رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

شلل الأطفال بدول المغرب العربي.. انتباه وتلقيح مستمر

نشر
الأمصار

لعبت “كورونا دورا كبيرا في تعطيل خدمات التطعيم الروتينية عن شلل الأطفال في دول المغرب العربي مما يعرّض ملايين الأطفال لخطر الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها بواسطة اللقاحات ، ومن بين أهم هذه الأمراض نجد شلل الأطفال الذي قطعت منظمة الصحة العالمية أشواطا كبيرة في القضاء عليه .

وسبق للرئيس السنغالي ماكي سال -الذي يتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي، خلال منتدى دولي قبل أشهر أن دعى إلى “تعبئة عامة” من أجل القضاء على شلل الأطفال في القارة حيث يتراجع التطعيم ضد هذا المرض.

شلل الأطفال بين الماضي والحاضر والمستقبل

في العامين الماضيين، لوحظ ارتفاع في حالات شلل الأطفال في العالم، في أفريقيا وآسيا ولكن أيضًا عودته للبلدان المتقدمة مثل إنجلترا، كندا والولايات المتحدة الأمريكية. لذلك، فإن التطعيم اليوم ليس فقط حماية ضد الحدث الحالي، بل حماية وراحة نفسية للمستقبل أيضًا.

يرى بعض المؤرخين أنه بالعودة للوحات المنحوتة من مصر القديمة حوالي عام 1500 قبل الميلاد، ظهر كاهنا ذا ساق ذابلة يستخدم عصا للمشي، مما يشير إلى أن شلل الأطفال كان منتشرا منذ آلاف السنين، ولكن تم وصفه لأول مرة في الأدبيات الطبية من قبل الطبيب البريطاني مايكل أندروود في عام 1789.

حسب منظمة أطباء بلا حدود يعد شلل الأطفال (التهاب سنجابية النخاع) عدوى فيروسية حادة ناجمة عن فيروس شلل الأطفال (الفيروس السنجابي) . يحدث انتقال العدوى من إنسان لآخر بشكل مباشر (الطريق الفموي-البرازي) أو غير مباشر (ابتلاع الطعام والماء الملوث بالبراز). يعد البشر المستودع الوحيد للفيروس. من الناحية المبدئية، يمكن استئصال المرض عن طريق التحصين الجماعي.

في مناطق توطن المرض يؤثر شلل الأطفال بشكل رئيسي على الأطفال بعمر أصغر من 5 سنوات غير المحصنين (أو غير المحصنين بشكل كامل)، لكن يمكن للعدوى أن تؤثر على الأشخاص بأي عمر خاصةً في مناطق انخفاض مناعة السكان.

ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن  حالة واحدة -من أصل 200 حالة عدوى بالمرض- إلى شلل عضال. ويعاني ما يتراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل بسبب توقّف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها.

وتفيد المنظمة بانخفاض حالات المرض الناجمة عن فيروس شلل الأطفال البري بنسبة تزيد على 99% منذ عام 1988، أي من نحو 350 ألف حالة في حينها إلى 6 حالات أبلغ عنها عام 2021.

وتؤكد أنه مادام هناك طفل واحد مصاب بعدوى فيروس الشلل، فإن الأطفال في جميع البلدان معرضون لخطر الإصابة بالمرض.
وتضيف الصحة العالمية أن الفشل في استئصال شلل الأطفال من آخر هذه المعاقل العتيدة -التي ما زالت موبوءة به- قد يسفر عن معاودة ظهور المرض في العالم.

وتشير إلى أنه في معظم البلدان أتاحت الجهود العالمية لاستئصال شلل الأطفال المجال لزيادة القدرة على التصدي لأمراض معدية أخرى، من خلال بناء نُظم فعالة في مجالي الترصد والتمنيع.

معظم الأشخاص المصابين بفيروس شلل الأطفال لا تظهر عليهم علامات المرض، ولا يدركون أبدًا أنهم مصابون به. هؤلاء الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض المرض، يحملون الفيروس في أمعائهم، ويمكنهم نقل العدوى “بصمت” إلى آلاف الأشخاص الآخرين، وذلك قبل أن تظهر الحالة الأولى للإصابة بشلل الأطفال. لهذا، فإن منظمة الصحة العالمية (WHO) تعتبر وجود حالة واحدة مؤكدة من الإصابة بشلل الأطفال دليلًا على وجود الوباء – خاصة في البلدان التي تحدث فيها حالات قليلة جدًا.

