رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

التحالف الدولي باق في شمال وشرق سوريا..ومواقف دوله تظهر في وقت متأخر جداً

المتحدث باسم وحدات حماية الشعب السوري لـ"الأمصار": حروبنا السابقة اضطرتنا لإعادة تنظيم قواتنا

نشر
الأمصار

لم يتوقف الهجوم الجوي التركي على مناطق شمال وشرق سوريا وعلى قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، مما يفتح باب التساؤلات كيف ستواجه تلك القوات الهجوم التركي الأخير، ولذلك قامت “الأمصار” بإجراء حوار مع الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب "نوري محمود"، حول الهجوم التركي وتداعياته وإمكانية الرد عليه وإلى نص الحوار:

1 – كيف ترى قوات سوريا الديمقراطية القصف التركي لشمال سوريا، وهل هو مقدمة لغزو جديد، وما هي أهدافه؟

– تتعرَّض مناطق شمال وشرق سوريا  لهجوم ولا يتناسب مع المواثيق الدولية، والمعايير الأخلاقية لمجتمعاتنا. ويتم هذا الهجوم من طرف جيش فاشل وقع تحت سيطرة الحزب القومي التركي، وحزب العدالة والتنمية ورئيسهم الفاشي والمتطرف أردوغان، الذي استولى على جميع إمكانات ومؤسسات الدولة التركية التي له موقع جغرافي مهم في الشرق الأوسط وبين أوروبا وآسيا بأكملها.

يمتلك أردوغان أسلحة وتكنولوجيا عسكرية متطورة، واستغل الموقع الإستراتيجي لتركيا في العالم، ليدعم تنظيمات إرهابية مثل الإخوان المسلمين وداعش والنصرة (القاعدة)، وجميعها تتمركز في الأراضي التركية تحت اسم اللجوء.

 ولقد استغلهم أردوغان في تهديد أوروبا، حيث فتح الطريق للمتطرفين للنزوح إلى أوروبا تحت مسمى اللجوء، وأسس تنظيمات إرهابية في سوريا ودول الشرق الأوسط ليهدد جميع الدول، بطرق مباشرة وغير مباشرة، لتنفيذ أحلامه في إعادة أمجاد السلطنة والخارطة العثمانية وفرضها على المنطقة والعالم. والأن يعاني من ازمة اقتصادية سياسية دبلوماسية عميقة بسبب فساد حكومة اردوغان ويتعرض لهبوط في نسبة المؤيدين لحزبه في تركية. ولأجل انقاذ نفسه ونظامه من المحاكمة على ما فعله في تركية من الفساء والاجرام خلال فترة حكمه يحتاج إلى الحرب على شمال شرق سوريا لخلق نصر مزيف يخدع به الشعب التركي للحصول على المزيد من المؤيدين لحزبه في الانتخابات ويبقى في الحكم واسكات كل المعارضين له ولحزبه باساليب أمنية ومخابراتية بيد من حديد.

لكن لم تنجح مؤامرات وخطط أردوغان؛ بسبب مواجهة شعوب شمال وشرق سوريا لـ"داعش" وتنظيم "الإخوان المسلمين". الآن ينظر أردوغان إلى المشروع الذي جمع بين جميع المكوّنات القومية والدينية والثقافية في شمال شرق سوريا العائق الوحيد أمام تحقيق أحلامه العثمانية البائسة. لذلك هدف أردوغان هو القضاء على هذا المشروع. أي أنه يهدف إلى غزو واحتلال هذه المنطقة للحصول على النسبة الكافية من المؤيدين في الانتخابات التركية وثم جمع كل تنظيمات الإرهابية والمتطرفة وتنظيمهم على شاكلة "الألوية الحميدية" المرتزقة والتمدد نحو الخارطة العثمانية المزعومة بعد إزالة هذا المشروع.

٢ – كيف ستواجه قوات سوريا الديمقراطية الهجوم الجديد؟

– كما يعلم شعبنا والعالم أجمع بأن قواتنا تم تشكيلها للدفاع عن أهداف الثورة وحماية كرامة وممتلكات الشعب من المجموعات الإرهابية والمتطرفة، وفيما بعد حاربت قواتنا الإرهاب العالمي "داعش" وانتصرت عليه، وحافظت على استمرارية الثورة السورية وشعبها، الذي سعى نحو سوريا حضارية ديمقراطية تحتضن جميع مكوناتها بالعدالة والمساواة. وكان جهدنا العسكري منصباً على مواجهة المجموعات الإرهابية و"داعش".

