رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

قمة الرئيسين المصري والفلسطيني.. إعادة عملية السلام وإعمار غزة الأهم في جدول الأعمال

نشر
الأمصار

مرت العلاقات المصرية - الفلسطينية بمراحل تراوحت بين التعاون وقيام الطرف المصري بأداء دور الوسيط مع الطرف الإسرائيلي ولقد كانت القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى منذ عام 1948 وكان واضحًا الأهتمام الكبير بالقضية من قبل القيادة المصرية وخاصة الرئيس الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حيث أعتبرها جزءاً من الأمن المصري، وليست مجرد قضية فلسطينية، لذا كان ينظر اليها وكأنها جزء من مصر، وعلى نفس النهج يستمر الرئيس عبد الفتاح السيسي معتبرًا أن فلسطين هي قضية الأمن القومي المصري، والآن تسعى القيادة المصرية وبشتى الطرق لضمان اقامة الدولة الفلسطينية.

قمة بين الرئيس المصري ونظيره الفلسطيني الثلاثاء

قال سفير دولة فلسطين بمصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، دياب اللوح، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيصل إلى القاهرة الاثنين للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسيعقد قمة مصرية فلسطينية تعقد بالقاهرة الثلاثاء.

وكشف اللوح، عن أن القمة التي سوف تجمع الرئيس المصري بنظيره الفلسطيني ستكون، الثلاثاء؛ تجسيدًا للتشاور والتعاون الدائم والمستمر تجاه القضايا المتعددة على المستويات العربية والإقليمية والدولية.

لقاء هام 

شدد اللوح، على أن اللقاء سيكون على مستوى كبير من الأهمية وذلك نظرًا لأهمية التوقيت السياسي الحرج التي تمر به فلسطين بالإضافة إلى ظروف ميدانية صعبة يواجهها الشعب الفلسطيني وخاصة القدس وأهلها وما يتعرضون له، وحول لقاءات أخرى للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته، أشار إلى أنه بعد عقد القمة سوف تتضح الرؤية والتحرك وفقاً لوقت الزيارة.

دور السيسي في حل القضية الفلسطينية

وقبل ذلك التقي الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس على هامش أعمال منتدى شباب العالم، حيث انطلق منتدى شباب العالم في مدينة شرم الشيخ المصرية بحضور عدد من القادة الدوليين.

وصرح المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس شدد من جانبه على ثبات الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية وتسويتها بشكل عادل وشامل وفق مرجعيات الشرعية الدولية، وكذلك حرص مصر على دعم التحرك الفلسطيني الدبلوماسي الحالي دوليًا وإقليميًا من أجل إيجاد مسار سياسي يتيح استئناف مفاوضات السلام.

ومن جانبه؛ أعرب الرئيس الفلسطيني عن تقديره وامتنانه لجهود مصر الصادقة بقيادة الرئيس ومساعيها المُقدرة في دعم القضية الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من مواجهة التحديات المختلفة التي تواجه القضية الفلسطينية، مشيداً بدور مصر التاريخي في هذا الصدد وما يتميز به من ثبات واستمرارية بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء شهد استعراض جهود إعادة أعمار قطاع غزة، فضلاً عن التباحث حول آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، في ضوء التطورات على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية، والتي تمس بدورها أرجاء القضية الفلسطينية، وكذلك الجهود والاتصالات المصرية الإقليمية المكثفة في هذا الإطار خلال الفترة الأخيرة، حيث تم التوافق على مواصلة التشاور والتنسيق المكثف سواء علي المستوى الثنائي أو على المستوى الثلاثى بمشاركة الأردن الشقيق من اجل اعادة احياء عملية السلام.

وقال مسؤول في الرئاسة الفلسطينية "سيجري الرئيسان بحثًا لمجمل التطورات على صعيد القضية الفلسطينية والتطورات الإقليمية".

وتابع: "الإتصالات الفلسطينية-المصرية والتنسيق بين البلدين يجري على أعلى المستويات في مسعى لإيجاد أفق سياسي للتوصل إلى حل".

وسوف يطلع الرئيس الفلسطيني نظيره المصري على تطورات الاتصالات مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي واجتماع المجلس المركزي الفلسطيني.

وكما عقد لقاء فلسطيني-مصري-أردني في القاهرة نهاية الشهر الماضي بمشاركة مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار، بحث سبل إطلاق مسار سياسي فلسطيني-إسرائيلي برعاية دولية.

تاريخ العلاقات الفلسطينية المصرية

مرت العلاقات المصرية - الفلسطينية بمراحل تراوحت بين التعاون وقيام الطرف المصري بأداء دور الوسيط مع الطرف الإسرائيلي ولقد كانت القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى منذ عام 1948.

في عهد مصر الملكية تم رفض دخول قوات اللجنة العربية العليا في الحرب من قبل الحكومة المصرية.

وفي مايو 1948، أرسل الملك فاروق الجيش المصري إلى فلسطين، وخلال الحرب، كتب عبد الناصر الذي كان مشاركا فيها عن عدم استعداد الجيش المصري، قائلاً: «تبدد جنودنا أمام التحصينات». وكان ناصر آنذاك نائب قائد القوات المصرية المسؤولة عن تأمين الفالوجة، التي حوصرت في أغسطس من قبل الجيش الإسرائيلي، ولكن الفرقة رفضت الاستسلام وأدت المفاوضات بين إسرائيل ومصر أخيراً إلى التنازل عن الفالوجة إلى إسرائيل.

وشاركت مصر بوفد في مفاوضات الهدنة مع إسرائيل عام 1949 في رودس، وكان ناصر مشاركًا فيها أيضا، وأعتبر ناصر شروط الهدنة مهينة.

