رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

مستقبل حركة النهضة في تونس إلى أين؟

نشر
الأمصار

قامت السلطات التونسية مؤخرا بحملة اعتقالات واسعة لعدد من معارضي الرئيس التونسي قيس سعيد و كان لحركة النهضة التونسية حظ واسع من الاعتقالات و الاستجوابات لعدد من القيادات وهو ما جعل البعض يفكر في مصير حركة النهضة التونسية و مستقبلها وخصوصا بعض تدهور أوضاعها السياسية والتنظيمية خلال السنوات الأخيرة وفقدان عمقها الشعبي في الشارع التونسي. 


ما هي حركة النهضة؟ 
 

حركة النهضة التونسية هي الحركة التاريخية التي مثلت التيار الإسلامي السياسي في تونس؛ و لم يتم الاعترف بها كحزب سياسي إلا بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011 عقب اندلاع الثورة التونسية لكنها فصلت الدعوى عن السياسية في 2016 وتحولت لحركة مدنية، و على الرغم من إعلان مدنيتها إلا أنها رفضت بشكل صريح القوانين المخالفة للشريعة التي قدمها الرئيس السبسي. 


تراجع ملحوظ خلال السنوات الأخيرة
 

وكانت قد شهدت الحركة خلال السنوات  الأخيرة تراجع ملحوظا على المستوى السياسي والتنظيمي فرغم أن حزب النهضة كان قد حقق نجاحًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية 2011، وصعد إلى سدّة الحكم بـ 89 مقعدًا من جملة 217 مقعدًا في المجلس الوطني التأسيسي، محتلًا بذلك صدارة تطلعات التونسيين أيضًا، ومتربعًا على عرش المشهد السياسي، لكنه تراجع في انتخابات 2014. 

تراجع الحزب ليحتل المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد بالبرلمان التونسي بـ 69 مقعدًا خلف نداء تونس الذي استحوذ على 85 مقعدًا. 

واستمر هذا التراجع في الانتخابات التشريعية في 2019، فقد حصل الحزب على 52 مقعدًا من جملة 217 مقعدًا بالبرلمان، لتكون بذلك تشريعية 2019، بداية “الانحدار السياسي للنهضة” رغم اعتلاء زعيمها راشد الغنوشي رئاسة البرلمان التونسي، الذي دخل بدوره في فوضى عارمة تتالت فيها المطالبات وعرائض سحب الثقة منه.

كما ساهم سوء الأداء البرلماني لأعضاء النهضة في فقدان الثقة لدى الجمهور المناصر لهم، وهو ما تشير إليه أعداد الناخبين المؤيدين لهم في الانتخابات الثلاث التي شهدتها البلاد منذ 2011، والتي وصل عدد الناخبين فيها إلى مليون و498 ألف ناخب، ثم تراجعت إلى 947 ألف في انتخابات 2014، ثم وصلت إلى 561,132 ناخبًا في انتخابات 2019، هذا يعني فقدان الثقة لدى ناخبيهم، وربما هذا ما دفع بعض القيادات المنشقة عن الحركة في التفكير في تأسيس حزب سياسي جديد.


حملة اعتقالات واسعة بشأن قيادات حزب النهضة
 

ومنذ خروج النهضة من السلطة يواجه رئيسها راشد الغنوشي اتهامات بالتورط في ملفات فساد وإرهاب، حيث قامت الشرطة التونسية في فبراير الماضي بفتح تحقيق بحق الغنوشي وذلك في أعقاب سلسلة من التوقيفات التي طالت العديد من السياسيين، وتم اعتقال ما لا يقل عن عشر شخصيات منذ مطلع فبراير معظمهم من المنتمين لحزب النهضة وحلفائها. 

ووفقا لما ذكره الناطق الرسمي باسم حزب النهضة عماد الخميري أن الحزب لا يعلم أسباب استدعاء الغنوشي بوضوح لكنه تم بعد شكوى صدرت من شخص مجهول. 

وفي نوفمبر 2022 مثل الغنوشي الذي كان رئيس البرلمان الذي حله قيس سعيد أما القضاء المتخصص بقضايا الارهاب لاستجوابه في قضية تتعلق بتهم تسفير مجهاديين من تونس إلى سوريا و العراق.

فيما مثل الامين العام الاسبق لحركة النهضة حمادي الجبالي في يناير الماضي مرة أخرى أمام القضاء للتحقيق معه في تزوير جوازات سفر ومنح الجنسية التونسية لاجنبي يشتبه بعلاقته بالارهاب. 

فيما أصدر القضاء التونسي بطاقات إيداع بالسجن في عدد من قيادات الحركة، أبرزهم وزير الداخلية الأسبق علي العريض، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري على خلفية قضايا مختلفة.


اعتراف بالأخطاء وتنبؤات بالحل 
 

وكان المحلل السياسي والعضو المؤسس لمبادرة لينتصر الشعب نبيل الرابحي، قد افترض حل حركة النهضة كأحد التبعات السياسية للقضايا التي تورط فيها قياداتها مثل توظيف أموال خارجية في عمليات لوبيينغ وإشهار سياسي. 

وأوضح الرابحي ان الحركة فقدت بوصلتها وتفككت وشهدت انشقاقات وانقسامات وفقدت عمقها الشعبي وتحولت لمجرد ظاهرة إعلامية 
ومن جانبها أقرت حركة النهضة بتونس بارتكابها أخطاء سياسية ساهمت في خروجها من مثبار السلطة منذ نحو عامين، بعد تجميد الرئيس قيس سعيد أعمال البرلمان الذي كان يرأسه زعيمها راشد الغنوشي قبل أن يقرر لاحقا حله.


فيما أعرب القيادي في الحركة محمد القوماني أن الحركة لم تراجع أخطائها ولم تلاحظ الإنذارات الكبيرة في العقد الأخير وآخرها تراجع ناخبيها في الانتخابات التشريعية في عام 2019 مقارنة بـ 2014 إلى جانب تأجيل مؤتمرها العاشر في عدة مناسبات. 

ووفقا لما أشار إليه مراقبين فشلت الحركة في التحالف مع أحزاب المعارضة الأخرى لمسار 25 يوليو على خلفية تحميلها مسؤولية تدهور اوضاع البلاد وتعاطيها مع السلطة كغنيمة وهو ما أدى إلى عزلتها.