رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الطاقة وقضايا المنطقة.. أبرز الملفات على طاولة بحث لافروف في العراق

نشر
الأمصار

أُسِّست العلاقات السوفيتية العراقية 1944، واعترفت حكومة العراق بروسيا الاتحادية بصفتها وارثة لحقوق الاتحاد السوفيتي، وكان هناك تعاون بين البلدين في كافة المجالات، وكان هناك توقيع لمعاهدة الصداقة والتعاون بين الاتحاد السوفيتي والعراق في أبريل 1972 أساساً قانونياً قوياً للعلاقات بين البلدين.

تفاصيل زيارة لافروف

ووصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، في زيارة رسمية تستمر ليومين إلى العاصمة العراقية بغداد.

وتعد بغداد هي المحطة الأولى في الجولة القادمة لوزير الخارجية الروسي، والتي سيزور خلالها أيضاً مالي وموريتانيا والسودان.

ومن المتوقع أن يلتقي لافروف الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد السوداني، ورئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.

ومن المتوقع أن يتم خلال هذه الزيارة بحث العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والقضايا الدولية والإقليمية، كما سيبحث لافروف، الذي وصل بغداد على رأس وفد من بلاده، ملف الطاقة.

وكانت وكالة الأنباء العراقية قد نقلت عن المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف في وقت سابق قوله، إن الزيارة تأتي في سياق تأكيد "انفتاح" العراق على جميع شركائه، وأهمية العلاقات الاستراتيجية مع الجانب الروسي في ظل تعزيز الجذب الاستثماري والاقتصادي، خاصة ما يتعلق بملفات الطاقة.

وأكد المتحدث أن الجانبين سيبحثان عددًا من القضايا والملفات والعلاقات الثنائية، وأهمية دعمها وتعزيزها في مختلف القطاعات، إضافة إلى أهم التطورات في المنطقة، وإيجاد "مقاربات أساسية" بين بغداد وموسكو حول أهم التحديات.

وقال الصحاف إن لافروف سيترأس وفداً "رفيع المستوى دبلوماسياً اقتصادياً استثمارياً"، ويضم شركات متعددة عاملة في قطاع النفط والغاز، إضافة إلى شركات في مختلف القطاعات.

وكانت زيارة لافروف السابقة للعراق في أكتوبر 2019، عندما زار بغداد وأربيل، حيث التقى بممثلي القيادة العليا للبلاد وسلطات منطقة الحكم الذاتي الكردية.

تاريخ العلاقة بين روسيا و العراق

أُسِّست العلاقات السوفيتية العراقية في 9 سبتمبر/أيلول 1944، وقُطِعَت في عام 1955، وأُعِيدَ بناؤها في يوليو/تموز 1958. 

كان التعاون بين البلدين -مع بعض التقلُّبات- إيجابياً عموماً، وعُدَّتْ بغداد كأحد أهم الشركاء السوفييت في العالم العربي. كان توقيع معاهدة الصداقة والتعاون بين الاتحاد السوفيتي والعراق في أبريل/نيسان 1972 أساساً قانونياً قوياً للعلاقات بين البلدين.

وأثَّر احتلال العراق للكويت في أغسطس/آب 1990، والدعم السوفيتي لقرارات مجلس الأمن الدولي ضد العراق، وانهيار الاتحاد السوفيتي، والعقوبات الدولية على العراق سلباً على العلاقات الثنائية القوية. 

لكن بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان بمنزلة نهاية للوحدة الروسية العراقية.

ومع المعارضة الروسية للغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إلا أنَّ موسكو تكيَّفت مع موقفها السابق وتعاونت مع الحكومة العراقية الجديدة. 

افتُتِحتِ القنصلية العامة الروسية في أربيل (كردستان العراق) في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، والقنصلية العامة الروسية في مدينة البصرة جنوب العراق في أغسطس/آب 2011.