وبعد ثورة 23 يوليو 1952، حاول بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل في سنتي1954 - 1955 إقامة إتصالات مع رئيس الوزراء جمال عبد الناصر فبعث بصمويل ديفون وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية إلي باريس وأمره بمحاولة إقامة إتصال مع السفارة المصرية فيها لعرض مبادرة سلام إسرائيلي مع مصر، فقام صمويل بالإتصال بالمستشار الصحفي في السفارة المصرية بباريس عبد الرحمن صادق الذي نقل العرض الإسرائيلي إلي رئيس الوزراء جمال عبد الناصر الذي أمره بالإستماع لتفاصيل العرض دون التورط بالقبول أو تقديم أية التزامات، وبعد تضاح أن العرض الإسرائيلي هو مجرد صلح مصري إسرائيلي منفرد يقبل بإسرائيل كأمر واقع علي حدود خط هدنة 1949 والذي تحتل بموجبه إسرائيل حوالي 78٪ من فلسطين وترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بعودة اللاجئين الفلسطينيين لقراهم وبيوتهم في كامل فلسطين وترفض أيضًا الإنسحاب لحدود قرار التقسيم الصادر سنة 1974 أدرك أن السلام مع إسرائيل مستحيل، وتيقن من أنها «دولة توسعية تنظر أعرب بازدراء». 

وفي يوم 28 فبراير 1955، هاجمت القوات الإسرائيلية قطاع غزة، الذي كانت تسيطر عليه مصر في ذلك الوقت، وأعلنت إسرائيل أن هدفها هو القضاء على الغارات الفدائية الفلسطينية. شعر عبد الناصر بأن الجيش المصري ليس على استعداد للمواجهة ولم يرد عسكرياً كان فشله في الرد على العمل العسكري الإسرائيلي ضربة لشعبيته المتزايدة  وفي وقت لاحق أمر ناصر بتشديد الحصار على الملاحة الإسرائيلية من خلال مضيق تيران وقام الإسرائيليون بإعادة عسكرة منطقة عوجة الحفير منزوعة السلاح على الحدود المصرية في 21 سبتمبر.

ودعم ناصر حق عودة الفلسطينيين لمنازلهم، ودعى لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي.

وفي يناير 1964، دعا ناصر لعقد قمة الجامعة العربية في القاهرة، لعمل استجابة عربية موحدة ضد خطط إسرائيل لاستخدام مياه نهر الأردن لأغراض اقتصادية، والتي أعتبرتها سوريا والأردن عملاً من أعمال الحرب.

وألقى ناصر باللوم على الانقسامات العربية، ووصف الوضع بأنه «كارثي» وشجع ناصر سوريا والفدائيين الفلسطينيين ضد استفزازات الإسرائيليين، وأعلن أنه لا يخطط لحرب مع إسرائيل وخلال القمة، بدأ ناصر علاقات ودية مع الملك حسين، وأصلح العلاقات مع حكام المملكة العربية السعودية وسوريا والمغرب. وفي مايو، بدأ ناصر يشارك رسميا بدوره القيادي في قضية فلسطين قبل الشروع في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية في مايو 1964 وقد استخدمها ناصر لينظم العلاقة مع الفدائيين الفلسطينيين. وكان رئيسها (ومرشح عبد الناصر الشخصي) هو أحمد الشقيري.

وبعد هزيمة القوات المصرية واحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء المصرية في حرب 1967 عقدت قمة جامعة الدول العربية في الخرطوم في 29 أغسطس، انحسر دور عبد الناصر القيادي المعتاد، حيث قاد العاهل السعودي الملك فيصل رؤساء الدول الحاضرين. أعلن وقف إطلاق النار في حرب اليمن واختتمت القمة بقرار الخرطومأمد الاتحاد السوفيتي مصر عسكريا وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وقطع ناصر العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الحرب.

وبدأت مصر تلعب على توازنات القوى العظمى وفي نوفمبر، قبل ناصر قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المكتسبة في الحرب، والتي تشمل إلى جانب شبه جزيرة سناء قطاع غزة الذي كان تحت السيطرة المصرية قبل الحرب وهضبة الجولان السورية والضفة الغربية التي كانت خاضعة للملكة الأردنية آنذاك ادعى أنصار ناصر أن تحركه كان لكسب الوقت للاستعداد لمواجهة أخرى مع إسرائيل، في حين يعتقد منتقدوه أن قبوله القرار يشير إلى تراجع اهتمامه بالاستقلال الفلسطيني.

وفي يناير 1968، بدأ عبد الناصر حرب الاستنزاف لاستعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل، أمر بشن هجمات ضد مواقع إسرائيلية شرق قناة السويس ثم حاصر القناة.وفي مارس عرض ناصر مساعدة حركة فتح بالأسلحة والأموال بعد أدائهم ضد القوات الإسرائيلية في معركة الكرامة في ذلك الشهر. كما نصح عرفات بالتفكير في السلام مع إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة. بذلك يعتبر ناصر قد دفع فعليا منذ ذلك الحين بقيادة القضية الفلسطينية من شخصه إلى عرفات.

وفي النصف الثاني من عام 1970، بدأت التوترات بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة في الأردن تتزايد، وأطلقت حملة عسكرية عرفت لاحقا باسم أيلول الأسود للقضاء على قوات منظمة التحرير الفلسطينية. دفعت المخاوف من حدوث حرب إقليمية ناصر لعقد القمة العربية الطارئة في 27 سبتمبر، للدعوة لوقف إطلاق النار.