صيفي والآخر شتوي بعد إعلان الحكومة تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي وتمديد العمل بالتوقيت الشتوي لمدة شهر. وهو ما نتج عنه خلاف متصاعد بين السلطات السياسية والدينية وإعلان العديد من المؤسسات عدم التزامها بهذا القرار. وعلى رأسها الكنيسة البطريركية المارونية.  

تمديد التوقيت الشتوي لآخر رمضان 


وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقطع فيديو يظهر فيه حوار بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بشأن تمديد العمل بالتوقيت الشتوي إلى ما بعد شهر رمضان، وأسفر قرار الحكومة عن حصول ارتباك لدى مؤسسات عدة.

حيث أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قراراً، يوم الخميس، بتقديم التوقيت ساعة اعتباراً من 20 أبريل (نيسان) بدلاً من بدء العمل بالتوقيت الصيفي في عطلة نهاية الأسبوع الأخير من مارس (آذار)، كما جرت العادة في لبنان وأوروبا ومناطق أخرى.

وأعلن ميقاتي القرار بعد اجتماع مع رئيس مجلس النواب الشيعي نبيه بري، الذي أصر مراراً على تمديد العمل بالتوقيت الشتوي، وفقاً لمقطع فيديو للاجتماع نشره موقع «ميغافون» اللبناني على الإنترنت.

وقال بري، وفقاً للمقطع المصور، «بدل ما يكون الساعة 7 يضل الساعة 6 من هلق لآخر رمضان».

تأويلات طائفية للقرار 

ولم يتبين سبب واضح لصدور هذا القرار وهو ما أثار تعليقات ساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي. و اعتبره البعض متخذ منحى طائفيا. ومحاولة لخطب ود المسلمين بإتاحة الفرصة للصائمين في رمضان للإفطار مبكراً، وفقاً للتوقيت الشتوي عند حوالي الساعة السادسة مساء بدلاً من السابعة حال تطبيق العمل بالتوقيت الصيفي في موعده المعتاد.


فيما أعلنت الكنيسة المارونية ذات النفوذ في لبنان أمس (السبت)، أنها ستخالف القرار، وقالت إن الحكومة لم تجر أي مشاورات مع الجهات المعنية الأخرى، ولم تؤخذ المعايير الدولية في الاعتبار. وعليه فإنها ستقدم التوقيت ساعة مساء السبت، وأعلنت مؤسسات وأحزاب ومدارس مسيحية خططاً مماثلة.


وعلى صعيد آخر أعلنت المؤسسات والأحزاب الإسلامية أنها ستستمر في العمل وفقاً للتوقيت الشتوي، وهو ما يتسبب بدوره في تعميق الانقسامات والخلافات في البلاد التي تقسم مقاعد البرلمان لديها على أسس طائفية.


شركات ومؤسسات مابين مؤيد ومعارض
 

وبينما جاءت قرارت المؤسسات الدينية في البلاد متعارضة ما بين مؤيد ومعارض للقرار كانت كذلك قرارات الشركات و المؤسسات الإعلامية في البلاد حيث أعلنت مجموعة من الشركات والمؤسسات الإعلامية أنها ستبدأ بالعمل بالتوقيت الصيفي مساء (السبت). ومن بين هذه المؤسسات الإعلامية تلفزيونا «إل بي سي آي» و«إم تي في»، وهما من أبرز القنوات الإخبارية في لبنان.


وقال تلفزيون «إل بي سي آي»، في بيان، إنه لن يمتثل لقرار ميقاتي لأنه يؤثر على أعماله، مضيفاً أن «لبنان ليس جزيرة معزولة». وحاول آخرون التكيف.


واعترض كل من التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، أبرز الأحزاب المسيحية، على القرار، كما أعلنت مدرسة الجمهور، التابعة للآباء اليسوعيين، أيضاً عدم التزامها بالقرار الحكومي.

 

وأعلنت شركة طيران الشرق الأوسط "تقديم مواعيد إقلاع كل الرحلات المغادرة من مطار رفيق الحريري الدولي ساعة واحدة"، بعدما كانت أصدرت بطاقات سفرها بحسب مواعيد التوقيت الصيفي العالمي.

وطلبت شركتا "ألفا" و"إم تي سي" للاتصالات من المشتركين ضبط إعدادات الساعة في هواتفهم الخليوية يدوياً لتجنب تغير الوقت كما هو مبرمج بحسب التوقيت الصيفي.


وقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر لوكالة فرانس برس: "لو اتخذت الدولة قرارها قبل أشهر وليس 48 ساعة، لما كان هناك مشكلة"، وأضاف أن "أسوأ ما في الأمر أن قرار الالتزام بالتوقيت الصيفي من عدمه اتخذ منحاً طائفياً".
وقال النائب المستقل وضاح صادق على «تويتر»، إن القرار تم اتخاذه «دون أي رادع أو اعتبار للعواقب العملانية والإرباك الذي يتسببون به للمواطن».


وتعليقا على ما أثير من جدل واسع حول الأمر وصف مكتب نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال في بيان له مساء أمس السبت القرار بأنه «إداري بحت»، وعبّر عن أسفه «للمنحى الطائفي الذي اتخذته مسألة تأخير التوقيت». وقال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، إنه ليس لديه تعليق بعد على مبررات القرار ولا على ردود الفعل الغاضبة عليه.


الجماهيرساخرة
 

واستقبلت الجماهير قرار الحكومة وردود الفعل المبالغة بقدر من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما اعتبروا أن البلاد تمتليء بالفعل بالنزاعات وتشهد انهيارا اقتصاديا جعل من 80% من سكانه تحت خط الفقر, وليست في حاجة لإندلاع حرب أهلية طائفية على تقديم الساعة.
فكتب أحدهم: "بعيداً عن تفاهة قرار التوقيت الصيفي، نرى رد فعل مبالغ وحجة للاستفراغ الطائفي".
فيما سخر آخر قائلاً: "يا هل ترى غداً حين يدرس أولادنا التاريخ (سيجدون) أن اندلعت الحرب الأهلية في لبنان العام 2023 بسبب عدم تقديم الساعة؟".
واعتبر مغردون أن القرار لن يغير شيئاً في حياة الصائم في شهر رمضان كون عدد ساعات الصوم لن يتغير.
وكتبت أحداهن في تغريدة ساخرة من ارتفاع نسبة الفقر في البلاد: "الفكرة أن تفطر باكراً علماً أنه ليس لديك (المال) لتفطر به".
بينما نشر بعض مستخدمي «تويتر» تسجيلاً صوتياً قديماً للموسيقي اللبناني الشهير زياد رحباني، وهو يتحدث فيه عن تغيير التوقيت، وقال موجهاً حديثه للسياسيين: «كل سنة بتقدموا الساعة ساعة وبتأخرونا عشر سنين لورا في نفس الوقت». وأضاف: «انتبهوا على السنين كمان مش بس الساعات».