ورأينا أنَّ روسيا تنهض -من عام 2003 إلى عام 2011- بدور ضئيل في العراق جعلت صفقة الأسلحة البالغة (4) مليارات دولار مع الحكومة العراقية في عام 2012 العراق ثاني أكبر مشترٍ للأسلحة الروسية. 

تتأثَّر العلاقات الروسية العراقية بمتغيرات مهمة تتعلَّق بالمنافسة الجيوسياسية والاقتصادية.

وكانت اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني في أغسطس/آب 1993، واتفاقية التعاون بشأن إنشاء منشآت في صناعة النفط والغاز في أبريل/نيسان 1995، واتفاقية تسوية الديون على القروض السابقة في فبراير 2008؛ جزءاً من الاتفاقات الثنائية المشتركة في العلاقات الدبلوماسية.
النهج والأهداف السياسية والجيوسياسية

وكانت روسيا، التي طالما حلمت بالعودة إلى موقع القوة العظمى، تمارس دورها بوصفها قوة موازنة للولايات المتحدة، مستغلة أوجه القصور في السياسات الغربية في الشرق الأوسط. لطالما حُدِّدَ جزء من سياسة روسيا تجاه العراق عن طريق كيفية ارتباطها بالغرب وعودتها كلاعب جيوسياسي مهم.

وتسعى روسيا أيضاً إلى الحصول على منصب يتناسب مع قدراتها في الشرق الأوسط، بالنظر إلى قوتها التاريخية والإقليمية والعسكرية وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي. وهي تتبع هذا النهج عن طريق الإصرار على الحفاظ على الخطوط الحمراء، وتحقيق التوازن بين جميع الجهات الفاعلة، وتأكيد القواسم المشتركة بدلاً من الاختلافات.

وأشار بوتين -في عام 2018- إلى أنَّه كان سيعكس مسار انهيار الاتحاد السوفيتي لو أُتِيحت له فرصة لتغيير التاريخ الروسي الحديث. 

وفي هذا الصدد، يريد مَن يحنُّون للعهد السوفيتي استعادةَ النفوذ الروسي بالكامل في العراق، فهُم يدعمون تحالفاً براغماتياً مع إيران كموازنة ضد الولايات المتحدة، ومعارضة تقسيم العراق إلى دول صغرى. تسعى روسيا -الآن- إلى استعادة ميزان القوى في مواجهة توسُّع الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في المنطقة.

التعاون قبل اجتياح العراق للكويت

كان الاتحاد السوفيتي والعراق يتعاونان بنشاط في الفترة ما بين عام 1958 وعام 1990، لا سيما في المجال العسكري التقني. وكان العراق من أهم مستوردي المعدات الحربية السوفيتية. وقد بلغ حجم المبيعات العسكرية للعراق في تلك الفترة قيمة 30.5 مليار دولار. والى جانب ذلك فان الخبراء السوفيت كانوا يقومون بإصلاح المعدات العسكرية الخاصة، وقد انشئت بمساعدة الاتحاد السوفيتي في العراق المصانع العسكرية، وبينها مصنع مدافع هاوتزر ومصنع الرشاشات كلاشنيكوف ومصنع ذخائر المدفعية. كما تم إعداد الكادر الوطني العراقي.

وكان الاتحاد السوفيتي يساهم بنشاط في قيام صناعة النفط العراقية وفي تنمية القدرات العسكرية الدفاعية العراقية. 

وقد انشأ بمساعدة الاتحاد السوفيتي 100 مشروع اقتصادي تم انجاز 80 مشروعا منها. 

وتم بمشاركة الاتحاد السوفيتي تطوير حقول نفط الرميلة الشمالية وحقول نهر عمر واللحيس التي بلغت إنتاجيتها الاجمالية 45 مليون طن سنويا، كما جرى أنشاء خط انابيب مشتقات النفط بغداد – البصرة، وإنشاء المحطات الكهروحرارية والكهرومائية "الناصرية" "النجيبية" و"دوكان"بقدرتها الاجمالية 1440 ميغاواط. 

