رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الإمارات وكوريا الجنوبية.. 43 عامًا من التنمية والإنجازات والشراكة

نشر
الأمصار

شهدت العلاقة بين دولتي الإمارات وكوريا الجنوبية تطورًا على مدار 43 عاماً في مختلف المجالات الحيوية، وما زالت التطلعات تأخذ البلدين إلى المزيد من التوسع في الشراكات خلال المرحلة المقبلة.

وتُعتبر دولة الإمارات الشريك التجاري الأول عربياً لكوريا الجنوبية، حيث تستحوذ على نحو 27% من إجمالي تجارة كوريا الجنوبية مع الدول العربية، وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2020 نحو 4.9 مليار درهم.

ومنذ عام 2018، يُعتبر سوق دولة الإمارات الوجهة الأكبر عالمياً لشركات البناء الكورية الجنوبية، وبلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دولة الإمارات من كوريا الجنوبية نحو 2 مليار درهم بنهاية عام 2019، بينما بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى كوريا الجنوبية من دولة الإمارات نحو 200 مليون درهم كاستثمار مباشر لنهاية عام 2020.

ويُقيم في الإمارات أكثر من 13 ألف كوري جنوبي، ولديهم استثمارات في أكثر من 1000 شركة في مختلف المجالات والقطاعات، وتستقبل الإمارات أكثر من 200 ألف زائر كوري جنوبي بشكل سنوي، وتستثمر في الإمارات أكثر من 40 شركة كورية جنوبية في مجالات متعددة منها التمويل، والتأمين، والتجارة، والإنشاءات.

وقبل عامين، أحيت دولة الإمارات العربية المتحدة ذكرى مرور 40 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع كوريا الجنوبية، والتي تعود لعام 1980؛ حيث تم تدشين سفارة لتلك الجمهورية الآسيوية في أبوظبي

وزار رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، الإمارات وتعد هذه الزيارة للرئيس الكوري الجنوبي لأبو ظبي، الأولى على المستوى الرئاسي، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1980.

والزيارة تعكس بدورها الحيوية الكبيرة التي تتميز بها العلاقات الثنائية، وما تشهده من نمو وتطور مستمرين بفضل إرادة التعاون المشتركة التي عكستها تصريحات المسؤولين من الجانبين.

13 مذكرة تفاهم

وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة، وكوريا الجنوبية، 13 مذكرة تفاهم في مختلف المجالات الاستراتيجية.

وتم اليوم في أبو ظبي، التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم الهادفة لتعزيز أسس التعاون المشترك بين كوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة، تحت إشراف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس يون سوك يول.

وشملت المذكرات، مذكرة تفاهم للشراكة الاستثمارية الإستراتيجية بين بنك الصناعة الكوري، وصندوق المبادلة الوطني الإماراتي، ومذكرة تفاهم في مجال التعاون المالي بين بنك التصدير والاستيراد الكوري، ومؤسسة أبو ظبي للطاقة.

 

كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم لمشروع التخزين الكوري الإماراتي، الهادف لتوريد النفط إلى كوريا الجنوبية بصورة مستقرة.

 

وفي مجال الطاقة النووية، تم التوقيع على اتفاقية إدارية خاصة بالطاقة النووية الكورية -الإماراتية، في المجالات السلمية.

 

كما جرى التوقيع على مذكرات للتعاون في مجالات: الصناعة والدفاع الاستراتيجي، والشراكة في سوق الكربون، والتعاون في إنتاج طائرات مدنية، ومذكرة تعاون في شؤون الفضاء، والتعاون بين الشركات المتوسطة والصغيرة، والقطاع الابتكاري، والثروات البحرية.

كما قررت دولة الإمارات العربية المتحدة، إقامة مشروع استثماري في كوريا الجنوبية بقيمة 30 مليار دولار

جاء ذلك خلال زيارة رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، لدولة الإمارات العربية المتحدة.

 

زيارات مستمرة

قفزات هائلة في العلاقات الثنائية ترجمتها على الأرض الزيارات المتبادلة المتعددة التي تمت على مستوى القادة والمسؤولين رفيعي المستوى بين دولة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية.

