رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى في المغرب العربي (تفاصيل)

نشر
الأمصار

تتشارك جميع البلدان في المغرب العربي فرحة قدوم عيد الأضحى المبارك، ومظاهر الاحتفالات التي تمتلئ بالخير والسرور والترابط والتزاور، وإن كانت تختلف في بعض العادات والتقاليد التراثية.

 

فنجد بعض الدول يكتفون بذبح الأضحية وتوزيعها، وآخرون يؤجلون تناول لحم الأضحية إلى ثاني أيام العيد، ومن طرائف العادات التي ترتبط بالأطفال هي: تزيين فرو الخروف، أو ارتداؤه على أكتافهم والسير به في الشارع، وغيرها من مظاهر وعادات الاحتفال بعيد الأضحى.

المغرب 

يحرص المغاربة مع حلول عيد الأضحى أو “العيد الكبير” كما يسمونه، على ممارسة طقوس وعادات اجتماعية ،تشكل عملية اقتناء الأضحية، مهما غلا سعرها.

 

قبل حلول العيد بنحو عشرة أيام تنتشر أسواق بيع الكباش بمختلف أنواعها في كافة مدن ومناطق دولة المغرب.

كما تنتشر مهن موسمية أخرى مرتبطة بهذه المناسبة منها شحد السكاكين، والإتجار في الفحم والشوايات والقضبان الحديدية وغيرها من لوازم العيد.

 

وتلقى أيضًا تجارة التوابل رواجا كبيرا، حيث تحرص الأسر المغربية على استخدامها في تحضير وجبات خاصة مثل “المروزية” والتقلية “طهي أحشاء الخروف “وتجفيف اللحم تحت أشعة الشمس”القديد”، فضلا عن أكلات أخرى تختلف من منطقة إلى أخرى.

 

ويزخر المجتمع المغربي بعادات وتقاليد عديدة مرتبطة بعيد الأضحى

 

ففي يوم العيد يرتدي الأطفال والشباب صوف الخرفان، وهي عادة تراثية تطلق عليها اسم “بوجلود” وتقوم على لف أحد الأشخاص نفسه بجلود الماعز أو الخرفان، فيصبح كل منهم أشبه بالخروف، ثم يبدءون بالتجول في الأزقة والشوارع بالموسيقى والرقص وصوف الخروف، رغبة في نشر جو من السعادة والفرح.

ويتوجه الناس صوب المساجد والمصليات لأداء صلاة العيد، ويتبادلون الزيارات مرتدين «البلغة»، وهي الزى التقليدي المغربي.

 

وحسب تقاليد المغاربة لا يلمسون لحم الخروف في اليوم الأول للعيد، يأكلون الشواء مع الشاي الأخضر والبصل، وفي اليوم الثاني يشوون الرأس، وفي الثالث يعدون «المروزية»، «الذيالة» برقبة الخروف أو القديد الذي يصنعون منه.

 

ويشرب المغربيون  القطرات الأولى من دماء الأضحية، لإيمانهم بقدرة ذلك على منع الحسد، وترش المغربيات الملح على دماء الأضحية أثناء عملية الذبح، لإبعاد الشر والجن والشياطين عن المنزل فتحل عليه البركة، وتفضّل أخريات وضع الملح في فم الخروف صباح يوم العيد لنفس السبب.

الجزائر

تعتبر الأضحية من ضروريات عيد الأضحى عند الجزائريين، ومع ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام لدرجة يصعب فيها على الموظف أو العامل اقتناء أضحية، يكون الجزائري بين خيارين، التضحية براتبه الشهري وشراء أضحية إما الاقتراض والدين.

 

ومن بين العادات المميزة لدى الشعب الجزائري طلاء الكباش بالحنة التقليدية ليلة العيد، وفي يوم العيد يلتف الجيران ويقومون بذبح أضاحيهم في ساحة كبيرة المساحة؛ ليشرعوا بعدها في التضحية الجماعية وتناول طعام الغداء في مجالس.

