رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

السعودية والعراق.. ازدهار العلاقات الثنائية بعد سنوات من التوتر بين البلدين

نشر
الأمصار

أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الخميس، أن هناك تعاون مستمر بالمجال الأمني ومكافحة المخدرات مع السعودية، فيما اشار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دور العراق المهم في المنطقة.

وتشهد العلاقات الثنائية بين العراق والسعودية تطورًا فى مختلف المجالات خاصة في مجال التبادل التجارى، مما يؤكد على عمق العلاقات بين البلدين.

تذبذب العلاقات 

وكانت العلاقات بين العراق والدول العربية والخليجية وتحديدا مع السعودية، جامدة منذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003، حتى وصول مصطفى الكاظمي لتسلم رئاسة الحكومة العراقية في عام 2020.

في عهد رئيس الحكومة العراقية الأسبق نوري المالكي، شهدت العلاقات بين بغداد والرياض أعلى درجات التوتر، حيث اتهم المالكي السعودية، بالعمل على منع الاستقرار في مدن العراق، ودعم التنظيمات المتطرفة.

بعد تسلم حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، وهو قيادي في حزب “الدعوة الإسلامي”، حاول الانفتاح على العلاقات مع المحيط العربي والخليجي، وبدأت ثمار تلك الرغبة تظهر للعيان، بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين بغداد والرياض، حيث افتتحت السعودية سفارتها في بغداد مجددا، وعينت ثامر السبهان سفيرا لها.

في عام 1990، وعلى أثر قيام نظام صدام حسين السابق بغزو الكويت، أعلنت السعودية قطع علاقتها الدبلوماسية مع العراق.

 وبعد عام 2003 ودخول القوات الأميركية إلى مدن العراق، اعترضت الرياض على طريقة تسليم واشنطن لإدارة البلاد بيد إيران والقوى الموالية لها.

في أبريل 2006، وأثناء الصراع الطائفي في العراق، والمشاكل الطائفية، بدأت السعودية بإجراء مناقصة لبناء حاجز حدودي على شكل جدارأو سور عازل يصل طولة إلى 900 كيلومتر على طول الحدود لمنع دخول المتطرفين و والمقاتلين إلى أرض المملكة العربية السعودية.

ولم يتم تنفيذ المقترحات حتى سبتمبر 2014، عندما تصاعدت الاضطرابات المسلحة وبزوغ الدولة الإسلامية في العراق والشام واحتلالة لقسم كبير من مناطق العراق، تم بناء الجدار العازل لمنع دخول المتطرفين إلى المملكة العربية السعودية.

تحسن العلاقات الثنائية 

وبعد فترة من تدهور العلاقات بين ابلدين واتهام العراق للسعودية بدعم الإرهاب والمشاكل والطائفية في البلاد، بدأت العلاقات تتحسن مع تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة وإعلان استعداده عن التنازل عن كل الخلافات مع دول الجوار.

تحسنت العلاقة بشكل بسيط في فترة رئاسة حيدر العبادي للعراق، فبعد وفاة الملك عبدالله أرسل حيدر العبادي برقية تعزية إلى السعودية.

 ثم أصبح ثامر السبهان أول سفير تعينه المملكة في العراق بعدما أعادت السعودية فتح سفارتها في بغداد في ديسمبر 2015 بعد انقطاع 25 عام.

 وزار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بغداد لأول مرة منذ 27 عامًا في فبراير 2017.

وفي 30 يوليو/ تموز 2017م لبى مقتدى الصدر دعوى رسمية له لزيارة السعودية هي الأولى منذ أخر زيارة قام بها للرياض قبل 11 عاماً، والتقى بالأمير محمد بن سلمان في جدة.

 

دوافع السعودية والعراق من تفعيل العلاقة بينهما

نظراً لتعدد الملفات بين السعودية والعراق وتشابكها، سواء في الجانب الأمني أو الجانب السياسي، يحاول كل منهما التقارب مع الآخر من أجل تحقيق جملة من الأهداف التي تتوافق مع دوافعهما من هذا التقارب.