وقد لعبت تلك الزيارات دوراً مهماً في توطيد وتقوية العلاقات الثنائية، ولعل أبرزها تلك التي تمت على مستوى القادة، خاصة زيارة الشيخ محـمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة  -ولي عهد أبوظبي وقتها- في يونيو/حزيران 2006، ثم مايو/أيار 2010، ومارس/آذار 2012، وفبراير/شباط 2014، وفبراير/شباط 2019.

وفي المقابل، بدا الحرص الكوري الجنوبي على أعلى مستوى لتعميق العلاقات مع الإمارات، وقد تمثل ذلك في زيارة الرئيس الأسبق روه مو هيون إلى الدولة في مايو/أيار 2006.

ثم توالت زيارات الرئيس الكوري الجنوبي الأسبق لي ميونغ باك إلى دولة الإمارات، في ديسمبر/كانون الأول 2009، ومارس/آذار 2011، وفبراير/شباط 2012، ونوفمبر/تشرين الثاني 2012، وكذلك زيارات الرئيسة الكورية السابقة بارك كون هيه في مايو/أيار 2014، ومارس/آذار 2015، والرئيس السابق مون جيه إن في مارس/آذار 2018، ويناير/كانون الثاني 2022.

كبار المسؤولين

وعلى مستوى الوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى، تمت العديد من الزيارات وآخرها الزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي إلى سول في يوليو/تموز 2020.

تعزيز متبادل للعلاقات الإماراتية الكورية الجنوبية سجلته قنوات الحوار والاجتماعات رفيعة المستوى بين الجانبين، ومنها الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية، واجتماع (2+2) بين وزارتي الخارجية والدفاع.

وفتح البلدان مزيدا من العلاقات عبر المشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي، واجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، وكذلك من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف المجالات.

ولا يخفى ارتباط دولة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية بشراكة شملت مشروعات الطاقة النووية والاقتصاد والرعاية الصحية والثقافة والتعليم والإدارة الحكومية والفضاء والطاقة.

وترتكز العلاقات بين البلدين على دعم القيادتين في كلا البلدين، وحرصهما على توثيق أواصر التعاون المشترك في المجالات كافة.

وعزز البلدان شراكتهما بالعديد من الزيارات واللقاءات الرسمية المتبادلة بين كبار القادة والمسؤولين، غير أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لكوريا الجنوبية في فبراير/شباط 2019 -ولي عهد أبوظبي حينها- تعد هي إحدى أبرز محطات الشراكة بين البلدين؛ إذ شهدت توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون بين الدولتين.

وتسهم اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في رفع وتيرة التعاون والتنسيق بينهما إلى أعلى المستويات، كون البلدين يتمتعان بمقومات اقتصادية جاذبة يمكن تطويرها من خلال تقريب وجهات النظر بينهما وعبر تحديد القطاعات الحيوية التي يمكن التعاون فيها.

وثقافيا، يمتلك البلدان رؤية ثقافية مشتركة تحث على الاحتفاء بمختلف ثقافات العالم ونشر السلام والتبادل المعرفي، وفي ظل هذا التفاهم المشترك، جاء إطلاق مبادرة الحوار الثقافي الإماراتي الكوري الجنوبي لعام 2020 وتم تمديده لعام 2021 بسبب جائحة كورونا، وهو يعتبر مثالاً يُحتذى به لتأسيس علاقات دولية بناء على الاحترام والتسامح والاهتمام بالتعرف على الآخر.

وكانت الإمارات قد استضافت في عام 2016 أول مهرجان كوري جنوبي من نوعه، للاحتفاء بالإرث الثقافي الكوري وتقديمه للمجتمع الإماراتي من خلال الفنون وعروض الأداء وفن الطهي، وغيرها من العناصر التي تبرز جوانب الثقافة الكورية الجنوبية، وفي ذات العام تم افتتاح المركز الثقافي الكوري الجنوبي في أبوظبي.