رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

12 عامًا علي سقوط القذافي.. والانقسامات السياسية تضرب استقرار ليبيا

نشر
الأمصار

يحيي الليبيون غدًا الجمعة 17 فبراير/ شباط الذكرى الثانية عشرة لانطلاق الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011.

وكان الليبيون يريدون الإطاحة بالنظام الذي حكم البلاد لأكثر من 4 عقود عانت البلاد خلالها حروبا خارجية، وعقوبات دولية وأزمات متتالية، والتطلع لمستقبل أفضل، ولكن تنظيم الإخوان الإرهابي وحلفاءه من التنظيمات الإرهابية، كان لهم رأي آخر.

ومرت ليبيا بالعديد من المحطات منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام حكم معمر القذافي عام 2011 حتى اليوم. 

فبعد مقتل القذافي توجه الليبيون لانتخابات تشريعية أسفرت عن أول برلمان، لكن خليفة حفتر الذي انتصر على جماعات جهادية في الشرق، دعم انتخابات جديدة لبرلمان قاطعه الإسلاميون وانبثقت عنه حكومة في الشرق، ليسيطر الإسلاميون على طرابلس ويشكلون حكومة فيها.

 وعززت الصراعات العسكرية والسياسية والتدخل الأجنبي الانقسام بين الشرق والغرب، إلا أن عدة مؤتمرات دولية جمعت الفرقاء الليبيين أدت إلى تقارب واتفاق على انتخابات رئاسية كان مصيرها التأجيل.

 

الأوضاع السياسية بعد الثورة 

في 7 تموز/يوليو 2012، انتخب الليبيون المجلس الوطني في أول انتخابات تشريعية حرة تجري في البلد وتخللتها أعمال تخريب وعنف في الشرق.

بعد شهر، سلم المجلس الوطني الانتقالي سلطاته إلى المؤتمر الوطني العام (البرلمان).

تعرضت السفارتان الأمريكية (أيلول/سبتمبر 2012) والفرنسية (نيسان/أبريل 2013) لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أمريكيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد. 

في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله.

في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت غالبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.

لكن في نهاية آب/أغسطس وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم الكثير من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة.

وانبثقت حكومة عن البرلمان الذي استقر في شرق البلاد، وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.

في كانون الأول/ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهرا، وقّع ممثلون للمجتمع المدني ونواب في الصخيرات بالمغرب، اتفاقا برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني.

في آذار/مارس 2016، نجح رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في الانتقال الى طرابلس. لكن في الشرق، بقيت الحكومة الموازية التي يدعمها حفتر والبرلمان معارضَين له.

حفتر وخطة التحرير 

في مطلع تموز/يوليو 2017، أعلن حفتر الذي رقي إلى مشير، "التحرير الكامل" لبنغازي من الجهاديين بعد ثلاث سنوات من القتال.

وحظي بدعم مصر المجاورة والإمارات قبل التقرب من روسيا.

في أواخر حزيران/يونيو 2018، تمكنت قواته من السيطرة على درنة، معقل الإسلاميين المتطرفين والمدينة الوحيدة في الشرق التي كانت خارجة عن سيطرته.

في مطلع 2019، بدأ حفتر غزو الجنوب. وبحصوله على دعم القبائل المحلية، سيطر بلا معارك على سبها والشرارة حيث أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد.

في الرابع من نيسان/أبريل، أمر قواته "بالتقدم" باتجاه طرابلس حيث واجهت مقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني.

 

تدخلات أجنبية

في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2019، تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" عن نشر مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية للأمن الخاص في ليبيا.

في كانون الأول/ديسمبر 2019، أفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن شركات عدة ودولا تنتهك حظر بيع السلاح المفروض على ليبيا منذ عام 2011، عبر تسليم أسلحة أو إرسال مقاتلين إلى المعسكرَين.

في الخامس من كانون الثاني/يناير 2020، أعلنت أنقرة بدء نشر جنود أتراك دعماً لحكومة طرابلس، ما مهد الطريق أمام تقدم القوات الموالية لحكومة الوفاق.

في مطلع حزيران/يونيو، أعلنت القوات الموالية لحكومة الوفاق أنها استعادت السيطرة على ترهونة، آخر معقل لقوات حفتر في الغرب التي انطلق منها الهجوم على طرابلس.

تسع حكومات

يذكر أن ليبيا التي يقطنها 7 ملايين شخص، عرفت منذ سقوط القذافي ما لا يقل عن تسع حكومات، وخاضت حربين أهليتين ولم تنجح في تنظيم انتخابات رئاسية.

ولا تساعد الانقسامات العميقة والتدخلات الخارجية وانعدام الأمن البلاد على الخروج من أزمتها التي تترك تداعيات سلبية على سكانها، على الرغم من احتياطيات النفط الوفيرة التي يفترض أن تضمن للليبيين مستوى معيشيا مريحًا.

