رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

إيران تواجه اكبر ازمة جفاف منذ ٥٠ عام

نشر
الأمصار

مع قدوم الصيف وارتفاع درجة الحرارة وارتفاع استهلاك المياه، وانخفاض منسوب الأمطار وتراجع رصيد المياه الجوفية في العام الأكثر جفافا منذ 50 سنة،  شهدت إيران أزمة نقص مياه تهدد أوصال البلاد.

فخلال الأسابيع الماضية، شهدت مدن إيرانية في الأحواز وكرمنشاه وسيستان وبلوشتان وأصفهان وأردبيل، احتجاجات واسعة من قبل المزارعين مع نقص المياه، الأمر الذي يهدد الأراضي الزراعية بالبوار.

 

معالجة الأزمة

وكان قد تحوّل الوضع المائي في إيران منذ عام 2018 إلى أزمة سياسية مع تصاعد الاحتجاجات، ضد إدارة المياه وتوزيعها، وبدأت الحكومة الإيرانية في الآونة الأخيرة بمعالجة قضية المياه باعتبارها تهديداً مباشراً

وأصدرت السلطات الإيرانية قرارا، يمنع زراعة محاصيل تستهلك الكثير من المياه كمحصول الأرز، في عدة مناطق منها الأحواز.

وحذر وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان، من أن بلاده ستواجه الصيف الجاري أكثر فصول الصيف جفافا في العقود الخمسة الماضية، أي لم تشهد مثله البلاد منذ اندلاع ثورة 1979.

كما انتقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الحكومة بشدة لعدم إيجاد حلول لقضايا الزراعة والمياه الصالحة للشرب وعلى هذا الأساس، عقد المجلس الأعلى للمياه العديد من الاجتماعات لمعالجة القضية من الناحية الفنية. فقد كانت لجنة الأمن القومي التابعة للبرلمان الإيراني قد أنشأت بالفعل لجنة “الأمن المائي” لدراسة الوضع المائي الذي يُنذر بالخطر .

 

احتجاجات وتظاهرات

وأرسلت الحكومة الإيرانية الجمعة الماضية، فريق عمل يضم مسؤولين كباراً إلى الأهواز، الإقليم الغني بالنفط في جنوب غرب البلاد لمعالجة الأزمة وعهدت إليهم “المعالجة الفورية” لمشكلة شح المياه التي أثارت سخط المواطنين في هذه المنطقة.

وكانت قد خرجت خلال الأيام الماضية تظاهرات غاضبة في إقليم الأحواز، ذي الأغلبية العربية جنوب غربي إيران، احتجاجا على تحويل السلطات لمجرى نهر كارون بعيدا عن مناطقهم، مما ينذر بالعطش وتداعيات خطيرة أخرى.

ويمر بمحافظة خوزستان نهر كارون، الذي كان يغذي المنطقة بشكل جيد في الماضي، إلا أن سلطات طهران عملت على تجفيفه ونقل جزء من مساره إلى مناطق أخرى في البلاد، مما ترك السكان العرب يواجهون أزمة مياه.

وتفاقمت مشكلة المياه في الآونة الأخيرة، مع تحويل النظام لمياه النهر بشكل أكبر نحو مناطق أصفهان وزايندهرود، شمال شرق الإقليم العربي.

 

آلاف القرى بدون ماء

وهناك 5000 قرية في إيران بدون موارد مائية، و7000 قرية يتم إمدادها بالمياه بواسطة الصهاريج، وذلك وفقا لتصريحات عضو جمعية المخاطر البيئية والتنمية المستدامة، حميد رضا محبوب فر، لوكالة “ميزان”.

وفي الأحواز جنوب إيران، هناك أكثر من 700 قرية تفتقر إلى مياه الشرب، واعترف نائب محافظ الأحواز فاضل عبيات، بأن أقل من 70 في المئة من القرى تتمتع بأمان مياه الشرب.

