رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أزمة العراق.. دعوات عربية ودولية للتهدئة والحوار

نشر
الأمصار

دخل العراق في أزمة سياسة جديدة بعد إعلان مقتدى الصدر عن اعتزاله للسياسة وأغلق الصفحات الرسمية التابعة له، لتنطلق عقب ذلك جموع الجماهير الصدرية نحو قصر السلام، والقصر الحكومي، واقتحامه، بينما دخل متظاهرون في عدة محافظات المباني الرسمية ودواوين المحافظة.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه اشتباكات العراق، ترتفع دعوات عالمية للتهدئة، تزامنا مع قرارات داخلية تسعى لحقن الدماء.

 

دعوات لوقف الاشتباكات


عبرت فرنسا عن "بالغ قلقها" من سقوط قتلى في احتجاجات بغداد، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "ضبط النفس".
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: إن "فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء الأحداث الجارية في بغداد وفي العديد من المحافظات، التي أوقعت العديد من الضحايا".
وأضافت أن "فرنسا تدعو الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتطالبهم بتحمل المسؤولية ووقف الاشتباكات الدامية على الفور".

كما دعت الخارجية الفرنسية "جميع القادة السياسيين العراقيين إلى إعادة تأكيد تمسكهم بالإطار الدستوري العراقي واحترام نزاهة المؤسسات العراقية التي يجب أن تعمل دون عوائق".
وشدد البيان الفرنسي على "ضرورة أن ينخرط جميع الفاعلين السياسيين العراقيين في حوار وطني حقيقي وبناء يخدم مصلحة الشعب العراقي لتلبية تطلعاته إلى السلام والاستقرار والأمن".
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الإثنين الأطراف العراقية إلى "ضبط النفس" و"اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الوضع".

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم جوتيريش في بيان: إن الأمين العام "يتابع بقلق التظاهرات التي شهدها العراق اليوم، والتي دخل خلالها المتظاهرون مباني حكومية".
وأضاف أن الأمين العام "يدعو إلى الهدوء وضبط النفس، ويحض كل الجهات الفاعلة ذات الصلة على اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الوضع وتجنب العنف".

ونقل البيان عن جوتيريش دعوته "كل الأطراف والجهات الفاعلة إلى تجاوز خلافاتهم والانخراط، من دون تأخير، في حوار سلمي وشامل".
كما حذرت  الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وجامعة الدول العربية ومصر والجزائر من خطورة تطورات العراق، ودعت المحتجين إلى احترام مؤسسات الدولة وحثت القوى السياسية على التهدئة والحوار لحل الخلافات، بحسب بيانات واتصال هاتفي.

وقُتل ما لا يقل عن 33 من أنصار مقتدى الصدر بالرصاص الحي في  المنطقة الخضراء بوسط بغداد  في احتجاجات عنيفة أشعلها إعلان الصدر "اعتزاله" العمل السياسي وتخلّلها اقتحام جمع من المحتجين القصر الحكومي وأعقبتها ليلًا اشتباكات بالأسلحة الرشاشة وقصف بقذائف الهاون.


وأعربت دولة قطر عن قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في العاصمة العراقية بغداد، ودعت جميع الأطراف في العراق إلى التهدئة وتجنب التصعيد وتغليب صوت الحكمة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس .

وشددت وزارة الخارجية، في بيان اليوم، على ضرورة حل الخلافات عبر الحوار السياسي والطرق السلمية بما يحقق تطلعات الشعب العراقي الشقيق في الاستقرار والازدهار.

وجددت الوزارة التأكيد على موقف دولة قطر الثابت والداعم لوحدة العراق وأمنه وسيادته.
وأكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أن استقرار العراق مطلب عربي وإقليمي عاجل.

وقال قرقاش، في تغريدة عبر تويتر، إنه "لا بديل للتهدئة وضبط النفس والحوار البناء بين العراقيين في هذه المرحلة الحساسة ليخرج العراق من أزمته".


وأشار المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إلى أن "المواجهة والعنف ليست في مصلحة العراقيين والمنطقة".
كما دعت الجزائر جميع الأطراف إلى تفضيل لغة الحوار وتغليب المصلحة العليا للبلاد حفاظا على الأرواح والممتلكات، مجددة تضامنها مع العراق قيادة وشعبا.

كما أعربت الجزائر في الأخير عن أملها في أن يتمكن هذا البلد الشقيق من تجاوز المرحلة الراهنة واستعادة أمنه واستقراره بتظافر وتوحد جهود جميع أبنائه.


أزمة العراق


وأمس الإثنين، أعلن زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، اعتزاله العمل السياسي وعدم التدخل في الشؤون السياسية بشكل نهائي وإغلاق المؤسسات التابعة له كافة.