 دوافع أمنية وسياسية

سياسة التقارب القائمة قد يكون لها انعكاسات إيجابية على أمن العراق واستقراره، فمن جانب يمكن أن تفضي سياسة التقارب هذه إلى إحداث تغير في السياسة العراقية تجاه السعودية، خصوصاً أن حميد الغزي، الذي أدار ملف الاتفاق، هو رجل مقتدى الصدر الأول في الحكومة، في الوقت الذي يُعتقد أن الصدر يتلقى دعمه السياسي لمشروعه من دول عدة أبرزها السعودية، بالإضافة إلى أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تربطه علاقات طيبة مع الرياض، واستضافة السعودية أكثر من مرة لزيارات مسؤولين عراقيين يمكن أن تسهم في التقريب بين وجهات النظر، ومن ثم تخفف من حدة الأزمة السياسية القائمة، ومن خلال هذا الدور يمكن للسعودية إعادة بناء الثقة مع المكون الشيعي المقرب من إيران.

 الاستقلالية عن الغاز الإيراني 

يستورد العراق حالياً ما بين 500 ميغاوات من الكهرباء من إيران في فصل الشتاء و1200 ميغاوات في فصل الصيف، بتكلفة تبلغ نحو 1.2 مليار دولار في السنة.

 ويصنف العراق على أنه ثاني بلد على مستوى العالم بعد روسيا في إحراق الغاز المصاحب، حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى أنه أحرق عام 2016 ما مجموعه 17.73 مليار متر مكعب من الغاز، ثم ارتفع ذلك عام 2019 ليصل إلى 17.91 مليار متر مكعب، وفي السنوات الأخيرة واجه العراق أزمات كبيرة بتوفير الطاقة الكهربائية، بسبب عدم التزام الجانب الإيراني بتصدير كميات الغاز المتعاقد عليها مع العراق، لتشغيل محطاته الكهربائية، إذ قطعت طهران الغاز وقلَّلت كمياته المصدرة للعراق ولعدة مرات في الصيف الماضي، ما أحرج الحكومة العراقية بتوفير الطاقة، وتسبب بموجة تظاهرات وغضب شعبي في عدد من المحافظات.

وضمن سياقات تقاربه مع السعودية كان ثمة تركيز على ملف الكهرباء والطاقة، وهو ما أفضى إلى توقيع اتفاقية “توفير الطاقة الكهربائية” بالاتفاق مع هيئة الربط الخليجي في 15/7/2022.

 ينظر إلى هذا الاتفاق على أنه وسيلة ناجعة يمكن أن تنهي حالة خضوع العراق للغاز الإيراني الذي يرتبط بتحديين أساسيين؛ الأول كثرة الاستهلاك، ومن ثم الحاجة إلى توفير مصدر ثابت للطاقة، والثاني الحاجة إلى التنويع في مصادر الطاقة، وهو ما يطمح إليه العراق من خلال هذه الاتفاقية التي ستفضي في مراحل لاحقة إلى ربطه بسوق الطاقة في الخليج.

 تحقيق أرباح اقتصادية 

أكد الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي، حميد الغزي، على المردودات الاقتصادية المترتبة على الربط الكهربائي مع السعودية، إذ يمكن لهذا الربط أن يسهل على العراق مسألة الحصول على حاجته من الغاز بأسعار تنافسية.

 كما أنه سيسهم في تمكين العراق من تحقيق استقرار سياسي قد يمكنه من الاستثمار في موارده الطبيعية.

 ومنذ العام 2020 حددت الحكومة العراقية أولوياتها، وعلى رأسها تحقيق الربط الكهربائي بينها وبين أسواق الطاقة في المنطقة، والسعي لتحقيق مكانة عالمية في سوق الطاقة، إذ يمكن لمشاريع الربط الكهربائي أن تحقق استقراراً عالياً للشبكة الكهربائية، وتوفر أكثر من مصدر للطاقة، وتهيئ العراق لأن يدخل عضواً مهماً في سوق الطاقة، سواء الخليجي أو العربي وحتى الإقليمي.

 

العلاقات التجارية

في 2019، استضافت الرياض أعمال لجنة التنسيق المشتركة، بمشاركة 130 شركة سعودية و42 شركة عراقية، في قطاع الإنشاءات والأغذية والطاقة، والاستثمار والبنى التحتية، بالتزامن مع خطوات عراقية لتسريع عمليات إعادة الإعمار.

وفي 2019 كذلك، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بحسب الهيئة العامة للإحصاء السعودية، نحو 1.2 مليار دولار أمريكي، صعودا من مليار دولار مسجلة في 2018، بينما بلغ حجم التبادل التجاري المشترك، نحو 400 مليون دولار في 2017.

والسعودية هي أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بمتوسط إنتاج يومي 10 ملايين برميل يوميا في الظروف الطبيعية، بينما العراق ثاني أكبر منتج في المنظمة بمتوسط إنتاج يومي 4.6 مليون برميل يوميا.