رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد انتهاء القمة العربية الصينية.. محطات اقتصادية هامة في طريق دول الخليج

نشر
الأمصار

استطاعت "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية" أن تجذب أنظار الشعوب العربية والعالمية، خاصة بعدما 
دشنت  عهدا جديدا للعلاقات بين الدول العربية والخليجية والصين في ظل التحديات الراهنة التي تعيشها المنطقة حيث تعد القمة الأولى من نوعها  بين الصين والدول العربية.

جانب من القمة العربية الصينية

واستطاعت القمة العربية الصينية أن تخرج بالعديد من  المخرجات التي  تدعم وتؤكد على التعاون العربي المشترك، في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية كل منها على حد.


وذلك خلال فترة انعقادها بالسعودية من 7 - 9 ديسمبر الجاري، بحضور قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، ومشاركة واسعة من جامعة الدول العربية، والصين، والرؤساء والأمناء العاميين لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.

 

وجاء ذلك في إطار الاهتمام العربي بالعلاقات مع الصين التي تشهد تطورًا لافتًا وهادفًا إلى تحقيق مستويات عليا من التعاون والتنمية والمصالح المشتركة، وترسيخ دعائم الأمن، والسِلّم، والرفاه، والنماء للشعبين العربي والصيني.


وعلى رأس المخرجات التي استطاعت القمة تدشينها تأكيدًا منها على  تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، بوصفها نموذجاً لعلاقات الصداقة والتعاون الودي.


تطور العلاقات الصينية العربية

تطورت العلاقات الصينية العربية بشكل متسارع خلال القرن الحادي والعشرين، فبعد أن كانت هذه العلاقات متمركزة حول الجوانب السياسية ودعم حركات التحرر، أصبح التعاون الاقتصادي عنوانا للصداقة بين الطرفين.

وتحولت الصين إلى أكبر شريك تجاري للدول العربية مجتمعة، والمستثمر الأول فيها، وشكلت مبادرة الحزام والطريق الصينية، أساسا لتعزيز هذا التعاون والارتقاء به إلى مستويات أكثر تطورا.


ولم تكن العلاقات الاقتصادية قائمة فقط بعد انعقاد القمة العربية الصينية بل كونت الصين علاقات راسخة على الصعيد الاقتصادي خلال الأعوام السابقة؛  حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية، عزز من تحقق هذا الأمر تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني.

في خلال السنوات الماضية،  تقدم الصين الدعم لدول المنطقة؛ لاستكشاف ما يتناسب مع خصوصيتها التنموية، وضمان المنفعة المتبادلة، وهو ما دفع الجانبين العربي والصيني إلى تعزيز وتيرة عملهما الاقتصادي المشترك في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتجارة والاستثمار.

ففي عام 2003، بلغ حجم التجارة 25.4 مليار دولار أمريكي فقط، وفي عام 2017 ارتفعت التجارة بين الطرفين إلى 192 مليار دولار أمريكي، وصولًا إلى عام 2021، والذي بلغ حجم التبادل التجاري فيه نحو 330 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 37% عما كان عليه عام 2020. واستوردت الصين 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وهو ما يمثل نصف واردات الصين من النفط الخام.

المبادلات التجارية الصينية مع الدول العربية

 

ووفقا للأحصائيات، وصلت المبادلات التجارية الصينية مع 22 دولة عربية إلى 36.7 مليار دولار في 2004، لترتفع في 2012 إلى 200 مليار دولار، ثم تقفز في 2021 إلى 330 مليار دولار.

وتتصدر بذلك الصين قائمة أكبر شركاء الوطن العربي في المبادلات التجارية، وتوجد من بين أكبر ثلاثة شركاء تجاريين لكل دولة عربية على حدة.

ووفق المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو"، فإن الاستثمارات الصينية بالدول العربية بلغت 213.9 مليار دولار في الفترة بين 2005 و2021، وهي بذلك أكبر مستثمر أجنبي في العالم العربي.


أبرز الاستثمارات الصينية في السعودية

واستحوذت السعودية على 21 بالمئة من الاستثمارات الصينية في الوطن العربي، وفق اتحاد المصارف العربية، ثم الإمارات بنحو 17 بالمئة، وجاء العراق ثالثا بحوالي 14 بالمئة، وبعده مصر والجزائر بـ12 بالمئة لكل منهما، أو ما يعادل نحو 26 مليار دولار في الفترة بين 2005 و2021.

وتنافس السعودية روسيا على صدارة مصدري النفط إلى الصين، كما تحولت قطر إلى إحدى أكبر موردي الغاز المسال إلى الصين بفضل عقود طويلة الأجل تم توقيعها مؤخرا، بعد أول شحنة في 2009.

وتستعد السعودية والصين لإطلاق مشروع شركة سابك فوجيان للبتروكيماويات المحدودة، وهو مشروع بقيمة 22.5 مليار ريال، تبلغ حصة سابك فيه 51%.

وتعد شركة "سينوبك سنشري برايت كابيتال للاستثمار" العاملة في قطاع التصنيع، والبنك الصناعي الصيني من أكبر المستثمرين الصينيين في السعودية


وعلى هامش القمة السعودية الصينية، وقعت السعودية والصين أكثر من 20 اتفاقية أولية بقيمة تتجاوز 110 مليار ريال (ما يعادل 29.3 مليار دولار)، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وعلى هامش القمة الثنائية وقع البلدان أيضا وثيقة الشراكة الاستراتيجية، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق.

مبادرة الحزام والطريق

وتستثمر الصين في مبادرة الحزام والطريق مئات مليارات الدولارات في إنشاء موانئ وطرق سريعة وسكك حديدية لتسهيل التجارة مع بلدان العالم وعلى رأسها الدول العربية.

 

وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، شاركت الدول العربية والجامعة العربية بنشاط في الدورة الأولى لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي المنعقدة في بكين في مايو عام 2017، أعقب هذا اعتماد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية قرارًا يعبر عن الإرادة السياسية الجماعية للدول العربية للمشاركة في المبادرة. وبحلول شهر يوليو 2018، صدر الإعلان التنفيذي الصيني العربي الخاص ببناء الحزام والطريق.

 

ومنذ ذلك الحين، حقق التعاون الصيني العربي نتائج مثمرة، وتقدّم التعاون متبادل المنفعة بشكل مطرد، وتضمن المبادرة مزيدًا من التعاون الصيني مع نحو 17 دولة عربية وهي: الجزائر، والبحرين، ومصر، والعراق، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وسلطنة عمان، وقطر، والسعودية، والصومال، والسودان، وسوريا، وتونس، والإمارات، واليمن.


كما وقفت الصين إلى جانب الدول العربية في معركتها ضد جائحة كورونا، وذكرت أنه حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قدمت بكين للدول العربية أكثر من 340 مليون جرعة من اللقاحات المضادة للفيروس.