وفي محافظة كرمانشاه، يتعرض أكثر من 400 ألف شخص من سكان الحضر والريف بالمقاطعة، لضغوط المياه هذا العام، وفقا لوكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية.

وفي إقليم سيستان وبلوشستان، شرق إيران، تعاني أكثر من 3000 قرية من مشاكل الحصول على مياه الشرب، كما أن 76 قرية ما زالت تزود بالمياه بواسطة الصهاريج.

وفي محافظة يزد هناك 650 قرية تعاني نقص المياه، وفي هرمزجان جنوب شرق إيران، هناك 385 قرية تواجه نقصا في المياه، وفقا لوكالة “مهر” شبه الرسمية.

ويهدد خطر الجفاف ونقص هطول الأمطار ما لا يقل عن 27 مقاطعة في إيران، وتُظهر الإحصاءات الحكومية أنه تم إخلاء 30 ألف قرية على الأقل، وفقا لـ”راديو زمانه”.

وبحسب التقارير الرسمية، فإن أن نحو 4 ملايين من سكان الريف ما زالوا محرومين من المياه الصحية والمستدامة.

 

أسباب أزمة المياه

ويرجع خبراء “أزمة المياه” في إيران إلي مشكلة أساسية وهي تغير المناخ، حيث انخفض الهطول المطري في إيران عن المتوسط السابق في العقد الماضي. 

وبلغ متوسط هطول الأمطار في إيران 18,72 ملم من عام 1901 حتى عام 2015، كما انخفض أكثر فأكثر مع مرور الوقت: وصل إلى 16,97 ملم في نوفمبر 2015.

ومع استمرار انخفاض الهطول المطري في إيران خلال السنوات السبع الماضية. ونتيجة لذلك، أصبح الجفاف أكثر شيوعاً في إيران. 

وبالإضافة إلى ذلك، يؤثر تغير المناخ سلباً على الممارسات الزراعية لإيران في ظل تغير أنماط الهطول المطري وتغير درجة الحرارة والتسميد بغاز ثاني أكسيد الكربون.

كما يعتبر الخبراء أن النمو السكاني واستهلاك المياه يعتبران جزء من الأزمة. 

ففي الشهر الماضي، صرح الرئيس التنفيذي لشركة طهران للمياه والصرف الصحي، حميد رضا جانباز، بأن 20 في المئة من سكان العاصمة يستهلكون مياها أكثر من المعتاد، وأن هذا الاتجاه سيؤدي إلى تقنين المياه.

كما أدت سياسة السلطات الإيرانية بمجال بناء السدود واستغلال موارد المياه الجوفية بمضخات عالية الطاقة، والذي ووصل إلى ذروته في العقود الثلاثة الماضية، إلى استنزاف موارد المياه في البلاد، أو ما يسميه المراقبون سوء إدارة الموارد المائية.

ويذكر أن إيران تحتل المرتبة 131 في العالم من حيث إدارة الموارد المائية، وفقا للإحصاءات العالمية، وهو ما يكشف أن جزء من أزمة المياه في البلاد تأتي من قبل الحكومة الإيرانية.

 

حرب مياه

وحذر العديد من المسئولين من اندلاع “توترات اجتماعية” في إيران، بسبب أزمة المياه.

ومن جانبة حذر رئيس منظمة البيئة الإيرانية عيسى كلانتري،  في مؤتمر علمي حول السياسة البيئية في إيران من تأثير أزمة المياه على الاستقرار الاجتماعي في البلاد قائلا: “وصلت إيران لمرحلة الشح المائي، وهو ما ينذر بحرب المياه بين المدن والقرى الإيرانية”، مشيرا بشكل خاص إلى محافظات الأحواز وأصفهان، ويزد، ولورستان، ومحال وبختياري.

وبالمثل، حذر رئيس اللجنة الاجتماعية في مجلس البرلمان الإيراني عبد الرضا عزيزي، في تصريحات صحفية من تأثير الجفاف على الهجرة من الريف إلى الحضر، وزيادة البطالة والتهميش المتزايد، والجريمة والإدمان، والفقر والتخلف.