وكان زعيم التيار الصدري قد اقترح، السبت، تنحي جميع الأحزاب السياسية لوضع حد للأزمة في البلاد، حسب بيان نقله عنه صالح محمد العراقي المعروف بـ"وزير الصدر".
ورفضًا لإعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي، اقتحم متظاهرون من أنصار التيار الصدري القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء، ثم أطلقت قوات الأمن النار بكثافة وأبعدتهم عن محيط القصر.
وأشعل إعلان مقتدى الصدر، اعتزاله العمل السياسي عضب مناصري التيار الصدري، ما دفعهم للخروج لـ المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد مبدين اعتراضهم على الوضع ودعمهم لـ الصدر.
وأظهرت مقاطع فيديو مشاهد لأنصار مقتدى الصدر يحاولون إسقاط الكتل الخرسانية حول مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء وسط بغداد، مع سير أنصار التيار الصدري باتجاهات متعددة داخل المنطقة الخضراء بعد بيان مقتدى الصدر.
وأغلقت القوات الأمنية في العراق جميع بوابات المنطقة الخضراء، وسط بغداد والتي تضم المؤسسات السيادية والسفارات الأجنبية، لكن انصر التيار الصدري تمكنوا من اقتحام القصر الجمهوري.
ونتيجة لذلك أعلنت قيادة العمليات المشتركة في العراق، حظر التجول الشامل في العاصمة العراقية بغداد، وذلك على وقع تزايد التوتر في المشهد العراقي بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، انسحابه من المشهد السياسي والعمل العام.
وقالت قيادة العمليات المشتركة في العراق، في بيان، إن حظر التجوال الشامل في بغداد يشمل المركبات والمواطنين كافة اعتبارا من الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر اليوم الاثنين.

وكانت قيادة العمليات المشتركة دعت المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء، مؤكدة أنها التزمت أعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي.


سبب الأزمة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي


كانت هناك أزمة سياسية في العراق منذ الانتخابات البرلمانية أكتوبر 2021، حيث عجز أعضاء مجلس النواب العراقي عن تشكيل حكومة ائتلافية مستقرة، أو انتخاب رئيس جديد ما نجم عن وقوع النظام السياسي بمأزق، واشتد التوتر منذ انتخابات أكتوبر التي برزت فيها حركة الصدر كأكبر كتلة لها 74 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 وتراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقًا.

وعلى الرغم من تضاؤل عدد ممثليها في البرلمان، فقد تمكنت الجماعات المتحالفة مع إيران من إحباط الصدر من خلال حرمانه من الحصول على ثلثي النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس دولة كردي.
وشعر الصدر بالإحباط من هذا المأزق وطلب من نوابه الانسحاب من البرلمان في يونيو، وأخلت هذه الخطوة عشرات المقاعد للإطار التنسيقي، مما يعني أنه قد يحاول تشكيل حكومة من اختياره، رغم أن ذلك قد يجازف بإغضاب الصدر.

ثم طرح خصوم الصدر مرشحا وهو محمد شياع السوداني، الذي يعده أنصار الصدر من الموالين للمالكي، أحد أهم خصوم الصدر، مما أشعل فتيل الاحتجاجات.

وقال رئيس الكتلة الصدرية البرلمانية المستقيلة حسن العذاري، في تغريدة، إن الصدر "أعلن إضرابًا عن الطعام حتى يتوقف العنف واستعمال السلاح".

كما حث زعيم تحالف الفتح أحد مكونات "الإطار التنسيقي" هادي العامري، في بيان، جميع الأطراف على التهدئة وناشدها التوقف عن استخدام السلاح، واللجوء إلى الحوار والتفاهم.
ودعا "الإطار التنسيقي" عبر بيان، التيار الصدري للعودة إلى طاولة الحوار والعمل من أجل الوصول إلى تفاهمات مشتركة تضع خارطة طريق واضحة تعتمد القانون والدستور لتحقيق مصالح الشعب.

وعاد صالح محمد العراقي "وزير الصدر" بالتغريد مجددًا، اليوم الثلاثاء، بعد اغلاق جميع حساباته على مواقع التواصل أمس، وطالب بانسحاب "الفصائل" من المنطقة الخضراء في بغداد.

وجاء بيان "وزير الصدر"، بعد كلمة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والتي دعا فيها أتباعه للانسحاب من أماكن اعتصامهم في المنطقة الخضراء خلال 60 دقيقة.

وقال الوزير، في بيان هو الأول بعد نحو 24 ساعة على اغلاق حساباته على مواقع التواصل، إنه "على الفصائل المسلحة وإن كانت منتمية للحشد الشعبي تحت أي عنوان.. أن تخرج من المنطقة الخضراء.. لتأخذ القوات الأمنية زمام الأمور فوراً"، مشددًا ً "وإلا فلا هيبة للدولة".

وشهدت المنطقة الخضراء، اليوم الثلاثاء، انسحاب انصار التيار الصدري من المنطقة الخضراء بعد أوامر زعيمهم مقتدى الصدر بالانسحاب خلال ساعة على اقصى حد.

وبدأ انصار التيار انسحاباً جماعياً من بوابات المنطقة الخضراء وابرزها بوابة التشريع وكذلك عبر جسور الجمهورية والسنك.

وأظهرت لقطات مصورة حمل أنصار التيار أسلحتهم وهم يهمون بالخروج من المنطقة المحصنة والتي تحولت لساحة قتال ومباشر على مدار الليلة الماضية وهذا اليوم حتى بدأ مؤتمر زعيم التيار الذي أوقف حالة المواجهة المباشرة.