 

وبالنسبة لأبرز المأكولات التي تميز الشعب الجزائري في عيد الأضحى المبارك والتي تشتهر بها المطابخ الجزائرية، “العصبان” هذه الأكلة يتم إعدادها من بطن الخروف بعد غسله بالماء وتنظيفه جيداً، ويتم حشوه بالكبد والقلب وقطع من اللحم المقطع أحجام صغيرة وبعض الحمص المسلوق، بالإضافة إلى التوابل.

 

ومن الأطعمة هناك أيضاً الملفوف والذي هو عبارة عن كبد ملفوف في قطع من الشحم يشوى على الجمر ويقدم مع الشاي الأخضر، وهناك أيضاً لحم رأس الخروف أو ما يسمى محلياً “البوزلوف” وهناك البكبوكة والكمونية التي تتفنن ربات البيوت في تحضيرها أيام العيد.

تونس

عيد الأضحى في تونس له خصوصية خاصة لدى الأطفال الذين يسارعون ويبتهجون بتلوين صوف الخروف بشرائط ملونة.

 

كما يربطون معه علاقة من الزينه في رقبته، وبعد العيد يتجمع الأطفال حول” كانون” صغير يعدون طعامهم على قدر خزفي أو باستعمال الأواني الصغيرة ويسمى فطورهم “الزقديدة”، وهي من العادات القائمة إلى حد الآن في تونس.

 

ويكون الاحتفال عن طريق تبادل التهاني بين الأهالي ثم يتوجهون إلى المساجد مرتدين اللباس التقليدي “الجبة”، ومن بعد كل عائلة تقوم بذبح أضحيتها ليتم أعداد أشهى الوجبات، تنشغل الأم وبناتها بالتقطيع وتقسيم اللحم، ويتحمل الشباب مسؤولية التوزيع والشوي، والوجبة الرئيسية لعيد الأضحى في تونس هي اللحم.

 

من الاعتقادات المرتبطة بالأضحية عند التونسيين أنه إذا كانت مرارته ملآنة، يعني ذلك أن هذا العام سيكون عام “خير ورخاء” لصاحبه، أما إذا كانت ناقصة فهي تدل على صعوبات سيتعرض له، كما يقع تعليق المرارة على غصن شجرة أو على حبل غسيل.

 

ومن العادات التي يتبعها التونسيون تجفيف اللحم تحت أشعة الشمس، وهو ما يسمى بـ “القديد” فضلاً عن أكلات أخرى مثل القلاية والملثوث برأس الغنم والملوخية وغيرها.

ليبيا

يُعرف عيد الأضحى في دولة ليبيا بعيد الفدوى أو يوم التضحية، وأبناء الشعب الليبي يتميزون بتقاليد مختلفة قد تكون غير معتادة لدى شعوب الدول الأخرى، ومن تلك المظاهر هو تكحيل عين الخروف، إذ يسود الاعتقاد بين بعض الليبيين بأن كبش الأضحية سوف يمتطيه الشخص المسمى عليه “الذي سيطلق اسمه على الأضحية” إلى الجنة يوم القيامة، فهو هدية إلى الله، لذلك ينبغي أن يكون صحيحًا قويًا لاعيب فيه إطلاقًا.

 

وتقوم السيدات في ليلة العيد عادة بتكحيل عين الخروف، وإشعال المبخرة ويدرن في أطراف البيت مسرورات بقدوم العيد.

 

 

من أشهر مأكولات العيد في ليبيا “غروم يمضرز” المعروف عند أهل مناطق “نفوسة وطرابلس”، ولكنه في الدول العربية الأخرى معروف بمسمى “خبز العيد”، وهي عادة قديمة في ليبيا ما زال الليبيون من أصول أمازيغيّة يحرصون عليها إلى الوقت الحالي، وهو عبارة عن رقائق من فطائر تُحضّر من دقيق القمح.

 

أما اليوم فتُحضرها النساء الليبيات من خلال دقيق الذرة “الطحين” مع إضافة الماء والملح إليه، ويتم عجن الخليط وتقسيمه إلى كرات متوسطة الحجم تُفرد على شكل رقائق دائريّة ثمّ تُطهى في الفرن التقليدي، وبعدها تُخرج من الفرن، وتُفتت وهي ساخنة إلى قطع صغيرة، وتُخلط بالسكر وزيت الزيتون، ثم تُقدم في أواني من الفخار.