رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن الكناني يكتب: تشاد تنحر ضحاياها في دارفور

نشر
الأمصار

تزداد حدة الحرب الأهلية في ظل متناقضات دولية تفوق حدة التناقض العرقي الراغب في التقسيم السياسي، إنها حدة تناقض المصالح السياسية و الاقتصادية الدولية و الإقليمية في إقليم دارفور السابح ككرة في بحر من النفط المكتشف من قبل شركة شيفرون الأمريكية ، تحول إلى كرة سابحة في بحر من الدماء.
الأجواء الدافئة لا تداوي جروح المتناقضات العرقية في السودان الواقع فوق سندان التقسيم المعبر عن إرادة القوى الدولية المتنفذة، وحظوظ استتباب السلام بين الأعراق المتصارعة أعلنت عن غيابها منذ البدء،  والقيادة السودانية التي تقابل قادة الحركات المسلحة المتمردة  في دارفور،تدرك سر ضعفها في ظل تدخلات وأطماع دول الجوار و الدول الكبرى المؤثرة في  مستقبل إقليم دارفور و وحدة السودان.
أعنف مواجهات يشهدها إقليم دارفور منذ توقيع اتفاق للسلام في أكتوبر 2020 كان يؤمل أن يضع حدا للحرب الدموية، في أرض باتت لغة السلاح فيها هي اللغة الأوحد.
يتجدد العنف الأهلي بعدما أنهت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) رسميا مهمتها التي بدأتها في 2007، على أن تتولى حكومة السودان مسؤولية حماية المدنيين.
وكشفت مؤتمرات السلام عن تضارب حسابات الدول الفاعلة بالصراع ألداخلي.. من خلال ألتوافد المذهل  للوفود الإعلامية والسياسية الآتية من ألصين ألمستثمر ألذي يحتل ألمرتبة ألأولى في ألخرطوم معبرا عن نجاح خطة تدخله في أفريقيا وعواصم أسيوية وأوربية وأمريكية، حاملين ملفات التناقضات حول مستقبل إقليم دارفور وثرواته الهائلة التي جعلت لكل  طرف دولي أجندة خاصة به في حيثيات الحضور في أزمات دولة السودان.
دارفور .. ألقادرة على إرواء  عطش العالم الغربي للنفط : تحولت إلى مساحة لصراع النفوذ بين فرنسا والولايات ألمتحدة الأمريكية وجذبت حتى الصين التي تقرر لأول مرة في تاريخها السياسي ألمشاركة بقوة سلام دولية خارج حدودها وتحديدا في دارفور، وفرنسا ترى نفسها الأحق بنفط دارفور الواقعة في جغرافية دول المنظمة الفرنكفونية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي تتبنى ألفصائل المتمردة ترى حقها قائما دون سواها في نفط يعود الفضل إليها في اكتشافه، وبين الإستراتيجية الأمريكية و الإستراتيجية الفرنسية يشتد التناقض ألذي يجعل كل الأطراف ألأخرى على هامش المؤثرات.
و لعبة الصراعات والتناقضات القبلية و العرقية هي التي تجعل السلام أبعد ما يكون في دارفور بعد ما كان على قلب سودان موحد، المتمردون يتهمون حكومة الخرطوم بتفجير الصراعات العرقية و القبلية من أجل أن لا يتوحد سكان دارفور في انتزاع حقوقهم السياسية و الاقتصادية: عبر دعم ميليشيات من القبائل العربية "الجندويد والزريقات والهبانية" لكن الأمر أكبر من ذاك بكثير.
 و الغريب أن قادة المتمردين ليسوا أصيلي دارفور  في معظمهم، فهم ينتمون إلى قبيلة الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي التي لها امتداد في ليبيا،باستثناء قبيلة فور التي يتزعمها عبدالواحد محمد نور المقيم في فرنسا.
وكل هذه المؤثرات الدولية و الإقليمية تجعل القارة الإفريقية مسرحا لحروب تزيدها فقرا وجفافا.