كما شارك الاتحاد السوفيتي في أنشاء معمل الالات الزراعية في الإسكندرية ومعمل الادوية في سامراء.

وباتت بغداد في منتصف الثمانينات من أكبر مشتري المعدات الحربية السوفيتية بالشرق الأوسط. 

وبحلول عام 1990 تم بيع ما يقارب 3 آلاف وحدة من عربات المشاة القتالية والكمية نفسها من ناقلات الجنود المدرعة ومن المدافع و 4500 دبابة و700 منظومة صاروخية لمكافحة الدبابات و300 منظومة مضادة للطائرات و348 مروحية و1000 طائرة و41 سفينة.

وبحسب تقييمات الخبراء فان العراق اشترى في الاتحاد السوفيتي على مدى 30 عاما معدات حربية وأسلحة بمبلغ 30.5 مليار دولار وحصل على 60 ترخيصاً بصنع الأسلحة الروسية.

التعاون الروسي العراقي في الفترة ما بين عام 1990 وعام 2003

وقد تغير مضمون التعاون الثنائي بين البلدين بعد فرض العقوبات، وانتقل التعاون من المجال العسكري التقني إلى المجال الاقتصادي حيث كانت روسيا تصدر إلى العراق سيارات الشحن "كاماز" والحافلات والمكائن المختلفة وعربات القطار وقضبان السكك الحديدية والانابيب ومراجل البخار. 

واشتغلت الشركات الروسية بإنشاء صوامع الارز والذرة، وظلت شركات النفط الروسية بعد عام 1991 تعمل في العراق. وتم في اغسطس/آب عام 1993 في بغداد لاول مرة بعد فرض عقوبات مجلس الامن الدولي توقيع 3 اتفاقيات عراقية - روسية في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني، وكذلك اتفاقية تشكيل اللجنة الروسية - العراقية على مستوى الحكومتين للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني.

وقد عقدت منذ سبتمبر/ايلول عام 1994 ستة اجتماعات لها، وكانت قبل بدء العملية الحربية الأمريكية في مارس/آذار عام 2003 قد عملت في العراق 39 شركة روسية بلغت حصة 20 شركة منها في استخراج النفط العراقي نسبة 40%. وكانت أقاليم روسيا مثل تتارستان (في مجال النفط والغاز وتوريد الشاحنات "كاماز") وجمهورية تشوفاشيا ومقاطعة كالوغا ومقاطعة ياروسلافل تبدي نشاطها الخاص في التعاون مع بغداد.

وبحسب معطيات وزارة التنمية الاقتصادية في روسيا الاتحادية فان الحجم الاجمالي للصفقات المعقودة بهدف توريد السلع إلى العراق من روسيا ودول أخرى بوساطة روسية بلغ قيمة 1.5 مليار دولار.

 وقد بلغ حجم التداول السلعي لدى الشركات الروسية العاملة في العراق قبل بدء العملية الحربية الأمريكية 7.73 مليار دولار.

وكانت روسيا تتقدم الدول الأخرى في مجال التداول السلعي العراقي على الصعيد الاقتصادي الخارجي، وقد بلغت حصتها فيه نسبة 15%. 

الا انه تم تعليق كل العقود الروسية العراقية مع بدء العملية الحربية الأمريكية في العراق. وتكبدت الشركات الروسية خسائر كبيرة.

وانخفض التبادل السلعي بين البلدين في عام 2003 حتى 252 مليون دولار، مما يقل 8 أضعاف عما هو عليه في عام 1989 حين زاد هذا المؤشر عن 2 مليار دولار.

واقر مجلس الدوما لروسيا الاتحادية في 21 مارس/آذار عام 2003 بيانا بصدد بدء الاعمال الحربية للولايات المتحدة وبريطانيا ضد جمهورية العراق وصف فيه هذه العملية الحربية بانها خرق لاصول القانون الدولي.