ولكن في عفرين وسري كاني وتل أبيض اختلف الأمر، وواجهنا غزو الجيش التركي المنظم، والذي يمتلك أسلحة وتكنولوجيا متطورة. تلك الحروب أجبرتنا أن نعيد النظر في تنظيم قواتنا وأدواتها وطريقة التموضع وكيفية التعامل مع الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية الحديثة، لمواجهة الغزو الأردوغاني، بدلاً عن التفكير في حلول سياسية داخل سوريا، بعد القضاء على الإرهاب العالمي "داعش".

الجانب الآخر، هو أن شعبنا في عفرين وسري كانيه وتل أبيض لم يرضَ بظلم وذل قوات الاحتلال التركي ومرتزقته من بقايا الإخوان المسلمين وداعش والنصرة (القاعدة)، وخرج من مدنه وقراه الذي يقطنوها منذ بداية التاريخ، برفقة قواتنا، ليس كنوع من الهروب؛ بل لدراسة ما جرى وإعادة تنظيم نفسه مجدداً لمواجهة الغزو والاحتلال التركي. فاتبع نهج وأسلوب "حرب الشعب الثورية"، ولايزال على ذاك النهج، وأثبت أنه الأسلوب الأنجع لتحقيق النصر منذ بداية التاريخ الى يومنا الراهن. والآن قواتنا تواجه الغزو الأردوغاني بأسلوبه الجديد وتعتمد فيها على قدراتها وقدرات الشعب الذي قام بالثورة من أحل حياة حرة كريمة ديمقراطية في بلدهم سوريا. وكانت النتيجة فشل الهجوم الجوي الأردوغاني فشلاً ذريعاً، بالرغم من أن الهجوم الجوي كان كبيراً جداً، حيث شنت أكثر من /70/ طائرة حربية ومسيرة هجماتها على مختلف مناطق شمال وشرق سوريا، الا أنه لم يتمكن من تحقيق نصر عسكري يطمح إليه، بل كل ما جناه كان استهداف المواطنين المدنيين والمدارس والمستشفيات ومحطات الوقود والكهرباء وممتلكات المدنيين من البنية التحتية لسوريا. لقد فشل جيش الاحتلال التركي في هجومه الجوي، بالمقابل ثبت لنا بأن تموضعنا العسكري الجديد ناجح وسيكون له عواقب أليمة للغزاة.

3 – ما هو موقف التحالف الدولي من الهجوم، وهل يوجد ضوء أخضر لتركيا لقصفها؟

– منذ عام 2014 نحن والتحالف الدولي نعمل معاً في مكافحة إرهاب "داعش"، وقد أثمر هذا التشارك نتائج وانتصارات كبيرة جداً، حيث تمكّنا من دحر تنظيم "داعش" جغرافياً، والآن كفاحنا مستمر معاً ضد خلاياه النائمة والذهنية المتطرفة والإرهابية.

وحتى الآن قوات التحالف الدولي، والتي معظمها هي أعضاء في حلف الناتو، تحافظ على وجودها في روج آفا وشمال وشرق سوريا، ورغم هذا الوجود، نجد أن تركيا تهاجم المنطقة عبر الطائرات الحربية والمسيرة والمدافع وكل أنواع الأسلحة الثقيلة في قتل أبناء شعبنا.

وللأسف الشديد، فإن مواقف دول التحالف حيال الهجمات والاعتداءات التركية على مناطقنا تظهر في وقت متأخر جداً. وعلى اعتبار أن التحالف الدولي يتابع عن كثب عملنا وكفاحنا ضد إرهاب "داعش" وهو شاهد على كل الهجمات التي تقع علينا من قبل تركيا، من المفترض أن يبادر إلى اتخاذ مواقف سريعة تلجم تركيا وتضع حداً لاعتداءاتها على مناطقنا.

4-كيف ترى مواقف الولايات المتحدة؟

لمسنا في الآونة الأخيرة مواقف مشجعة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وخاصة وزير الدفاع "لويد أوستن"، وكذلك صدرت بعض المواقف الإيجابية من قبل الأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، وبعض الدول الأخرى التي عارضت أي هجوم بري من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، جميعها كانت مواقف إيجابية، لكن هذا لا يكفي لردع الاحتلال التركي، لذلك؛ بدل المواقف والتصريحات بعد الوصول إلى حافة الهاوية يجب على المجتمع الدولي أن ينظر إلى مناطق شمال وشرق سوريا التي تشكل جغرافيا 32% من الأراضي السورية ويقطنها نحو 40% من المواطنين السوريين المتواجدين داخل البلاد بأنها قامت بالثورة وتمثل جزء مهم من سوريا، ويجب التعامل معها بما بتناسب مع القوانين والمواثيق الدولية؛ لتمهد الأرضية لبدء مكافحة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، وفرض الأمن والاستقرار في مناطق شمال وشرق سوريا، وهي ستساهم في تطوير حل سياسي للأزمة السورية أيضاً.