رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

لمواجهة نقص الأمطار.. تونس تستعين بصلاة الاستسقاء والتراث الشعبي

نشر
أطفال يحملون دمية
أطفال يحملون دمية "أمك طنقو"

تعيش تونس خريفا ساخنا دون هطول الأمطار حيث تسطع الشمس على مدار اليوم لتزيد من المخاوف بشأن الموارد المائية والموسم الزراعي.

وخلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، شهدت جميع المحافظات التونسية غيابا للأمطار لتعلن وزارة الزاعة أن 31% فقط هي نسبة الامتلاء للسدود وهو رقم لا يبعث رسائل اطمئنان.

هذه المخاوف جعلت التونسيين يطلبون الغيث النافع عن طريق إقامة صلاة الاستسقاء والاستنجاد بـ"أمك طنقو" التي مازالت راسخة في الخيال الشعبي منذ العهد الفينيقي.

وتقام اليوم الأحد بجميع مساجد تونس، صلاة الاستسقاء، وذلك نظرا لانحباس الغيث النّافع، وذلك وفق ما أعلنته وزارة الشؤون الدينية التونسية.

ودعت الوزارة عموم المستسقين إلى استمطار الرّحمات بالتضرع والابتهال إلى الله لطلب الغيث النافع ورفع القحط والجدب.

وعمليا تعيش تونس مستوى الفقر المائي، فوفق إحصاءات رسمية يبلغ استهلاك الفرد من المياه حوالي 400 متر مكعب بنحو 50% من المعدل المحدد من قبل منظمة الصحة العالمية.

وأكد المعهد الوطني التونسي للرصد الجوي (حكومي)، أنه وفق آخر التحديثات، من المنتظر أن يتواصل غياب الأمطار خلال العشرية الأخيرة لشهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وقد يتواصل هذا الانحباس حتى مع انطلاقة نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وأكد المرصد أن نقصا كبيرا للأمطار يتواصل نظرا لاستمرار تمركز مرتفع للضغط الجوي على أجزاء كبيرة من شمال أفريقيا بما في ذلك تونس مما يمنع وصول الكتل الهوائية الباردة والتقلبات.

"أمك طنقو" لطلب الأمطار

وخلافا لصلاة الاستسقاء، لجأ أطفال تونس إلى الاستنجاد بـ"أمك طنقو" لطلب الغيث النافع وكي تعجّل بنزول المطر بعد انقطاعه فترة طويلة.

و"أمّك طنقو" هي عبارة عن دمية يدويّة الصّنع، تقوم عجوز القرية أو المدينة بصنعها بحيث تربط قطعتي خشب بشكل متقاطع وتلبس ثيابا مزركشة يغلب عليها اللون الأخضر باعتباره يرمز للخصب وتوضع عليها قلادة.

أمّا وجهها فيكون على شكل كرة بيضاء من القماش محشوّة بالصوف بعد ذلك يعطى المجسّم للصّبايا ليقمن برحلة التّطواف بين الأزقّة.

وكانت النّساء بالحيّ يخرجن ويرششن الدمية بالماء، فإن لم ينزل الغيث يقمن بحرقها، لكن عند نزول المطر يغنّون:"أمك طنقو شهلولة (ظريفة) إن شالله تروّح مبلولة (تعود مبللة)"، "أمك طنقو يا الأولاد غسلت جبتها في الواد".

ترمز "أمك طنقو" تاريخياً إلى الإلهة الفينيقية "تانيت"، حامية مدينة قرطاج، وهي إله أُنثى مبجلة عند سكان شمال أفريقيا قديما، وتعتبر تانيت رمزاً للأمومة والخصب والنماء وازدهار الحياة، وكانت مصدراً للتقوى والمحبة بين القرطاجيين فكانوا يهبون لها القرابين الثمينة ويقسمون باسمها إذا أرادوا إثبات وفائهم وصدقهم.

 وهذه الإلهة، بحسب الاعتقاد الشعبي، كانت تحمل الأمطار النافعة، وتواصل الاعتقاد بها حتى اليوم، لكن مع تغيير الاسم من تانيت إلى طنقو، دخلت إلى التراث الشعبي التونسي بهذه الصورة.