رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بديع يونس يكتب: إيران.. والإرهاب التكفيري

نشر
الأمصار

نقلا عن أساس ميديا..

 

في المقال السابق بعنوان: "إيران نفّذت 360 اغتيالاً بـ40 دولة"، انطلقنا من سياسة الاغتيال وأيديولوجية القتل والموت التي تحدّدها "فتوى" أو استراتيجية سياسية عبر غسل أدمغة أو وعود قيادية أو رضا "صاحب الزمان والمكان ونائبه" عن المهاجم، لأسباب مرتبطة بما سمّاه الخميني "الثورة الإسلامية في إيران". لكنّ الكلام في السنوات الأخيرة عن تقاطع المصالح بين نظام الملالي والجماعات المتطرّفة ليس ترفيهاً إعلاميّاً، بل ينطلق من علاقة تاريخية مع هذه الجماعات بدءاً من العلاقة مع جماعة الإخوان الإرهابية، مروراً بالقاعدة، ووصولاً إلى "شمّاعة داعش".

غالباً ما تُفاجأ الأغلبيّة لدى الحديث عن علاقة قد تربط بين الضدّين شكليّاً، التطرّف الشيعي والتطرّف السنّيّ. الأوّل يتمثّل بالنظام الإيراني وولاية الفقيه، والثاني يتمثّل بجماعة الإخوان والقاعدة وداعش. يجتمعان على "ولاية الفقيه" بشقّيها السنّيّ والشيعي. يفوت كثيرين أنّ عرّاب التطرّف السنّيّ أو الجماعة الأمّ لهذا الفكر تنطلق من جماعة "الإخوان المسلمين". ولفهم المصلحة المشتركة التي تربط بين نظام خامنئي والقاعدة وداعش لا بدّ من العودة إلى علاقة الخميني بجماعة الإخوان المسلمين.

تكثر المعطيات الموثّقة حول العلاقة التي تجمع النظام الإيراني بجماعة الإخوان على الرغم من أنّه في الظاهر تبدو مستحيلة

 

 

فرحة "الإخوان" بثورة الخميني

في تاريخ الإخوان نلمح طيف الشيخ حسن البنّا (المرشد الأوّل للجماعة) وهو يشدّ الرحال نحو "التقارب بين السنّة والشيعة". وفي كتاب ثروت الخرباوي (الإخوانيّ المرتدّ) الذي حمل عنوان "أئمة الشرّ – الإخوان والشيعة أمّة تلعب في الخفاء"، نلحظ العلاقة في تفاصيلها بين الخميني وحسن البنّا في لقاء جمعهما في مصر في نهاية الثلاثينيّات من القرن العشرين، التي كُشِف عنها في العقد الأخير. كان حلم حسن البنّا الأكبر هو "توحيد" المسلمين تحت راية واحدة على أن يكون هو "الإمام والخليفة والحاكم" وأن تكون "جماعة الإخوان سيّدة العالم". انتقل هذا الفكر إلى عمر التلمساني الذي أصبح المرشد الثالث للجماعة. وبعد تولّيه منصبه بـ3 سنوات قامت الثورة الإسلامية في إيران. يقول الخرباوي: "ارتفعت مشاعرنا عنان السماء عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران". بعدها ذهب وفد من الإخوان إلى إيران لتوجيه التهنئة. وهذه النقاط حول العلاقة تُذكَر في كتاب الباحث الإيراني عباس خامه يار بعنوان "إيران والإخوان المسلمين"، وتتقاطع مع ما كتبه الخرباوي.

بعد الثورة الإيرانية، بدأت جماعة الإخوان بتكوين تنظيم لها في إيران وأطلقت على نفسها اسم "جماعة الدعوة والإصلاح". وقبلها، وبسبب تأثّره بحسن البنّا، اختار الخميني لقب "المرشد" لنفسه. وفي عصر خامنئي تمّت ترجمة كتب للسيّد قطب إلى الفارسية. ولدى تسلّم جماعة الإخوان الحكم في مصر عام 2012، كانت الزيارة الأولى للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي إلى طهران.

مرحلة السودان

لا يمكن الحديث عن العلاقة مع الإخوان في السنوات اللاحقة بدون المرور بالسودان. ففي عام 1992 وفي لقاء كان عرّابه حسن الترابي (القيادي الإخواني في السودان)، التقى وفد الحرس الثوري أسامة بن لادن برعاية الترابي الذي كان يؤمن بالتقريب بين المذاهب، وله طروحات في ذلك. وقد كان القيادي الشهير في الحزب (اغتيل في سوريا عام 2008) عماد مغنية ضمن ذلك الوفد (وفق ما كُشف أخيراً)، ولاحقاً دُرِّبت عناصر القاعدة في لبنان، بحسب وثائق قضائية كشفت عنها محكمة نيويورك أثناء الحكم بأحداث 11 أيلول في 2016. وبدأت تتطوّر مذّاك تلك العلاقة مع التنظيم التي نسردها في مقالات لاحقة.

تكثر المعطيات الموثّقة حول العلاقة التي تجمع النظام الإيراني بجماعة الإخوان على الرغم من أنّه في الظاهر تبدو مستحيلة. وفيما لا شيء مستحيل في السياسة والمشاريع الكبرى التي ظاهرها ديني وباطنها سياسي، ننطلق من هنا للقول بأنّ العلاقة بين النظام الإيراني والجماعات السنّيّة المتطرّفة لا يعترضها الاختلاف بين التطرّف الشيعي والتطرّف السنّيّ، بل قد تعترضها مصالح أو قد تجمعها مصالح أخرى.

من هنا ليست مفاجئة تصريحات القيادي المقرّب من زعيم التيّار الصدري، مقتدى الصدر، أو ما يُعرف بـ"وزير الصدر" صالح محمد العراقي، في تغريدات على تويتر، بأنّ "نهج "الإطار" (حلفاء إيران بالعراق) أصابه العوار"، وأنّه "لا يملك قراره"، وهو "مليء بالتناقضات وقريب من جماعة الإخوان".