 

انقسامات سياسية

في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020، وقّع طرفا النزاع اتفاقا لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري" بعد محادثات استمرت خمسة أيام في جنيف برعاية الأمم المتحدة.

في 26 منه، أعلنت مؤسسة النفط الوطنية إعادة فتح آخر حقل نفطي متوقف عن العمل.

في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أعلنت الأمم المتحدة أن المندوبين الليبيين المجتمعين في تونس توصلوا إلى اتفاق على إجراء انتخابات عامة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.

في الخامس من شباط/فبراير 2021، انتخب المشاركون في الحوار الليبي الليبي خلال اجتماعات في جنيف برعاية الأمم المتحدة عبد الحميد محمد الدبيبة رئيسًا للحكومة الانتقالية، إلى جانب مجلس رئاسي مكون من ثلاثة أعضاء.

الانتخابات الرئاسية 

في 22 أيلول/سبتمبر جمَّد خليفة حفتر مهامه العسكرية استعدادا للانتخابات الرئاسية.

في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر، اعتمد البرلمان الموجود في الشرق برئاسة عقيلة صالح القانون الذي ينظم الانتخابات التشريعية.

اعترض المجلس الأعلى للدولة، وهو بمثابة هيئة ثانية في البرلمان ومقره طرابلس، على هذا القانون والقانون الصادر في 9 أيلول/سبتمبر.

بعدها عدل البرلمان مواعيد التصويت على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول/ديسمبر والانتخابات التشريعية بعد ذلك بشهر.

في 22 كانون الأول/ديسمبر اقترحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا تأجيل الانتخابات الرئاسية شهرا بعيد إعلان لجنة متابعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مجلس النواب الليبي "استحالة" إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها في 24 كانون الأول/ديسمبر.

في 27 كانون الأول/ديسمبر رفضت اللجنة تحديد موعد جديد للانتخابات الرئاسية.

وكان قد اجتمع رئيسا البرلمان الليبي عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في العاصمة المصرية، 5 يناير الماضي في محاولة جديدة للتوصل إلى توافق حول قاعدة دستورية تسمح بالمضي نحو انتخابات عامة في البلاد.

 

بنود الاتفاق

وتوصل الطرفان خلال الاجتماع الى اتفاق تتضمن قيام اللجنة المشتركة بين المجلسين بإحالة الوثيقة الدستورية للمجلسين لإقرارها طبقا لنظام كل مجلس ووضع خارطة طريق واضحة ومحددة يعلن عنها لاحقا لاستكمال كـل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية سواء التى تتعلق بالأسس والقوانين أو المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات.

كما تم الاتفاق على فتح باب الترشح للرئاسة أمام كل الليبيين دون استثناء.

والسعي لتشكيل حكومة موحدة وتوحيد المؤسسات والمناصب السيادية، بالإضافة الى تجاوز نقاط الخلاف وترحيلها إلى البرلمان القادم، مثل مسألة مزدوجي الجنسية والعسكريين المترشحين للانتخابات الرئاسية.

 

المدي الزمنى لخارطة الطريق

وبشأن المدى الزمني لخارطة الطريق المرتقبة، أفاد المشري في تصريحات إعلامية بأنه لا يزال نقطة خلاف بين المجلسين لكنه «قريب جدا جدا»، موضحا أنها ستكون شاملة لملفات سيجري العمل على حلحلتها كل على حدة لتجنب الإرباك، كما سيجري إشراك الرأي العام في النقاشات الجارية بشأنها بين المجلسين لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق.

وأضاف المشري أنهم سينظمون لقاءات ومقابلات وزيارات للمدن الليبية للدفاع عن القاعدة الدستورية وخارطة الطريق المرتقبة، وطمأنة الليبيين بشأن العملية السياسية وتوضيح معوقات التقدم نحو الانتخابات، لافتا إلى أنهم إذا اتفقوا على تغيير السلطة التنفيذية أو منع أعضائها من خوض الانتخابات فسيحدث ذلك.

ورأى المشري أنه لا يرى أي إمكانية لإجراء الانتخابات في ظل وجود حكومتين في البلد، معيدا التأكيد على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية أولا قبل التوجه نحو الانتخابات، دون أن يحدد أولوية الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية لوجود وجهات نظر متباينة حول الاستحقاقين في ليبيا.

وأكد المشري أن «الحاجة المحسومة لدينا الآن هي الانتخابات»، وهناك رأي عام داخل مجلسي النواب والدولة على عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية «بشروط معقولة ومقبولة» وإجراء انتخابات متزامنة كما أكد عليه قادة المجلسين في اجتماعات القاهرة.

وكشف المشري عن اتفاقه مع عقيلة على مخرج لأزمة أولوية الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية، يتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشيوخ الذي سيجري على أساس فردي بالتزامن مع الاستحقاقين، وإجراء انتخابات مجلس النواب مع الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية إلى جانب الجولة الثانية لمجلس الشيوخ.