رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

ألمانيا والمساعدات الأوكرانية.. رحلة من رفض المساعدات إلى النضوب

نشر
الأمصار

منذ بداية اشتعال فتيل الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي لم يتوان أعضاء حلف الناتو عن تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا في سبيل تعزيز قوة أوكرانيا أمام الجيش الروسي في العمليات العسكرية التي تشنها روسيا عليها وذلك بإرسال الأسلحة والمساعدات. 

وعلى الرغم من أن الناتو كمنظمة لم يرسل شيئا إلا أن بعض الأعضاء الثلاثين للمنظمة من بينهم أمريكا والتشيك وبلجيكا واستونيا وفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة أرسلوا الأسلحة؛ ولكن لم يكن من بينهم ألمانيا التي استبعدت إرسال أي أسلحة إلى أوكرانيا في بداية الحرب. 

ثم أعلنت لاحقا عن إرسال ٥٠٠٠ آلاف خوذة ومستشفى ميداني لأوكرانيا وهو ما لاقى السخرية من عمدة كييف قائلا "ماذا سيرسلون بعد ذلك، الوسائد؟ ".

المستشار الألماني اولاف شولتز

ولكن تغير موقف ألمانيا لاحقا وأعلنت الموافقة على إرسال ٤٠٠ صاروخ آر بي جيه إلى أوكرانيا بالإضافة إلى ٥٠٠ صاروخ ستينغر و ١٠٠٠ سلاح مضاد للدبابات من إمداداتها الخاصة.

ولكن استمر تحفظ المستشار الألماني أولاف شولتز على إمداد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة ومتطورة كدبابات ليوبارد ألمانية الصنع وتركيزه على الدعم المالي والإنساني عوضًا عن ذلك، وإنه سيرسل بدلا منها دبابات قديمة يستطيع الأوكرانيون تشغيلها والتعامل معها.

توالي المساعدات.. والتحفظ على إرسال الدبابات


ومنذ ذلك الحين توالى تقديم المساعدات من ألمانيا لأوكرانيا خلال الأشهر الماضية مع التحفظ على إرسال الدبابات ليوبارد -٢ ألمانية الصنع، حتى لاحظ بعض الخبراء تغير في العقيدة السياسية الألمانية .


حيث أعلنت ألمانيا الأسبوع الماضي استعدادها لإرسال دبابات ليوبارد -2 إلى الجيش الأوكراني كخطوة من خطوات الدعم الغربي لأوكرانيا، حتى الآن غير معلوم عدد الدبابات التي سترسلها برلين؛ ولكن جاء في تقرير نشرته «شبيجل أونلاين» أن برلين سترسل على الأقل 14 دبابة من طراز Leopard 2A6s كدفعة أولى من مخزون الجيش الألماني، كما ستعطي برلين الضوء الأخضر لطلب وارسو بإرسال بعض أسلحتها المصدرة لبولندا إلى أوكرانيا. 


ولابد هنا من الاشارة إلى أن قرار إرسال الدبابات يمثل تحولًا مهمًا في سياسة ألمانيا، فلطالما تردد المستشار الألماني أولاف شولتز في تزويد أوكرانيا بالدروع الثقيلة، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى زيادة خطر المواجهة المباشرة بين روسيا وحلف الناتو.

نضوب القوات المسلحة الألمانية


ولكن يبدو أن إمداد أوكرانيا المستمر بالأسلحة لتعزيز قوتها وموقفها في الحرب أمام الجيش الروسي انعكس بالسلب على الجيش الألماني حيث كشفت صحيفة الايكونوميست أن القوات المسلحة الألمانية تعاني حالة من النضوب أكثر من اي وقت مضى بسبب المساعدات العسكرية التي تقدمها لاوكرانيا. 
حيث يبلغ عمر المعدات اللاسلكية المستخدمة من قبل القوات الألمانية 40 عاما وهي تناظرية، ويسهل اعتراضها، ومن بين 350 مركبة قتال مشاة من طراز بوما، هناك 150 فقط عاملة.

وبحسب تقرير أصدره إيبرهارد زورن، المفتش العام للقوات المسلحة، في ديسمبر، فإن الجيش الألماني لا يملك حتى ما يكفي من الإسعافات الأولية. 


وبعد ثلاثة أيام من بدء الحرب الأوكرانية، قال المستشار الألماني أولاف شولتز، إن ألمانيا مصممة على امتلاك جيش قوي ومتطور.  وأعلن عن "نقطة تحول" تضمنت إنشاء صندوق إضافي بقيمة 100 مليار يورو ( 107 مليار دولار) للقوات المسلحة، أي ضعف ميزانية الدفاع السنوية. 

وبحسب الصحيفة، يشعر الجنود الألمان بالإحباط، فلم يشهد سلاح الجو الألماني حتى الآن سوى القليل من الاستثمارات الضخمة الموعودة.

 

طلبت ألمانيا 35 طائرة مقاتلة من طراز F-35 مصنوعة في أميركا لتحل محل أسطولها من طائرات تورنادو، ولكن لن يتم تسليمها إلا في عام 2027. وقبل أيام، أعلنت شركة "راينميتال" الدفاعية الألمانية إنها "قد" تسلم أوكرانيا ما يصل إلى 139 دبابة قتالية من طراز "ليوبارد" "إذا لزم الأمر". 

وأكد المستشار الألماني أولاف شولتز و الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في بيان مشترك أعقب اجتماعا لمسؤولين حكوميين كبار في باريس، الأحد، إن مساعدة أوكرانيا في أثناء حربها مع روسيا ستتركز على قطاعات بعينها بما فيها العسكري والاقتصادي.

نفاذ المخزون

وفي السياق نفسه أشار الخبير الألماني أوليفر مودي، في ديسمبر الماضي، عبر "راديو تايمز" الألماني إلى نفاد مخزونات الجيش الألماني من الذخائر بعد ضخها لقوات كييف في أوكرانيا، وأن برلين بحاجة لـ20 مليار يورو لتعويض هذا الفاقد.

ولفت مودي إلى أن النزاع في أوكرانيا استنفد المستودعات في جميع أنحاء أوروبا، "لكن حجم المشكلة في ألمانيا سيكون أشد وقعا بسبب سياسة خفض تمويل الجيش الألماني المزمنة التي سبقت أزمة أوكرانيا".


وأضاف أنه سيتعيّن على برلين إنفاق ما لا يقل عن 20 مليار يورو لتعويض الفاقد في ترسانتها بما يلبي الحد الأدنى من متطلبات الجيش.