الدول المغاربية .. تفاوت في التلقيح بين الدول ويقظة من المستقبل

تمكن المغرب من القضاء على مرض شلل الأطفال، وذلك بفضل عمليات التلقيح والتشخيص المبكر التي اعتمدها منذ عقود لمحاربة هذا المرض ، حيث تفتخر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بحصول المختبر الوطني لشلل الأطفال التابع لها على نسبة 95 بالمئة في اختبارات منظمة الصحة العالمية لفحص الكفاءة والمطابقة لكافة معايير العزل والكشف عن فيروس شلل الأطفال. وبذلك يتم اعتماد المختبر الوطني لشلل الأطفال كمختبر مرجعي لمنظمة الصحة العالمية.

أما بالجزائر فوفقا لوزارة الصحة الجزائرية ، فإنه على الرغم من خلو البلاد من شلل الأطفال لأكثر من عقدين من الزمن، إلا أنها تُنفذ بشكل دوري حملات تطعيم واسعة النطاق للحفاظ على هذا الإنجاز بأي ثمن وتمكين الأطفال  من العيش في بيئة معقمة سليمة من الوباء.

أما بموريتانيا فحسب تصريح لوزير الصحة الموريتاني فإن الوزارة تقوم بحملات دائمة للتصدي لشلل الأطفال بحيث أن الحملات تجاوزت نسبة 95 في المائة في جميع الولايات و قد أعلنت موريتانيا عن آخر حالة في أبريل 2010 ، وأضاف بأن موريتانيا قامت بتعزيز نظام المراقبة لحالات الشلل الرخو الحاد في جميع الولايات والمقاطعات ، وتم اكتشاف الحالات الأولى لفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح في يوليو 2021، وقد بلغت الحالات المكتشفة 12 حالة .

بليبيا فمن اجل الأطفال ، تناشد اليونيسف الى الوصول الى حل سياسي للأزمة وانهاء العنف ، حيث يعاني أطفال ليبيا من استمرار النقص الحاد في كميات التطعيمات المتوفرة، والأزمة تتكرر من دون أن تملك السلطات الصحية في البلاد أية حلول ، ورغم عدم تسجيل أي حالة بشلل الأطفال فإن العاملين بقطاع الصحة يعيبون على الدولة  غياب تطعيمات السحائي والسداسي وشلل الأطفال أحيانا والتي يعتبرونها تكافح أمراضاً من المعيب أن تظهر في ليبيا بعد أن أصبحت من الماضي عالمياً.

وحسب معطيات وزارة الصحة التونسية فقد حققت تونس نسب تغطية مرتفعة بكل التلاقيح المضادة لشلل الأطفال فاقت 95 بالمائة من الأطفال قبل بلوغهم سن الدراسة ، و سلمت منظمة الصحة العالمية شهادة لتونس ، نظرا لجهودها في القضاء على مرض شلل الأطفال الذي تم استئصاله منذ أكثر من 20 سنة وجاء ذلك بعد تقدمها بطلب للحصول على هذه الشهادة .

الوقاية خير من العلاج

ليس هناك علاج لشلل الأطفال، ولكن الوقاية ممكنة من خلال التطعيم الآمن والفعال.

لا يستطيع هذا الفيروس أن يعيش لفترات طويلة خارج جسم الإنسان ، وبالتالي، فإن لم يتمكن هذا الفيروس من العثور على شخص لم يحصل على التطعيم لكي يهاجمه ويصيبه بالعدوى، فإن هذا الفيروس سوف يموت لوحده.

يمكن بسهولة أن يتمّ تطعيم الطفل بلقاح شلل الأطفال الفموي، والذي يوفّر له الحماية من الإصابة بالفيروس لمدى الحياة. لكن طالما أن هناك طفلًا واحًدا لا يزال مصابًا بالعدوى، فإن جميع الأطفال الذين لم يتم تطعيمهم يبقون عُرضة للخطر. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الفشل في القضاء على حالة واحدة مؤكدة من شلل الأطفال قد يؤدي إلى ما يصل عدده إلى 200،000حالة جديدة كل عام.

الوقاية من شلل الأطفال هي الطريقة الوحيدة الآمنة في التعامل مع هذا المرض، عبر اللقاحات المتوفرة بالفعل.
ولا يوجد علاج محدد للأشخاص المصابين، حيث يتم التركيز على تخفيف الأعراض عن طريق وصف مسكنات الآلام، مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين.

ويُنصح المرضى غالبا بتناول نظام غذائي خاص، واستخدام الكمادات الساخنة أو وسادات التدفئة لألم العضلات.
ويمكن أن تتطلب الأعراض الشديدة للشلل أجهزة مساعدة للحركة، مثل المشابك والعصي والكراسي المتحركة.