رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. تحسين الشيخلي يكتب: وجهة نظر.. لطفًا لا تبيعوا الماء في حارة السقايين

نشر
الأمصار

لا تبيع الماء في حارة السقايين، مثل قديم جدًا يشير إلى معنى واضح وبطريقة صارمة، وهو أنه عليك ألا تنافس متخصصًا عارفًا بصنعته في أرضه وفي ميدانه.

لاحظت من خلال ما يعرض في معارض الكتب العربية تسابق الناشرين على نشر الكتب التأريخية وخاصة المتعلقة بالتاريخ الحديث لا يسابقها في الغزارة سوى كتب الطبخ و كتب التنجيم، وفي نظرة لأسماء كتابها قليل ما نجد بينهم من هو متخصص بالتاريخ او العارف الحقيقي بصنعة المؤرخ.

هذه الكتب ستكون مستقبلا بين أيادي جيل أخر و ربما تشكل لديه مصادراً للحكم على حقيقة تأريخية.

لا يمكن لأي كان أن يصبح مؤرخًا معتمدًا إلا إذا اكتسب المؤهلات الأكاديمية اللازمة والخبرة في مجال دراسة التاريخ. فالمؤرخون هم علماء اجتماعيون متخصصون في دراسة التاريخ وفهمه، ويعتمد عملهم على أسس تاريخية وعلمية ومنهجية.

معظم هذه الكتب المعروضة كتبها صحفيون يعتمدون الشهادات الشفاهية و المنقولة في اغلب الاحيان على لسان أشخاص أخرين و تتميز بالسرد القصصي أكثر من كونها تجسد الحقيقة التاريخية و خاصة انها بالغالب تخلو من الوثائق و الأدلة القطعية.

بالطبع، يمكن للصحفي الذي يتمتع بمهارات التحرير والبحث والتحليل أن يغطي أحداث تاريخية ويقوم بإعداد تقارير عنها. ومن الممكن أن يكون الصحفي مهتمًا بتاريخ معين أو مجال معين ويقوم بالتعمق في دراسته وفهمه بشكل أفضل. ومن خلال القيام بذلك، يمكن للصحفي أن يصبح متخصصًا في مجال معين من التاريخ.

ولكن، فقط العمل كصحفي لا يؤهل الشخص ليصبح مؤرخًا معتمدًا. يحتاج المؤرخ الحاصل على الشهادات الأكاديمية المناسبة إلى تدريب مكثف في الأساليب والمناهج التاريخية، والعمل الحقيقي في مجال البحث والتدوين التاريخي، وكذلك العمل مع الأرشيفات والوثائق التاريخية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤرخ المعتمد الحفاظ على معايير الأخلاق والمهنية المتعلقة بالبحث التاريخي ونشر النتائج، والعمل بالمنهجيات العلمية الصارمة.

حتى محمد حسنين هيكل الصحفي المخضرم و الذي عاصر وعاش احداثاً كتب عنها لم يستطع الارتقاء الى مرتبة المؤرخ ، و استمر في جميع كتبه كاتباً و مدوناً و ليس مؤرخاً.