رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: كوميديا ساخرة

نشر
الأمصار

طهران – واشنطن شريكان غير متجانسين، رغم حربهما المضحكة في ساحات الإعلام المفتوح، لن يستغني أحدهما عن الآخر، وهما يحققان ما يصبوان له من خراب يهز قواعد الأمن البشري، يجيدان رسم سيناريوهات حرب هزيلة في زمن شرق أوسط هزيل.
الإعلام أفضل ساحات الحرب المستحدثة، تحشد الرأي العام، وتحقق هدفها السياسي الهزيل، بأسلحة منتهية الصلاحية، دون خسائر في الأرواح أو المعدات، لا نرى دخان حرائقها إلا في قنوات فضائية، وتصريحات نارية يطلقها اللاعبون المحتمون خلف مكاتب فارهة.
كوميديا في عصر القنوات السابحة في فضاء حر، أبطالها عسكر وسياسيون، أجادوا أداء الأدوار الساخرة، في نص تراجيدي، لم يعد يستهوي أحدا، فالجمهور المعاصر تحصن من داء التلاعب بالعقول .
إيران – أمريكا شريكان عابثان بالشرق الأوسط، أدرك العالم همجيتهما، وتلاعبهما غير المنقطع بالعقول البشرية، بدا مشهدهما مضحكا وهما يخوضان حربا كارتونية لا تخدش أحدا.
مأساة عروضهما "الكوميدية" أضحت تراجيديا قاتلة في العراق وفلسطين وأفغانستان ولبنان واليمن وسوريا، شريكان في كتابة النصوص وأداء الأدوار في حفلات العروض، لن يخجلا من ضحالة ما يستمران في تقديمه، ضنا بقدرتهما في الاستخفاف بالعقول التي تستهجن دجلهما الديني والسياسي معا.
إيران تهدد دول الشرق الأوسط بتدمير شامل يخرجها من دائرة الحياة، لو استهدفت أمريكا جغرافيتها في ضربة عسكرية، لكنها فشلت في وأد انتفاضة العراق التي تحرق ذيول "ولاية الفقيه" الواحد تلو الآخر، وواشنطن تتفرج على تراجيديا سيلان دم المنتفضين.
ارتباك وفوضى في عرض المشهد السياسي الإيراني الراهن،.تخبط إيراني في مواجهة الموقف الكارثي، لا يشبه خطاب القوة في تهديدها أمن دول الشرق الأوسط، وكأنها لم تعد تملك ما تقول للرأي العام، سوى قدرة الكر والفر في معارك إعلامية خاسرة.
أزمة تتفاقم، لن تجد عقلا يدير تداعياتها، فتوالدت أزمة تلو أزمة، فاقت قدرة استيعابها، قبل المحاولات العبثية لاحتوائها، فالمنطلق كان خاطئا منذ البدء، رسمته مخيلة "ولاية الفقيه" نصرا عظيما سيثير إعجاب العالم بها قوة إقليمية لها فرض شروط وجودها.
جبهات تعددت يقف النظام الإيراني عاجزا عن احتوائها بخطابه الإعلامي غير المقبول، وميليشياته الطائفية المسلحة هنا وهناك وعصاباته المتخصصة في قتل واختطاف الصحفيين والناشطين والمنتفضين ضد سياساته التي تهدد أمن وسلامة الشرق الأوسط برمته.
النظام الإيراني لم يمتلك مستلزمات القوة منذ البدء، ولم تكن له قدرة انتزاع قواعد النفوذ في دول عربية، لولا شراكته في غزوات جورج بوش وخطة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الداعية إلى "إعادة تأهيل الدور الإيراني في الشرق الأوسط"، الخطة التي أسقطها الرئيس دونالد ترامب، فكشف عن ضعف "الولي الفقيه" في إدارة الأزمات حين يرفع عنه الغطاء الأمريكي، مستدرجا إياه إلى مشهد سياسي مرتبك.